:
❂ يقولُ إمامُنا الرضا " عليه السلام":
(إنّ المُحرّم شهرٌ كان أهلُ الجاهليّةِ يُحرّمونَ فيه القتال، فاستُحلّت فيه دِماؤنا، وهُتِكت فيه حُرمتُنا، وسُبيَ فيه ذرارينا ونِساؤنا، وأُضرمت النيرانُ في مضاربِنا، وانتُهِب ما فيها مِن ثِقلِنا، ولم تُرْعَ لرسولِ اللهِ حُرمةٌ في أمرنا،
إنّ يومَ الحسينِ أقرح جُفوننا، وأسبل دُموعَنا، وأذلَّ عزيزَنا بأرضِ كربٍ وبلاء، أورثتْنا الكربَ والبلاءَ إلى يومِ الانقضاء، فعلى مِثل الحسينِ فليبكِ الباكون، فإنّ البُكاءَ عليه يحطُّ الذنوبَ العِظام)
[العوالم]
[توضيحات]
• قولِهِ: (أقرح جُفوننا) أي: جرّحها حتّى أسال منها الدمَ على وجهِ الحقيقة،
فأهلُ البيتِ يبكون للحسينِ وعلى الحسينِ دُموعاً حمراءَ جَزَعاً وهَلَعاً وحسرةً وتأسُّفاً، ولوعةً لِما جرى على الحسين، كما يقولُ إمامُ زمانِنا في زيارةِ الناحيّةِ المقدّسة مُخاطِباً جدّهُ الحسين:
(فلأندبنّكَ صباحاً ومساءً ولأبكينَّ لكَ بدل الدموعِ دماً حسرةً عليكَ وتأسُّفا على ما دهاك وتلهُّفا، حتّى أموتَ بلوعةِ المُصاب وغُصّةِ الاكتئاب)
قولِهِ: (حتّى أموتَ بلوعةِ المُصاب)
الإمام يُشيرُ هنا إلى أنّ عصرَ الدولةِ المهدويّةِ (التي هي مقدّمةٌ لعصرِ الرجعةِ العظيمة) هذا العصرُ سينتهي، وينتهي فيه حُكمُ إمامِ زمانِنا ويرحلُ إمامُنا عن الدنيا ولوعةُ قتلِ الحسينِ لا تزالُ تستعِرُ في قلبِه، كما يقولُ في الزيارة:
(حتّى أموتَ بلوعةِ المُصابِ وغُصّةِ الاكتئاب)
والسبب: لأنّ ثأرَ الحسينِ لم يتحقّق بعد،
وإنّما تحقّقت منه مرحلةٌ فقط،
فالثأرُ الحسينيّ على مراحل
المرحلةُ الأولى مِن الثأرِ الحسيني تتحقّقُ على يدِ إمامِ زمانِنا في زمنِ الدولةِ المهدويّةِ العظمى التي هي على عظمتِها تُمثّلُ مُقدّمةً لعصرِ الرجعة العظيمة
وعند اقترابِ نهايةِ الدولةِ المهدويّةِ سيعودُ سيّدُ الشهداءِ إلى الدنيا ويفتتحُ عصرَ الرجعةِ العظيمة،
وسيحكمُ سيّدُ الشهداء مُدّةً طويلة بعد انتهاءِ الدولةِ المهدويّة، وفي هذه المرحلة (مرحلةُ رجعةِ الحسين) ستتحقّقُ المرحلةُ الثانية مِن الثأرِ الحسينيّ على يدِ سيّدِ الشهداء،
أمّا المرحلةُ الثالثةُ للثأرِ الحسينيّ فستكونُ على يدِ أميرِ المؤمنين وذلك بعد أن يُقتَل سيّدُ الشهداءِ للمرّة الثانية في أيّامِ حُكمِهِ!
