تويت
قد يفتخر كتاب العناوين البراقة بعناوين مثل بين جلجامش والحسين عليه السلام، أو بينه وبين كربلاء أو بين إنكيدو والعباس عليه السلام، بأنهم استطاعوا قراءة التاريخ والموروث بطريقة تجعلهم يخلقون مقاربات كيفية بين رمز تاريخي حقيقي هو الحسين عليه السلام وبين رمز أسطوري من الموروث جلجامش أو مقاربة قسرية بين زينب عليها السلام وعشتار، تقول الاسطورة أن جلجامش ملك الوركاء و إنكيدو رجل بري خلقته الآلهة لوضع حد لطغيان جلجامش على شعب الوركاء فينطلق إلى مملكة الوركاء، يتحدى جلجامش لاختبار مدى قوته يفوز جلجامش بالتحدي ويصب الرجلان صديقين، عمل التماهي القسري بين واقعة الطف الإسلامية، يقارب الباحث (باسم محمد حبيب) بين الأيام العشرة لمحرم مع الأيام العشرة التي كان يحتفي بها العراقيون القدماء بعيد (الأكيتو) وبين عرس القاسم بالزواج المقدس وبكاء الحسين عليه السلام على أخيه العباس ببكاء كلكامش على انكيدو، اعتبروا واقعة الطف ليست حادثة تاريخية وليست مرتبطة بأحداث تلك الواقعة، بل هي استحضارات لإرث قديم يعبر حسب رأيهم عن العمق الوجداني وليس مجرد التعاطف مع الواقعة، أي بمعنى واقعة الطف التي نحتفي بمآسيها هي أحداث لا صلة لها بالواقعة الحقيقية، وإنما مجرد تناغم مع الموروث الموغل في القدم، أ يعقل أن يترك مثل هذا العبث يعترش مواقعنا، يسلط الضوء عليه ولا يسلط الضوء على بحوث وكتابات كتاب الحقيقة والآراء القيمة، هناك فرق كبير بين من يبحث عن الخلود حسب تعبير الشاعر عادل الصويري وبين من يجيء إليه الخلود صاغرا، زحف الخلود إليه وأصحابه في ملحمة قلبت الموازين، الإفراط في عملية التأويل بقسر لخلق التقارب الواهم يرتبط بقصدية التأويل، ولا يمكن قبول أي قراءة تشتغل على تأويلات مغلوطة قصديا، واقعة الطف مجال خصب لعمل القراءة القادرة على تقديم رؤى متنوعة، لابد أن نحافظ على قدسية المضمون وعدم خلط المفاهيم بحجة حيوية الحفر ومشروعية الاستنتاج، واقعة الطف كربلاء لا تشبه واقعة ولا شخصية الحسين عليه السلام يشبه أي مقاتل مهما كان سعيه للخلود