الكثير من المواضيع المنشورة في ثقافيات الإعلام الالكتروني والورقي تنتقد الأساليب المنبعثة في عرض السيرة الحسينية المباركة، من قبل بعض قراء المنبر الحسيني على اعتبار أنهم ينتجون نصوص جديدة تماثل التاريخ وتضيف إليه الكثير من عندياتهم، يتعاملون مع السيرة بنفس ما موجود بالسند التاريخي ويضيفون عليه بما يشبه المشهد التاريخي تماما، وخاصة عند الشعراء الذين يكتبون عن الواقعة
أنا أرى أن القضية تكمن في خلط قضايا لسان الحال عند الشعراء، مع المورد التاريخي ولو انتبهنا إلى الخطاب الشعري لوجدنا ثقافة التمثيل الشعوري أكثر مما هو خطاب سردي تاريخي، كما هو المقتل الذي يعتمد على السرد الوصف وبعض السرديات, أما الخطاب الشعر المكتوب أو المنشود عن الواقعة يعتمد على (كأني)، الشاعر الحسيني محسن ابو الحب رحمه الله وهو شاعر كربلائي معروف، له البيت المشهور، (إن كان دين محمد لم يستقم ـــ الا بقتلي فيا سيوف خذيني) لشهرة هذا البيت الواسعة صار أغلب المنبريين ينسبه إلى الحسين عليه السلام لما فيه من معان سامية وتجلي حقيقي مع الموقف صورة ومشهدا، وتمثيلا حقيقيا ودلاليا يتوان مع شخصية الحسين عليه السلام ومميزات وجوده والسمة التضحوية الالهية، لكني أجد هناك بعض المبالغات الأدبية التي تدخل ضمن المبالغات التي بعضها يعمل بالمسموح والمعبر عن الواقع التاريخي والبعض الاخر يشتغل في المبالغات الغير منطقية والتي تتجاوز امكانية الإنسان في كل الظروف، والكثير من النقاد اليوم يضعون بعض الامور التي تحتاج إلى مراجعة، نجدهم ينكرون بعض الكرامات والمعجزات على أساس أنها لا تتوازن وعقلية الواقع البشري لكنهم في نفس الوقت يؤمنون بمعجزات أكبر حدثت في الطف كدفن السجاد عليه السلام لجثث الشهداء أي حضوره من حالة الأسر ومجيئه كربلاء، بمعنى يعاملون المعجزات مرة بإمكانية الواقع وأحيانا يتعاملون مع المعجزة بعقلية المعجزة التي لا لها علاقة بالواقع البشري كونها معجزة أساسا، واحيانا أخرى ينقاد النقاد بعاطفتهم كما ينقاد الشعراء والخطباء نجدهم مثلا يتعاملون مع جملة (هل من ناصر ينصرنا) بانها غير واقعية أي تعبير شعري أراد به الشاعر أن يكسب وجدانيات إضافية يحملها لوجدان الواقعة، كما حصل للبيت الشعري (يا سيوف خذيني) وإلا أين هو من |(هيهات منا الذلة) و الجماعات الأخرى فلا مانع عندهم من أن يتقبلوا من الرواة المتروكين حسب تعبيرهم إذا كان المحتوى يخدمهم مثل شخصية أبو مخنف فهم يتركونه لكنهم يتقبلون حين يكون هناك إمكانية استثمار المعلومة لغير موقعها ولكي يردوا شيئا من ماء وجه أسيادهم.
علينا إذًا أن نميز بين ما هو للرمز الحسيني وبين ما هو تعبير شعوري أو قصدي عن أهل السياسة والتعصب لرموزهم الخاوية