يعرف ميول الإنسان وهواه من خلال آراءه وأفعاله.
زهير بن القين عرف بأنه عثماني الهوى و معناه القول بأفضلية عثمان على علي بن أبي طالب وتحميله مسؤولية دم عثمان وإعلان الحرب عليه.
هنا السؤال يطرح نفسه ،هل سجل لنا التاريخ حدث أو حوار او تصريح من زهير بن القين نفسه إنه عثماني الهوى؟
ذكرت الروايات و منها ما رواه الطبري في تأريخه ، كراهية زهير في مسايرة الحسين وكان على لسان رجل من فزاره «قال كنا مع زهير بن القين البجلي حين اقبلنا من مكة نساير الحسين فلم يكن شئ أبغض الينا من أن نسايره في منزل ، فإذا سار الحسين (عليه السلام) تخلف زهير، وإذا نزل الحسين تقدم زهير، حتى نزلنا يوما في منزل لم نجد بدا من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب، ونزلنا في جانب...»و يواصل الطبري قصة هذا الحدث بذكر مجيء رسول الحسين "عليه السلام" والحوار الذي دار بين زهير وزوجة دلهم وطلبها من زهير الذهاب الى الحسين
« أيبعث إليك ابن رسول الله ثم
لا تأتيه!؟ سبحان الله، لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت!...»
وذكر هذا الامتناع كل من الدينوري في كتابه : «فأبى أن يلقاه!» والبلاذري: «فأمرته إمرأته ديلم بنت عمرو أن يأتيه فأبى!»، هذا الإمتناع هو المفسر على أساسه عثمانية زهير . نعود الى نفس رواية الطبري بعد لقاء زهير بالحسين يعود مستبشراً تم يتحول الحوار بين زهير وزوجته الى عارفين بحق اهل البيت...
من المؤرخين من روى قصة لقاء الإمام مع زهير دون أن يرد في روايته أي ذكر لامتناع زهير (رض) من الذهاب إليـه
فابن أعثم الكوفي - المعاصر لكل من الطبري والدينوري والبلاذري -
يروي قصة هذا اللقاء ـ بدون أي ذكر للعثمانية أو للإمتناع ـ قائلاً: «ثم مضى
الحسين فلقيه زهير بن القين، فدعاء الحسين إلى نصرته فأجابه لذلك..»
أما رواية السيد إبن طاووس أن زهير بن القين كان قـد قـال
لزوجه فيما قال لها: «وقد عزمت على صحبة الحسين لأفديه بنفسي، وأقيه
بروحي، ثم أعطاها مالها، وسلمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها، فقامت
إليه وبكت وودعته وقالت: كان الله عوناً ومعيناً، خار الله لك، أسألك أن تذكرني
في القيامة عند جد الحسين ...»
إن التأمل يسيراً في أقوال زهير بن القين وفي قول زوجته وموقفها، يكشف عن أن زهيراً وزوجه كانا يعرفان حق أهل البيت "عليهم السلام" وتعمر قلبيهما مودتهم، لو تأملنا إخبار زهير لأصحابه بحديث سلمان الفارسي* ـ على ما في رواية الإرشاد ـ «اذا أدركتم سيد شباب آل محمد فكونوا أشد فـرحـاً بقتالكم معهم ...» وقوله لهم «من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد» نجده على علم بقتاله مع الإمام و بأن الإمام سيستشهد في سفره هذا مع أنصاره من أهل بيته وأصحابه، وذلك قبل أن تظهر في الأفق معالم خذلان أهل الكوفة، وقبل أن يصل إلى الإمام نبأ مقتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ، وعبدالله بن يقطر ، وهذا كاشف عن أن زهير كان ذا عناية واهتمام بأخبار الإمام الحسين "عليه السلام" ومتابعاً لأنباء مستقبل حركته وقيامه.
ان الروايات السابقه لا يوجد فيها دليل على عثمانية زهير .اذن عثماني الهوى هي تهمة أتهم بها زهير ،ولا عجب ان يتهم زهير بهذه التهمة في زمن اتهم به الحسين بن علي بالخارجي. وهنا يتبادر الى ذهني سؤال متى اتهم زهير بهذه التهمه؟
اتهم بها في حياته وانكرها و أول من أتهم زهير بن القين بهذه التهمة هو جندي من معسكر عمر بن سعد اسمه عزرة (قال يا زهير ماكنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانياً)
أجابه زهير: فلست تستدل بموقفي هذا إني منهم... )بهذه العبارة رد زهير التهمة لو أنه كان عثمانياً لقال كنت عثماني فهداني الله ولكن يتضح لنا من هذا الحوار انه كان على تقيه عاليه ، حتى ظن معظم الناس هو عثماني .كما ان خطبة زهير على جيش عمر بن سعد « ان الله ابتلانا و اياكم بذرية نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم لننظر ما نحن وانتم عاملون ! أنا ندعوكم الى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد فإنكم لا تدركون منهما إلا السوء عمر سلطانهما كله، يسمّلان اعينكم و يقطعان ايديكم و ارجلكم و يمثلان بكم و يرفعانكم على جذوع النخل و يقتلان امثالكم و قراءكم أمثال حجر بن عدي واصحابه وهاني بن عروه واتباعه»هذا المقطع يبين إن زهير كان على تقية ليأمن بطش السلطة والا كيف يكون معهم وذي هوى بهم وهو يعلم بقتلهم وتنكيلهم بالصالحين ؟وهل يرضى حر غيور بذلك؟