إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تأملات في أوراق الطف امل شبيب الاسدي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأملات في أوراق الطف امل شبيب الاسدي




    الآباء تختلف كما الأطفال في التعامل والمحبة،نعم وكلمة بابا ايضٌا واضح الفرق فيها بين شفاه تنطقها مجرد حروف،وبين ذاك الذي سرى في شراينه اللفظ والمعنى.هناك أحياء من ألآباءلكنهم في عداد الموتى،والعكس صحيح. عيناها الواسعتان قبل أن تنام تتفحص السماء لتختزن في الذاكرة فكرة،اوتحاكيها بدعاءٍ ورجاء،ثم تستسلم للنوم بدون وسادة،هي نائمة ألآن بعد أن عانقها ألوسن، وبعد مجيئه عَلِم بذلك،جاء إلى فراشها وجد الأميرة المدللة نائمة، أطال النظر الى وجهها الملائكي،رحل عنه التعب، تقدم بخطوة ليتركها الا أنه تراجع؛حيث وجدها بغير وسادة،تمدد معها طولًا ومدَّ ذراعه ليكون الوسادة التي تنام عليها،وبين الحين والحين تلتف تلك الذراع وتحيط رقبتها بحنان الأبوة،وتلتقي الأنفاس معًا،وتأتي أفكار القلق تتراقص إمام عينيه،يسأل نفسه بهمس،ابنتي رقية: ترى ماذا يخبئ لك الزمن؟!
    بساتين واسعة المساحة نزرعها بالمحبة،ونُسيّجها بالأمل لفلذات أكبادنا،وأهل البيت هم من أسسوا ذلك وبهم نقتدي وقول الإمام الحسن عليه السلام يؤكد هذا ،قال: ( ووَجَدْتُكَ بَعْضِي - بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي - حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي) .وقد أجابت تلك الاعرابية حينما سألوها: أي الابناءأحبّ إليك ،قالت :" الصغير حتى يكبر ، والمريض حتى يشفى ، والغائب حتى يعود " نعم ،كان أُنس رقية بنت الحسين عليه السلام،ذلك الوقت المهم في حياتها الذي اقتطفته من سني عمرها الصغير وهو الأجمل من أيامها، حيث خوَّلت لنفسها عملا يقع على عاتقها، ففي كل يوم وقبل فريضة الصلاة تفرش سجادة والدها وتنتظر مع الملائكة حضوره، وفي يومٍ طال الانتظار دون جدوى حينما أُستشهد واتخذ التراب وسادة له، وبقيت الصدمة ملازمة لها حين تسأل عنه ولا احد يجيبها خوفا على صحتها المتدهورة.
    لقد حضرت السيّدة رقية(عليها السلام) واقعة كربلاء، وهي بنت ثلاث سنين، ورأت بأُمّ عينيها الفاجعة الكبرى والمأساة العظمى، لما حلّ بأبيها الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه من القتل، ثمّ أُخذت أسيرة مع أُسارى أهل البيت(عليهم السلام) إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام.لقد سالت الدماء من قدميها الصغرتين ،وتعثرت بعتاب ترسله لوالدها،ولاتعلم بحاله واستشهاده، أنها تسير مع الاسارى متعبة محدثة والدها بهمس مع نفسها قائلة: أبتي أين انت؟ اشكو اليك ألم ضلعي ،وجرح قدمي، وعطشي،أني مشتاقة اليك! ما أصدقه من حب متبادل،نتذكر معًا حين ناداها الإمام الحسين (عليه السلام) ونطق بإسمها في أكثر من موضع وحادثة، وخصوصاً في الساعات الأخيرة من عمره الشريف عندما أراد أن يودّع أهله وعياله نادى بأعلى صوته وذكر اسمها مع اسماءكوكبة أخرى.
    ويبقى في الذاكرة ذلك الموقف القبيح الذي فيه أمر اللعين يزيد أن تُسكن الأُسارى في خربة من خربات الشام، وفي ليلة من الليالي قامت السيّدة رقية فزعة من نومها وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً شديداً، فلمّا سمعن النساء بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال، وارتفع العويل والبكاء.
    فانتبه يزيد (لعنه الله) من نومه وقال: ما الخبر؟ فأخبروه بالواقعة، فأمر أن يذهبوا إليها برأس أبيها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطّىً بمنديل، فوُضِع بين يديها، فلمّا كشفت الغطاء رأت الرأس الشريف نادت: «يا أبتاه مَن الذي خضّبك بدمائك؟ يا أبتاه مَن الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه مَن الذي أيتمني على صغر سنّي؟ يا أبتاه مَن بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه مَن لليتيمة حتّى تكبر»؟
    ثمّ إنّها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاءً شديداً حتّى غشي عليها، فلمّا حرّكوها وجدوها قد فارقت روحها الحياة، فعلى البكاء والنحيب، واستجدّ العزاء، فلم يُرَ ذلك اليوم إلّا باكٍ وباكية. أي قلب يمتلك يزيد واعوانه،أي حقد تسبح فيه قلوبهم ؟! وهل لمثل هذه الانوار التي تمشي على الاالا السلام ! فالسلام بعد الله،منهم واليهم ،وقد خصهم الله بالكرامات كبيرهم وصغيرهم ولمولاتي السيدة رقية من الكرامات تُذكر، منها:
    أثناء مسير قافلة السبايا بعد أن غابت الشمس، توقفت القافلة قليلاً، وحين أرادوا اكمال المسير وجدوا الرمح الذي كان عليه رأس الإمام الحسين (ع) ثابتا في الأرض لا يتحرك..
    رغم محاولات حامله أن يحركه أو ينتزعه فلم يستطع.. فاستعان بمن كان معه فلم يفلحوا.
    فلجأوا للإمام السجاد (ع) سائلين! فأمرعمته السيدة زينب (ع) بتفقد الأطفال، وتتأكد من عدم فقدان أحدهم.فأخذت السيدة زينب (ع) تتفقدهم واحداً واحداً فاكتشفت فقدان الطفلة ( رقية ) فأخبرت الإمام زين العابدين علي السجاد (ع) بذلك، فأخبر الإمام السجاد (ع) الجنود:
    أن الرأس لن يتحرك قبل العثور على الطفلة.. وحين بحثوا عنها ولم يجدوها..أشار عليهم الإمام أن يبحثوا في الجهة التي ينظر إليها الرأس الشريف، وحين توجهوا وجدوا الطفلة نائمة تحت فيء نخلة بعد أن أتعبها السير المتواصل، فجاءها أحد الجنود و أيقظها برفسةٍ من رجله ثم ضربها بسوطه، وبعد أن عاد بها احتضنتها السيدة زينب (ع) ومسحت دموعها، وعند ذلك تحرك الرمح من مكانه.ان لقصة شهادة يتيمة الحسين (عليه السلام) رقية في الخربة بدمشق تؤلم كل ذي قلب حنون، وكل من يحمل المعاني السامية الإنسانية، ويستطيع الزائر لمقامها المبارك أن يحسّ بمظلومية هذه اليتيمة وما جرى عليها وعلى أهل بيتها (عليهم السلام) بمجرّد أن يدخل مقامها الشريف خاشعاً متواضعاً، فسرعان ما ينكسر قلبه ويجري دمعه على خدّيه، إنها المظلومة التي تحرّك الضمائر الحية وتهزّ الوجدان من الأعماق وتجعل الإنسان ينحاز إليهم ويلعن ظالميهم وغاصبي حقوقهم.( أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).(هود: 81) .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X