فالرواياتُ تُحدّثُنا عن قتلٍ ثانٍ لسيّدِ الشهداء سيكونُ في عصرِ الرجعة، وسيكونُ هذا القتلُ في كربلاء أيضاً، وسيكونُ أشدَّ مِن قتلِ الحسينِ الأوّل سنة 61 والذي نعيشُ ذكراه هذه الأيّام!
فظلامةُ الحسينِ ظلامةٌ عظمى لا نظير لها، كما نقرأ في زيارةِ عاشوراء:
(وعظُمت مُصيبتكَ في السماواتِ على جميع أهلِ السماوات)
بعد أن تتحقّقَ المرحلةُ الثالثة مِن الثأرِ الحسيني على يدِ أميرِ المؤمنين حين يخرجُ ثائراً للحسين بعد قتلِهِ الثاني.. تبدأُ بعد ذلك الدولةُ العَلَويّةُ العُظمى التي يعودُ فيها سيّدُ الشهداء مُجدّداً ويعودُ الأئمةُ جميعاً
في هذا المقطع الزماني ستحقّقُ المرحلةُ الرابعةُ للثأرِ الحسيني على يدِ سيّدِ الشهداءِ والأئمةِ "صلواتُ اللهِ عليهم" كما نقرأ في دعاء الثالث من شعبان:
(حتّى يُدركوا الأوتار، ويثأروا الثار، ويُرضوا الجبّار، ويكونوا خيرَ أنصار)
أمّا المرحلةُ الخامسة والأخيرة مِن الثأرِ الحسينيّ فستكونُ في يومِ القيامةِ الكبرى، وذلك بعد انتهاءِ عصرِ الرجعةِ العظيمة وانتهاءِ الدنيا
ولابُدّ أن نعرفَ أنّ الثأرَ الحسينيَّ ليس ثأراً عشائريّاً.. الثأرُ الحسينيُّ ثأرٌ إلهيٌّ كما نُخاطبُ الحسينَ في الزيارة: (السلامُ عليك يا ثارَ الله) يعني يا دمَ الله، فالثأرُ هو الدم،
مِن هنا كان الثأرُ الحسينيُّ على مراحل..
ومِن هنا نفهم لماذا يقولُ إمامُ زمانِنا في زيارةِ الناحيةِ المُقدّسة: (حتّى أموتَ بلوعةِ المُصاب وغُصّة الاكتئاب)
لأنّ انتقامَ القائم مِن قتَلةِ الحسين يُمثّلُ مرحلةً فقط من مراحل الثأرِ الحسيني، وليس ثأراً كاملاً..
• قولُ إمامِنا الرضا: (أورثتنا الكربَ والبلاءَ إلى يومِ الانقضاء)
لاحظوا أنّ الإمام لم يقل: أورثتنا الكربَ والبلاءَ إلى "يوم الظهور" وإنّما قال: "إلى يومِ الانقضاء" يعني إلى آخرِ يومٍ في أيّامِ ومواقفِ القيامةِ الكبرى
ويومُ القيامةِ الكبرى يتألّف مِن خمسينَ موقف، وكلُّ موقفٍ تستمرُّ الحياةُ فيه ألفَ سنة،
ولوعةُ قتلِ الحسين تُلازمُ أهلَ البيتِ إلى آخرِ يومٍ مِن أيّامِ القيامةِ الكبرى!
حديثٌ مُؤلم جدّاً..!
إنّه يصِفُ لنا حالَ العترةِ الطاهرةِ بعد قتلِ الحسينعليه السلام!
فهل هذه الأُمّةُ التي أورثتْ الكربَ والبلاءَ لعترةِ النبيِّ.. هل تنالُ هذه الأمّةُ توفيقاً؟!
إنّها أُمّةٌ ضالّة، بائسةٌ، مُتحيّرة،
أُمّةٌ سُلِبَ منها التوفيق..!
:
الّلهُمّ يا ربّ الحسين، بحقّ الحسين، اشفِ صدْرَ الحسين بِظُهور الحُجّة عليه السلام"
منقول بتصرف