اللهم صل على محمد ول محمد
ذكر الله تعالى أماكن دفن أجساد البشر في الحياة الدنيا باسم ( القبور ) ،
ولكن عندما وصف كيفية البعث والخروج يوم القيامة ذكر أماكن الخروج بإسم ( الأجداث ) ولم يقل القبور ، فما هو الفرق بينهما ؟
ذكرت كلمة القبر في القران الكريم في حوالي ثمانية مواضع في سور متفرقة وهي :
وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ { الحج 7 }
إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ { فاطر 22 }
قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ { الممتحنة 13 }
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ { الانفطار 4}
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ { العاديات 9
وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ { التوبة 81 }
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ { عبس 21 }
حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ { التكاثر 2 }
أما الأجداث فقد ذكرت ثلاث مرات في القرآن الكريم ، وذلك في :
1-( ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث الى ربهم ينسلون ) { يس 51 } .
2- ( خشعا أبصرهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) { القمر 7 } .
3- ( يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم الى نصب يوفضون ) { المعارج 43 } .
ومن تلك الأيات يتبين لنا عدة نقاط :-
1-من الأيات السابقة نلاحظ بشكل واضح أن الخروج يوم القيامة يكون من الأجداث وليس من القبور .
ولكن لماذا ؟ وما هو الفرق ؟
... اين القبر الذي سيخرج منه ذلك الذي مات غريقاً في بحر او نهر وأكلت جسده الأسماك ؟
أين القبر الذي سيخرج منه ذلك الذي مات في البرية وأكلت جسده الوحوش وطيور السماء ونثرت تراب عظامه رياح الصحراء ؟
أين القبر الذي سيخرج منه ذلك الذي مات في مجتمع يحرق أجساد موتاه وينثر رمادها في الهواء او في الأنهار ؟
من خلال هذه التساؤلات نكتشف أن الأجداث لا تعني القبور ، حيث ان تلك القبور التي نراها موجودة حالياً سوف تُبعثر
( وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ) وستتحطم ويتغير اماكن وجودها من جراء تحرك صفائح الارض وارتجافها وزلزلتها وغيرها من التغيرات الجغرافية التي تحدث للأرض في يوم القيامة .
بـمعنـي أن قـبـور الدنيـا سـوف تتـلاشـى وتـبقـى
" الأجداث " مبعثرة ومختلطة بتراب الارض أينما وُجدت .
والآن لنبحث في القرآن عن كيفية الخروج من تلك الأجداث .
يقول الله تعالى 😞 وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ )
واضح من الآية ان كيفية الخروج من الأجداث هي كما تنبت الجنات وحبوب الحصيد وغيرها من النباتات عندما ينزل عليها الماء من السماء .
فالأجداث هي ذرات متناهية الصغر من خلايا الجسد ينبت منها كل انسان مات في الحياة الدنيا وحيثما كانت تلك الذرة ينبتها الله وينسل منها جسد المبعوث .
قال الله تعالى :-
وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18
2-ونلاحظ أن الأيات التي تتحدث عن القبور : يقصد بها الأماكن التي دفن فيها الموتى ، سواء تحدثت الآيات عن أن الله تعالى سيبعثهم يوم القيامة أو تحدثت عن بعثرة القبور يوم القيامة أو تحدثت عن أن سكان القبور لا يسمعون لأنهم موتى ، فإن المعنى الثابت للقبور يظل هو المكان الذي دفن فيه الموتى .
أما الآيات الثلاث التي تتحدث عن الأجداث : فهي لا تتحدث عن موتى ، بل تحدثت عن أحياء ، لأنهم في آية يس ينسلون ، وفي آية القمر يخرجون وأبصارهم خاشعة ، وفي آية المعارج يخرجون سراعاً ، وهذا يعني أن الأجداث لم تعد قبوراً .
ومن هنا ندرك الفرق بين القبور والأجداث ، حيث القبور هي الأماكن التي دفن فيها الموتى ، وأما الأجداث فهي نفس الأماكن ولكن بعد أن بُعِث منها الموتى وعادت إليهم الحياة مرة أخرى .
لذلك يستخدم القرآن الكريم كلمة أجداث في حالة الخروج والركض والسرعة .
ويستخدم كلمة القبور في حالة السكون والهمود المطلق .
تعليق