يبحث الشيخ حسين إسماعيل في قراءته عن النظريات التي وضعت لتفسير أسباب نشأة الثورة الحسينية المباركة فمنهم من فسرها كصراع قبلي بين بني هاشم وبني أمية، وهذه النظرية ارتكزت على حقد يزيد وإشباع فكره المريض بالثأر من بني هاشم، وهذا لا يمثل جوهر الصراع بقدر ما يمثل شخصيته المهزوزة ونفسيته المريضة، ومنهم من نظر إلى صراع سلطة وآخر اعتبر أن الثورة سببها الحقيقي العامل الأخلاقي ومن تبريرات الشيخ حسين إسماعيل أن الحسين دخل الصلح مع معاوية وابتعد عن خيار الصراع المسلح ليبرهن أن شرف المكانة لم تكن سببا من أسباب المواجهة أو الثورة
أنا لا أعرف حقيقة كيف قرأ سماحة الشيخ هذا الصلح والقضية واضحة أنه عليه السلام التزم مواثيق الحسن عليه السلام، ويرى في لمحة ذكية ومعقدة أن شعار تفسير المشيئة الإلهية تطرب آل أمية فهي تبرئ نظام الأمويين من قتلهم للإمام الحسين عليه السلام، يقول (أن الله هو من شاء أن يرى الحسين قتيلا، و التفسير يتسم بالعقيدة الجبرية والتحليل بهذه الصورة يجعلهم يدعون أنهم بأمر الله حكاما على الأمة، ولو شاء الله ألا يقتل يزيد حسينا لما قتله، ولو تأملنا في قول يزيد لزينب عليها السلام |(كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك)، وهناك تفسير آخر لهذه النظرية وكأن الله سبحانه يريد الظلم فعلام نحارب يزيدا؟،
رواية (شاء الله أن يراني شهيدا) يعدها الشيخ حسين ضعيفة من حيث السند، ويرى في بحثه الكبير أن التفسير الحقيقي بأن ثورة الحسين عليه السلام كانت استجابة لأمر الله سبحانه تعالى، لرفض الظلم وإقامة الحجة على المسلمين بضرورة الخروج على يزيد، أجد أن هناك أمرا مهما وهو أن الزمن بعد انتهاء واقعة الطف يضعنا أمام تكامل المشهد تناميه ونموه الزمني، واستعراضا الأحداث ما بعد الطف نكتشف الكثير من أبعاد هذه النظرية، إن الإمام عليه السلام خطط لعدة أهداف، أراد توضيح الموقف الشرعي الذي يقوم على رفض خلافة يزيد، وحسم أمر المترددين من شرعية الخروج، وكشف هوية المشروع الأموي بأنه مشروع ضد الدين والمسلمين وتحميل مسؤولية وصول الحزب الأموي إلى السلطة، وهو يعرف أن هذه التضحيات قادرة على تحريك ضمير الأمة، فهذه التضحيات ستكون صدمة للناس ترفع الخوف والجبن عن قلب الأمة، ورفع الحجب عن الزيف الديني للنظام الأموي، القضية التي لا بد أن يعيها الإنسان هو أن استشهاد الحسين عليه السلام وأهل بيته واصحابه جاء ليكون في خدمة المشروع الإصلاحي لذلك يطلق الشيخ حسين على شهادة الحسين عليه السلام بالشهادة الإصلاحية، علينا دراسة القانون العام الذي وضعه وعاظ السلطة الأموية نجدهم شعروا بخطورة قبول المنحرف عقائديا إلى السلطة أبدعوا قانونا جديدا باسم الدين وهو حرمة الخروج على الحاكم الجائر والمنحرف، وأوجدوا حججا مفتعلة ومبتكرة ليسندوا مشروع قبول يزيد حاكما إسلاميا وخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله، منها أن الخروج على الحاكم وأن كان فاسدا سيشق عصا المسلمين، ويؤدي إلى حصول الفتن، وعندما تأملت في الموضوع وجدت أن المشروع الأموي أعتمد على بعض الصحابة، ومنح الوعاظ التجار القداسة بأن جعلوا الصحابة كلهم عدول، كلهم يمثلون العدل بالإمة، ساهم هذا الأمر بتضليل المسلمين من النهوض لمواجهة الفساد والانحراف في السلطة أعطي حرمة البيعة لأمثال يزيد
سؤال مهم في هذه القضية، ماذا لو ارتكز الحسين عليه السلام على الخطاب فقط ووجه مواعظ وحكم ولم يذهب إلى كربلاء؟،
لما سمع الخطاب أحد ولا تأثر به إنسان في أي جيل كان، اليوم لو تأملنا الخطاب القيادي المرجعي لطرفي الصراع الحشد - الدواعش لوجدنا أن العالم ينظر إلى تضحيات المرجعية وتضحيات العلماء الأفاضل والشهداء الذين قدمتهم المرجعية الدينية رحمهم الله ويقارنهم مع خطاب المشايخ الوهابية سيجد أن الفرق كبير بين الخطاب التضحوي وبين خطابات التحريض فمن يقود الأمة بالخطب الرنانة ليس كمن يقودهم بدمه وما يملك، الدم هو الواعظ الأهم في قيادة الدين، نجد أن الحسين قدم التضحيات من أجل دين
والدليل أنه جميع خطبه أثناء المواجهة في كربلاء تركز على النظام وانتقاد سياسة النظام الأموي وليس على شخص لذا كان له الدور المؤثر في الأمة