إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرؤية التحليلية للتحشيد العاطفي من قبل المعصومين عليهم السلام تجاه مصيبة الحسين؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرؤية التحليلية للتحشيد العاطفي من قبل المعصومين عليهم السلام تجاه مصيبة الحسين؟


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    هنا عدة اتجاهات في تحديد الرؤية التحليلية لذلك :

    الاتجاه الأول: الاتجاه التعبدي.

    يقول نحن متعبدون بما يرد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، فإذا ورد عنهم أن هذا العمل عبادة، وأن هذا العمل محط الثواب فمقتضى التعبد بكلماته حيث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
    أمر باتباعهم فقال: ”إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي“.
    إذن مقتضى التعبد والتدين بأئمة أهل البيت الذين أمر الرسول باتباعهم أن نأخذ بمضمون هذه الروايات الشريفة وإن لم نعرف سرها ولا الحكمة منها، فهذا مقتضى الاتجاه التعبدي.

    الاتجاه الثاني: الاتجاه التاريخي.

    في زمن الدولة الأموية والدولة العباسية لم يكن لشيعة أهل البيت قدرة على الظهور، ولم يكن لشيعة أهل البيت مجال للبروز الإعلامي، فلم تكن هناك وسيلة ولا طريقة لإحياء ذكرى كربلاء إلا عن طريق الدموع والبكاء والجلوس في المأتم، لذلك فهذه الروايات الشريفة التي جاءت تحث وتحشد وتؤيد البكاء، والمأتم، والإبكاء، والإنشاد؛ لأن ظروف التقية والتي كانت ظروفاً خانقة، وكانت ظروفاً شديدة على شيعة أهل البيت لم تكن تسمح إلا بهذه المظاهر من بكاء وإبكاء وشعر ومأتم وحضور، ولأجل ذلك حث الأئمة عليها حفظاً لذكرى كربلا، ء وحفظاً لوجود شيعة أهل البيت حفاظاً على أنفسهم، إذ لا توجد طريقة إعلامية أكثر من هذه الطريقة.

    الاتجاه الثالث: الاتجاه النفسي.

    الإنسان بطبيعته يحتاج إلى البوح والتنفيس، ومن الحاجات الأولية التي يحتاج إليها الإنسان كما يحتاج إلى الطعام، وكما يحتاج إلى الهواء، وكما يحتاج إلى الانتماء، يحتاج إلى البوح والتنفيس والبكاء، وأفضل وسيلة للبوح والتنفيس عما يعتلج في داخل الإنسان من هموم وغموم، جامعة بوتاه الأمريكية تخصص غرفة لطلاب الامتحانات النهائية من أجل أن يبكوا؛ لأن البكاء يزيل حالة التوتر ويزيل حالة الاحتقان عند الإنسان وتعقبه حالة من الشعور بالاسترخاء والهدوء، لذلك حاجة الإنسان رجلاً أو امرأة للبكاء هي حاجة طبيعية وحاجة إنسانية، فالبكاء مظهر للبوح والتنفيس، من أجل ذلك فالبكاء على مصائب أهل البيت له أثر نفسي على توازن شخصية الإنسان، وإزالة التوتر من خلال غليان مشاعر الإنسان.

    الاتجاه الرابع: الاتجاه الروحي.

    رأى مولى لعلي بن الحسين رآه في وسط الليل في سجوده وهو يبكي على أبيه الحسين، فالإمام زين العابدين بكى على أبيه الحسين أربعاً وثلاثين سنة، وما وضع له طعام ولا شراب إلا وقال: وكيف أكل وأشرب وقد قتل أبي الحسين عطشاناً! وكان بكاءه امتداداً لبكاء الزهراء على أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله، فلقد أجمع المؤرخون على أن الزهراء عليها السلام بكت على أبيها شهوراً حتى انزعج أهل المدينة من بكائها، وقالوا إما أن تبكي الليل أو تبكي النهار، إلى أن بنى لها الإمام أمير المؤمنين دار الأحزان في خارج البقيع، فكانت تخرج إليها وتبكي، وبكاء زين العابدين امتداد لبكاء فاطمة الزهراء عليها السلام ، هذا البكاء الطويل رآه أحد مواليه، رآه يبكي في ظلام الليل في سجوده فقال: سيدي إلى متى هذا البكاء؟ أما تخاف أن تكون حرضاً أو تكون من الهالكين؟ التفت إليه وقال له: لقد كان ليعقوب اثنا عشر ولداً، فلما غَيَّب الله واحداً منهم بكى وشكى حتى ابيضت عيناه من الحزن، وأنا رأيت أبي وأخي وعمومتي وسائر أهلي مجزرين كالأضاحي على الثرى فكيف ينقضي حزني وبكائي!
    الإمام زين العابدين عليه السلام يشير إلى هذا المقطع من القرآن الكريم عندما يقول: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ «84» قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ «85» قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ «86»﴾ [يوسف: 84 - 86]، فبكاء يعقوب لم يكن بكاء بل كان شكوى إلى الله، والشكوى إلى الله لون من الدعاء، والدعاء نوع من العبادة إذن البكاء نوع من العبادة، البكاء الذي جسده النبي يعقوب وهو من أنبياء الله، واقتدى به السجاد وهو من الأئمة المعصومين، كان نوعاً من العبادة؛ لأن البكاء كان شكوى إلى الله من الجريمة والظلم اللذان وقعا على أهل بيت النبوة، والشكوى إلى الله دعاء والدعاء عبادة حث عليها القرآن الكريم عندما قال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186] بل إن التفاعل الروحي مع مظلومية الحسين ومع ما جرى على الحسين يربط الإنسان بشكل طبيعي بمبادئ الحسين وقيم الحسين فيكون البكاء طريقاً لتنقية الروح وتهذيب النفس، طريقاً للتأثر والاقتداء بدرب الإمام الحسين سيد الشهداء صلوات الله عليه وآله.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X