حاورناه عبر كتاب (رحلة الإنسان من عالم الذر حتى حياة البرزخ) والكتاب من إصدار مؤسسة التبليغ / سلوني، قال الدكتور محمد حسين:
ـ الإنسان بطبيعته يتطلع إلى ما وراء الغيب، أطروحة تستقرئ المجهول في غمار حقيقة غيبية تلمح إلى ما وراء المنظور وتشخصه تحت عالم الذر وحياة البرزخ، صدى الروضتين:
ـ عذرا دكتور تعقيب على ما ورد، نقرأ في زيارة الحسين عليه السلام (أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة)، ولمحة أخرى عما ورد في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله خلق نوري ونور علي قبل أن يخلق هذا الكون بالفي عام ذلك العالم هو عالم الذر، العالم النوراني العقلاني جمع فيه الأرواح كلها.
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ إن الذر في دلالاته المركزية لغة: هو صغار النمل واحدة ذرة، وقيل الذرة ليس لها وزن ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس من النافذة، وعلى هذا اللفظ المفرد مشترك لغة بين النملة الصغيرة وبين تلك الخيوط المتداخلة فيما يرى من شعاع الشمس وهو يختزن النوافذ، وذر الله الخلق في الأرض نشرهم، وهو وجودهم الفعلي المتواجد والمنتشر على سطح الكرة الارضية، لغة هو ما بين كل شيئين، الحاجز بين شيئين البرزخ ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إلى البعث فمن مات فقد دخل البرزخ، وقال الله تعالى {وَمن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
البرزخ من يوم الموت إلى يوم البعث، وهذا يعني أن الأصل الاصطلاحي لبرزخ ينزل من الجذر اللغوي له، فكان الحاجز الذي يفصل بين الشيئين ليستقل كل منهما ذاتيا، حتى يمثل كل منهما كيانه الخاص، الحياة كيان مستقل، والآخرة كيان مستقل وما بينهما كيان مستقل وهو البرزخ فاصلا بين الموت والحياة وقيل للميت هو في برزخ لأنه بين الدنيا والآخرة، وقد يراد بالبرزخ المهلة، لكأن الميت في قبره على مهلة من أمره حتى يبعثه الله يوم القيامة، وحدثنا عن الوجود الجمعي، الذي يسبق الدنيوي العام، أي ما يسمى بعالم الذر، ويبدو أن الكائن الإنساني مر من بين بني آدم مر بعوالم وظروف مختلفة في الاحكام والتكليف.
صدى الروضتين:
ـ نستميحك عذرا نحن نرى أن الإنسان مر بعالمين أحدهما إجمالي {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} الوجود أمر واحد وأمر دفعي، وعالم تفصيلي حسب تشخيص السيد منير الخباز وليس واحدا بل الوجود كثير - تدريجي {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين} آية تقول الوجود واحد دفعي وآية تقول الوجود كثير تدريجي فكيف نوفق بين هذين الآيتين،
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ التوفيق تبينه لنا الآية {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ}، الإنسان يمر بمرحلتين، كل موجود على الأرض يمر بمرحلتين، الإنسان مر بوجود غير محدد لا حدود له ثم نزل إلى وجود تفصيلي محدد، الوجود الأول لا يرى الإنسان إلا ربه عزوجل، ولا يشهد شيئا آخر وأما الوجود الثاني يشهد الخلائق المتنوعة المتغيرة،
سأختصر لك المسألة، سأل أحدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هل كلم الله سبحانه تعالى أحدا من ولد آدم قبل موسى، عليه السلام فقال عليه السلام لقد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم ورد عليهم الجواب، فقيل له يا أمير المؤمنين، {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَى} فقال لهم إني أنا الله لا إله ألا أنا، وأنا الرحمن الرحيم، فأقروا له بالطاعة والربوبية،
صدى الروضتين:
ـ ماذا عن فلسفة الإيجاد الثابت والمتحول؟،
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ إن الإيجاد منه الثابت وهو الأمر الطبيعي التابع لقانون السببية في العلة والمعلول، والإيجاد الإعجازي يخرق نواميس الكون.
