إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اعبُر بدنياك إلى الآخرة ؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اعبُر بدنياك إلى الآخرة ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    كيف ربط القرآن الكريم بين مشاهد الدنيا والآخرة؟

    حينما تتزين الدنيا للناس وتُظهِر مباهجها ومفاتنها؛ ينخدعُ أهلُ الغفلة بها وتغرُّهم زينتُها ويركنون إليها حتى تَشغلهم عن أُخراهم؛

    بينما يقف أهلُ الإيمان صامدين أمامها، ثابتين على مبادئهم لا تغرّهم الفتنُ، ولا تؤثّـر فيهم زخارفُ الدنيا، بل هم على العكس من ذلك؛ إِذْ يقلِبون هذه الزخارفَ والمفاتنَ إلى عوامل تثبيت، ووسائل تذكير؛ تذكِّرهم المصيرَ الأخير، وترغِّبهم في نعيم الجنة المقيم، فالمَشاهد واحدة، والصور هي هي! لكنها فتنةٌ للغافلين الجاهلين، وتثبيتٌ للمتقين المؤمنين.


    من هنا كان من مقاصد القرآن وأهدافه السامية الراقية؛ ربطُ الدنيا بالآخرة،

    والتذكير بالمعاد، والاهتمام بالحقائق والمقاصد ومنتهى الأمور، والعبور بالمشاهد الحسيّة الملموسة إلى مشاهد معنوية روحية وفكرية؛ تنفع العبد في آخرته ودينه، وهي من الأمور التي متى ما اهتم العبدُ بها وتمرّس عليها فإنها ترتقي به في شعوره وتفكيره؛ فيعيش بين الناس بجسده، ويأكل معهم ويشرب شربهم، يرى ما يرون، ويسمع ما يسمعون؛ لكنه يحلِّق بروحه وفكره وخياله الزّاكي فوق السماء، ويَسْرح ويَمرح في عالَمٍ آخر، ومَسْرحٍ فريد.

    تنوعت المشاهد القرآنية التي تنمِّي في نفس المؤمن هذا الحسّ، وهي كثيرة لا يمكن عدُّها ولا حصرُها،

    ومن الآيات التي أشارت إلى هذا المعنى بصورة مجملة

    قولُه تعالى في محكم كتابه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الكهف: 7]،

    وذلك بأنْ حسّنَه في العيون، وأبهج به النفوس، وكُلُّ ذلك لحكمة وغاية واحدة، حيث قال: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، أي: أيهم أصلحُ عملًا، وقيل: أيهم أترَكُ للدنيا.

    وجاء في معنى هذه الآية: تلا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلًا}،
    فقيل له : ما معنى ذلك يا رسول الله؟
    قال: «ليبلوكم أيّكم أحسن عقلًا وأورع عن محارم الله، وأسرعكم في طاعة الله»

    ومن الآيات المجملة أيضًا:
    قوله تعالى في سورة ق: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}[ق: 6، 7]،

    ثم ذكر الحكمة العظمى والغاية القصوى من ذلك فقال: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}[ق: 8]،
    إذًا تربية القرآن لنا أن ننظر بعينٍ أُخروية سماوية إلى كلّ مباهج هذه الدنيا وزينتها لِتنقلبَ إلى أداة تذكِّرنا بالآخرة، والجنة، والنار؛ فَنَجِدَّ في العمل ونُسارع إلى الخيرات؛ لنكون مِن أَحسَنِ الناس عملًا.


    تأمّلْ معي في سورة الواقعة عند ذِكر ربِّنا -عز وجل- بعضَ نِعَمه وامتنانه بها علينا، وعدّ منها النار،

    فقال: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ}[الواقعة: 71]،
    ولو سألنا عن فوائد هذه النار، ولماذا خلقها اللهُ وعَدّها من نِعَمه التي يمتنّ بها علينا؟ فبِمَ سنجيب؟
    إنّ جواب القرآن عن أهمية هذه النار التي بين أيدينا لمدهش حقًّا حين يبدأ بذكر فائدة معنوية دينية، ويقدّمها على الفائدة الحسية الملموسة والتي تسبق إلى خاطر كلّ من سُئل عن فائدة النار؛ حيث يقول: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا

    ثم ذكر بعدها الفائدة الحسية الملموسة فقال: {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ}[الواقعة: 73]،

    سلْ نفسك؛ هل فكرت يومًا أن تقتني موقدًا، أو توقد نارًا، أو تنظر إلى نار مشتعلة لتتذكر بها نار الآخرة؟

    إنّ القرآن أراد منا أن نعْبُر بخاطرنا وشعورنا من خلال مشاهدة نار الدنيا لنرى نار الآخرة نعوذ بالله منها ونستجير به.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X