قد نجتهد في إختيار المركب المناسب ، ونختار الطريق ونهيىء أمتعة السفر ، وبعد ذلك نسير فعلاً ونقطع المسافة الجغرافية المطلوبة .. ولكن قد لا نصل الى الغاية ولا نحصل على المطلوب .. لخللٍ ما غير محسوب من قبلنا أو مانع معيّن لم يظهر لدينا . وهذا الطريق الذي لا ينتهي الى النتيجة يسمّيه القرآن بالجائر ، أي المائل ، ويقابله الطريق القاصد ، أي الذي يصل الى المقصود ..
قال تعالى ( وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ، وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَاكُمۡ أَجۡمَعِينَ ) النحل ٨-٩ ، والآية صريحة بأنّ هناك طريقين ، منحرف ومستقيم ، وأن مَن يهدي الى القويم بينهما ويجعل السبيل قاصداً ومنتجاً هو الله تعالى ( وعلى الله قصد السبيل ) ..
وفي طريق السير والسلوك المعنوي يتأكّد هذا المعنى - قصد السبيل على الله - أكثر ويتجلّى بشكل أوضح ( وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ ) العنكبوت ٦٩.
وقصد السبيل درجة ، وإستحقاق ، يفوز به العبد نتيجةً لمقدّمات طواها وفروض أدّاها ، يقول العلامة الطباطبائي في الميزان : " السبيل القاصد الذي جعله الله تعالى هو السبيل المبني على إختيار الإنسان ، يقطعهُ بإتيان الأعمال الصالحة وإجتناب المعاصي عن إختيار منه .. " .
وطريق الإمام الحسين عليه السلام طريق موصل لمقصوده ، غاياته عظيمة ونتائجه كبيرة قد ذكرتها الروايات الشريفة .. ولكن بشروطه ، يقول أبو عبدالله ؏ : { إني لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ولا مفسداً ، ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق } .
تعليق