الثابت الذي أبدعه الله ضمن سنة الحياة، المتحول المغايرة لأنظمة المعادلات الكونية، خلق آدم من تراب حالة إعجازية، وخلق المسيح حالة إعجازية وأما الطريق الطبيعي ما أودعه الله سبحانه في أسرار الإنسان وزوجية الكائنات الحية عن طريق التزاوج والتناسل التراب إعجازي والنطفة النوع الفطري والطبيعي للتناسل
صدى الروضتين:
ـ ما الذي بقى لدارون؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ نسفت نظريته جملة وتفصيلا، نظرية تتكأ على أن الكائنات الحية تتحول وتتطور تدريجيا عن كائنات بداية، ويكتب لها التطور بعد ملايين السنين حتى تتكامل، أهم ركيزة استند عليها الدارويني هو ما يقدمه علم المتحجرات عبارة عن بقايا لكائنات بدائية، احتفظت بها
القشرة الأرضية منذ ملايين السنين، يضاف إلى ما يقدمه علم الأجنة من تواجد شبه الجيني في فصائل جملة من الحيوانات، ويستدل أحيانا بعلم التشريح المقرن لمجموعة معينة من الثدييات لما تحتوي من أعضاء توشك أن تكون متماثلة ولكنها مختلفة وظيفيا.
صدى الروضتين:
ـ وهل هناك ما يدل على صحة نظريته؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ لا طبعا ولا دليل في علم الوراثة على صحة ما يدعي، وهذا التهويل المصطنع يتحدث عن عوالم مجردة عمياء، كالتي تحققها الصدف كما يزعمون، الآيات القرآنية تحدثت عن أطوار النشوء وارتقاءه ابتداء من النطفة، حتى خلق الإنسان سويا، المواد الاوية لتركيب الكائن البشري التراب والنطفة، إلى علقة فمضغة فعظام فلحم، وهناك أيضا مراحل بدأت من تعلم آدم للأسماء إلى مواراة الإنسان في قضية قابيل وهابيل، وتعليم إدريس عليه السلام للكتابة وتعليم نوح للتجارة ورفع القواعد من البيت، وذو القرنين وبناء سد وصناعة الدروع وسليمان عليه السلام وتسخير الجن والعلم اللدني
صدى الروضتين:
ـ هل ستنتهي في البرزخ علاقة الروح بالجسد؟
الدكتور محمد حسن الصغير:
ـ تبقى شبه علاقة قائمة بينهما، لم تنته بعد، هناك تعلق من قبل الروح عند الموت وحواليه من عالم الأشباح ودنيا الأرواح في عالم الموت وبطلب العودة إلى الدنيا عسى أن يعمل صالحا،
صدى الروضتين:
ـ الله سبحانه تعالى وصف الشهداء بأنهم أحياء فما صورة وجودهم في البرزخ؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
أـ لهم حياة برزخية خاصة لهم فيها رزق معلوم لا نعرف خصائصه ولا نحيط بتفصيلاته، إلا إننا نتحدث عن الثوابت التي لا ترد، هناك ملحظ جدير بالاهتمام ونادر عن الإمام الباقر عليه السلام يقول لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا، سألوه وسائر الناس فقال يلي عنهم، وهذا التشخيص أورده الطباطبائي، في كتاب الميزان / 363، والتلقين بإقرار الشهادتين والعوالم الغيبية وولاية الأئمة عليهم السلام والمعتقدات يقول عنها الإمام الباقر عليه السلام، حينها يقول أحد الملكين لصاحبه قد كفينا الوصول إليه، ينصرفان عنه ولا يدخلان إليه، كتاب وسائل الشيعة 863 للحر العاملي.
وقبل الخاتمة نهديه ثواب سورة الفاتحة