بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
اخرج ابن عبد البّر في كتابه جامع بيان العلم وفضله ج 2 ص 191 :
عن عمران بن حصين ، أن رجلا أتاه فسأله عن شيء فحدثه ، فقال الرجل : حدثوا عن كتاب الله ولا تحدثوا عن غيره ،
فقال : « إنك امرؤ أحمق ، أتجد في كتاب الله أن صلاة الظهر أربعا لا يجهر فيها ، وعدد الصلوات وعدد الزكاة ونحوها ، ثم قال : أتجد هذا مفسرا في كتاب الله ، إن الله قد أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك »
المصدر
جامع بيان العلم وفضله
يوسف بن عبد البر النمري
سنة الولادة 368/ سنة الوفاة 463
تحقيق
الناشر دار الكتب العلمية
سنة النشر 1398
مكان النشر بيروت
عدد الأجزاء 2*1 .
وهذا الحديث واضح انه لابد من الرجوع للسنة حيث
أن الله أمرنا في القرآن بالرجوع إلى النبي -صلى الله عليه وآله - في نحوٍ من أربعين آية،
كما في كقوله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ﴾
[المائدة: 92]،
وكقوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
[الحشر: 7]،
وكقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59]
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي فيها الأمر بالرجوع إلى النبي -صلى الله عليه وآله -.
فمقتضى القول بأن القرآن حجة هو الرجوع إلى سنة النبي -صلى الله عليه وآله -
ومن قال: إن القرآن حجة دون السنة فلابد أن يتناقض ويخرج بأحد نتيجتين:
- إما أن القرآن ليس حجة.
- وإما أن القرآن وما دلَّ القرآن على أنه حجة فهو حجة،
- فتكون سنة النبي -صلى الله عليه وآله - حجة؛ وذلك لأن القرآن أمر بالرجوع إلى سنة النبي -صلى الله عليه وآله - كما تقدم.
نعم من زعم أن القرآن حجة دون السنة النبوية فلابد أن يقع في مآزق شرعية كثيرة؛
منها: من أين له معرفة عدد ركعات الصلوات الخمس كصلاة الظهر و العصر والفجر ؟ ومعرفة نصاب الزكاة واشتراط مضي الحول، ومنها: صفة الحج و ركنية الوقوف بعرفة و الإحرام إلى غير ذلك؟ فمقتضى هذا القول أن تُترك كل العبادات إلا شيئًا قليلًا.
قال شيخ السلفية بكر الآجري وهو من أعيان القرن الرابع- في كتابه [الشريعة (1/ 411)]:
“وقيل لهذا المعارض لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جاهل قال الله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 43] أين تجد في كتاب الله تعالى أن الفجر ركعتان، وأن الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وأن العشاء الآخرة أربع؟ أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومثله الزكاة، أين تجد في كتاب الله تعالى من مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاة، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة، أين تجد هذا في كتاب الله تعالى؟
ثم روى بإسناده عن عمران بن حصين –رضي الله عنه- أنه قال لرجل: ” إنك امرؤ أحمق، أتجد في كتاب الله تعالى الظهر أربعا لا تجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحوهما، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله تعالى مفسرا؟ إن كتاب الله أحكم ذلك، وإن السنة تفسر ذلك “. اهـ.