هناك علاقة كبيرة ما بين أخلاق المقاتل ومنجزه ،، بين إيمانه ودوافع هذا الإيمان ، النوايا التي تخلق الثبات ربّ موقف صغير أو لمحة خاطر تحدد مصير جيش بكامله حكمة معصوم لا تتبع أهواء الحرب نواميسها ، ولا تهمه النتيجة بقدر صلاح الموقف ، فمن يريد كيس الأمير لاشغل لديه مع قائد بهذه السمات قائد يعلن لجيشه بلوغ الفتح ويقصد الشهادة ، لا اعتقد انه يستطيع ان يقاتل تحت راية التضحية وإرشادات قائد حين يرشقهم العدو بالسهام ، يقول لهم ( هي رسل القوم اليكم فقوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابد منه ) لو حللنا الآن الجملة قوموا رحمكم الله الى الموت الذي لابد منه ، تعني القيام المواجهة الصلبة ، لمسعى ينال رحمة الله أمام جيش بهذا العدد الضخم ، أكيد مثل هذه المواجهة تعني الموت ، والموت الحتمي هو السعي لملحمة الانتصار وهذه الملحمة لا يفهمها مرتزقة ابن سعد ، من منهم عنده استعداد ان ينضم لهذه الفئة القليلة ،نجد ان الصراع الآن بين المقاتل السلبي الذي يبحث عن الغنائم وجائزة الامير والجانب الآخر الأيجابي الذي يتمتع باستقرار نفسي ليس فيه اي صراع داخلي وإنما يتمتع بالرضا ، لا يمسهم الشك والحيرة والتردد إنما كانوا مؤمنين بسبيل لا بديل له ، هو التضحية بالموت دون الحسين عليه السلام تجاه رمز الإمامة حامل جذوة الرسالة هي القضية كلها ومعناه أنهم لايخشون الهزيمة ، ، اذا اهتزت القلوب وقعت الهزيمة ، وجند ابن زياد منهزمون داخليا ، الأصحاب لم يكونوا جيشا مدربا بالشكل الذي عند المعسكر الثاني بل كانوا شجعان يعتمدون على قابليهم الذاتية وإيمانهم بالقضية ودفاعهم عن إمامهم ، ماذا يعني ان يقف مقاتل ليصد بجسده السهام عن الحسين عليه السلام وليصلي ، لا يمكن ان نجد مقاتلا واحدا في معسكر ابن سعد ان يفعلها ، الايمان بالقضية يحفز المقاتل على المواجهة ( المعنويات ) التي يستثمرها المقاتل لو تأملنا في حوارات معسكر لوجدناها تأخذ منحى الضمير المهزوم وحوارات شبث بن ربعي واحدة من الحوارات التي لابد ان تدرس لنستخرج منها معنى الخور الذي كان يشعر به مهزوم الضمير، والقضية والهدف ،أي عقل دنيوي لو تضعه أمام هذا الخيار اكيد سيحزرها فئة محاربة بهذا العدد القليل لايعقل ان ينجو اصحاب الحسين هم يختلفون عرفوا معنى النجاة وسر الخلود الذي فيه، ثم لو تأملنا مغزى جملة الحسين عليه السلام لأدركنا معنى انتقاء القواعد القتالية الرصينة معنى التميز الذي يحفل به المقاتل الحسيني ويفرقه عن المرتزق ممن قاتل مع ابن سعد ، القائد الحسين عليه السلام لم ينظر الى العدة ولا الى العدد ولم ينظر الى التسلح ولا الى خبرة المقاتل بل ينظر الى قوة القلب فكان كل حسيني فيهم قائد يتحدى الموت ومثل هذه القوة التي كونت الحشد الحسيني لايمكن ان يمسها تخاذل أو خوف ، الحسين عليه السلام ما كان يخشى انقلاب أي من اصحابه بل كان لثقته بهم يخلي لهم السبيل وكانه يحثهم على مغادرة المواجهة ، لانه يريد ان ينتقي رجال الجنة ممن يعوون معنى الشهادة لو فكرنا الان بالجبهتين جبهة وضعت الشهادة أمام عينيها ولا تحلم بالنصر الذي يقيمه المرتزق ، الجبهة الاخرى وضعت نصب عينها الخروج من المعركة الى الحياة والعودة الى بيوتهم ثم ننظر ما الذي يريده الحسيني ، يريد نجاة ابن بنت رسول الله ، النصر ان لايخذل الحسين ، النصر ان نموت في سبيله ، بينما هذه الاشياء لاتعني المرتزقة جند ابن سعد لذلك كان ابن سعد يخشى من انقلاب الجند عليه كان يستعجل المواجهة ،ونجده يعري النوايا التي اجتمعت لقتال الحسين عليه السلام ونسمع مثلا اصدقاؤه الجند ( عمروبن الحجاج ) ذهل من كثرة قتلاه فصاح بهم ( يا حمقى اتدرون من تقاتلون ؟ فرسان المصر قوما مستميتين لايبرزن لهم منكم أحد ، لو قرأنا هذا الخطاب فهو قائد يقر ان العدو هم من فرسان المصر ، ويصفهم بالاستماتة ويرى ان لابد من استغلال الفارق العددي الذي يبعد جنده من المبارزة والمواجهة ، ودعوا الدنيا عند انضمامهم الى الحسين عليه السلام كي يبلغوا الفتح ، وناس تحسب النصر هو الجائزة من كيس ابن زياد