بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
ان القيم الداخلة في تركيبة الانسان الداخلية قد تكون سليمة ، وقد تكون فاسدة ، والسبب في ذلك ان الدنيا هي دار تطبيق القوانين والسنن الطبيعية ، فلا يمكن لأي انسان ان يصبح عالما في ليلة وضحاها .
فكما انك لا يمكن ان تصبح عالما او غنيا مرة واحدة وانما بالتدريج ، فكذلك الحال بالنسبة الى الامور الروحية ، فالقيم الصالحة تنمو لدى الانسان شيئا فشيئا ؛ فنحن اذا بدأنا حياتنا انطلاقا من حب الاخرين ، والتعاون ، والاندماج معهم ، فان هذه القيم الصالحة سوف تكبر معنا كلما تقدمنا في العمر ، وعلى العكس من ذلك تنسحب من نفوسنا القيم الصالحة لتحل محلها القيم الفاسدة .
وفيما يخص طلاب العلوم الدينية ـ مثلا ـ فان نواياهم في كل درس يجب ان تكون الهية ربانية ، ذلك لان العلم الذي يدخل في قلوبنا يغدو جزء من تركيبة القيم الصالحة في نفـوسنا ، اما اذا كانت النوايـا فـاسدة ، فان هذا الفساد سيسري الى العلم ، والتعلم ، والقلب.
ان العلم شيء حسن ومطلوب ولكن العلم الذي يتعلمه الانسان لغير الله ـ تعالى ـ يتحول الى وبال على صاحبه ، فيدخل قلبه ليفسده ، بل ليفسد الناس ، والى اهمية النية اشار الحديث الشريف المعروف " انما الاعمال بالنيات " ، فالعمل ـ بحد ذاته ـ حيادي مجرد عن الخير والحسن او القبح ، والنية هي التي تضفي الصلاح او الفساد عليه .
الشيطان ومحاولات افساد القيم
والشيطـان يحـاول مـن خلال اساليب ذكية ان يحرف الانسان من خلال تغيير نفسه وقيمه ، وعندئذ سوف لايعود بأمكان هذا الانسان مواجهة الفساد والصمود امامه .
ويتوجه الشيطان الى بعض الناس فيزيل مناعتهم الروحية من خلال ازالة تقواهم ومساعي الشيطان هذه تنصب بالخصوص على ذوي المسؤوليات ، فأن كانت لديهم المناعة لمقاومة اغراءات الشيطان فقد افادتهم قيمهم الصالحة ، والا سقطوا في مستنقع الشيطان .
وهكذا لابد ان نعرف كيف ننمي القيم في انفسنا ، ومن القيم المهمة جدا قيمة النشاط ؛ اي ان يفضل الانسان الحركـة والنشـاط علـى الكسل والتواني والنوم ، وقد جاء في الحديث : " ما انقض النوم لعزائم اليوم " ، فقد تفكر ان تعمل وتدرس غدا ، ولكن عندما يحل الصباح تجد ان من الصعب عليك النهوض فتفضل النوم على اليقظة والعمل والدراسة ، وتستمر بك الحال هكذا لتجد نفسك قد خسرت طموحاتك الكبيرة الواسعة .
وعلى هذا لابد من النشاط والحركة ، ونبذ الكسل جانبا ، وعدم الاستسلام للوساوس الشيطانية التي تدفعنا الى التكاسل ، فهذا الاستسلام انما هو تبرير شيطاني .
لندع الحزن و التعب جانبا
ان نزول الملائكة على المؤمنين المستقيمين يعني عدم الخوف والحزن : ﴿ ... أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ... ﴾ وعدم الحزن هنا يعني عدم التعب ، ذلك لان الحزن يولد التعب ، فعندما اقدم بعض التضحيات ، واترك اهلي و وطني نتيجة لذلك ، فان التفكير في مثل هذه الامور سيسبب حالة الحزن للانسان ، وحالة الحزن ستسبب بدورها التعب والارهاق النفسيين اللذين يؤديان الى التعب الجسدي .
في مثل هذه الحالات علينا ان نأخذ بنظر الاعتبار اننا نعمل ونضحي في سبيل الله ومادام الأمر كذلك فان اجرنا مضمون ، وتعبنا مؤمن الثواب ، والانسان المؤمن الرسالي لا يمكن ان يحس بـالتعب حتى وان بلغ التسعين من عمره ، فهو يبقى حيوي الروح ونشيطا ، وهذه هي الصورة الحقيقية للانسان المؤمن .
وعلى هذا علينا ان لا ندع الشيطان يزرع في انفسنا القيم الفاسدة مهما كانت صغيرة لانها ستنمو وتتضخم بمرور الزمن .