المنبر الحسيني والقراءة الفردية "ح1"
بقلم فضيلة المحروس
شهدت بعض المحافل الحسينية ظهور عدة قراءات لا سند ولا اعتبار أصولي أو شرعي أو تأريخي يدعمها إنما اقتضت تحليل بعض النصوص والروايات التاريخية المروية من كتب النقل والسيرة على حسب أمزجة أفرادها واعتقادهم المبني على الظن والشبهة.
ومن النصوص التي تم التركيز عليها والاهتمام بها كثيراً كانت النصوص المتحدثة عن أحوال السيدة زينب عليها السلام ومن معها من النساء الهاشميات في حوادث مصاب وفاجعة كربلاء المقدسة.
إن للجانب العاطفي دور كبير وفعال في إبراز وإثارة القضية الحسينية ولكنه ليس العامل الأوحد المؤثر والمحرك للوازع الديني والفكري والثقافي، إنما هنالك أمور أخرى عقلائية مطلوبة في الموازنة والتعادل بينها وبين الأمور العاطفية.
فمهمة قراءة النص والرواية التاريخية على المنابر تقتضي الالتزام والتحلي بالحكمة والروّية والتريث عند نقل الأخبار والأحداث التاريخية، والابتعاد عن الاجتهاد بقراءات ضعيفة التحقيق، فالانسياب غير العلمي نحو هذا السرد الضعيف ينتهي إلى الإساءة لموروث النهضة الحسينية حتى ولو جاء بشكل عفوي ومن غير عمد من أصحابها، وقد يساهم في نشر وإشاعة مفاهيم خاطئة سلبية في المجتمع الإسلامي هو في غنى عنها وليس لها محل من بين عناصره وفئاته.
فالوظيفة المثالية للمنبر الحسيني تُلزِم كل مبلّغ أو داعية أمثل أن يكون متفقهاً وعارفاً في التأريخ الإسلامي الصحيح ولا سيما سيرة أهل البيت عليهم السلام .
لابد من اعتماد المنهج والأسلوب العلمي السليم في حال طرح البحوث والمواضيع التاريخية على المنبر.
صحيح إن بلوغ كل الحقيقة التاريخية من كتب السيرة والنقل هو ليس بالأمر الهين والسهل، إلا أنه موجب لمضاعفة الجهد والوسع للوصول إلى بعضٍ من الحقيقة، فأغلب الحقائق التي وصلتنا مثلا عن فاجعة كربلاء المقدسة أو شهادة أغلب المعصومين عليهم السلام جاءت عن أخبار مرسلة غير متواترة إلا أن هذا الأمر لا يخدش في صحتها أو في درجة اعتبارها لأن الراوي يمكنه أن لا يأتي بذكر السند أو ربما يختصره حسب الحالة بشرط أن يحف أخباره بقرائن وشواهد موافقة لمنهج وعصمة المعصومين عليهم السلام.
ولو اعتمد رواد المنبر الحسيني وأعمدته قديماً هذا المنهج العلمي في الطرح لتمكنوا بالفعل من حفظ الرواية ومنهجها ومسيرتها من التنظير الأموي والتلاعب العباسي المُضل التي عانت من أثره السيء الكثير من الأجيال، ولتمكنوا أيضاً من توحيد المعاني والمفاهيم في جميع اطروحات المنبر وبالخصوص مفاهيم واطروحات فاجعة كربلاء.
وهذه النتيجة في اعتماد المنهج العلمي لا ترمز إلى تهميش مزايا وخصائص المنبر الحسيني ولا التنقيص من قيمة جهوده وأدواره المخضرمة التي قدّمها وبجدارة طوال الحقب والسنين الماضية عبر سواعده ورجاله. حيث إنه ساهم مساهمة جليلة في انتماء الشيعة وإحاطتهم بمناهج ائمتهم عليهم السلام والالتفاف حول سيرتهم وتُراثهم المجيد في عرض الدين والشريعة والسير.
وما شهدناه اليوم وما سنشهده غداً من نجاح وتقدم للمنابر الحسينية في مختلف أشكالها المسموعة والمرئية ما هو إلا نزوع نحو العلمية في بحوثها وتحقيقاتها ودراساتها التأريخية. فكم كانت عقولنا ولا زالت متعطشة ومتشوقة منذ أمد بعيد لمثل هذه الأطروحات الجديرة بالذكر والمثيرة بتوجيه الفكر والوجدان الإنساني نحو الإتجاه الأمثل والأسلم للدين والعقيدة. وهذا كله من فضل الله تعالى ومننه وبركات أهل البيت عليهم السلام على أمتنا.
مع تتمة في حلقة قادمة
بقلم فضيلة المحروس
شهدت بعض المحافل الحسينية ظهور عدة قراءات لا سند ولا اعتبار أصولي أو شرعي أو تأريخي يدعمها إنما اقتضت تحليل بعض النصوص والروايات التاريخية المروية من كتب النقل والسيرة على حسب أمزجة أفرادها واعتقادهم المبني على الظن والشبهة.
ومن النصوص التي تم التركيز عليها والاهتمام بها كثيراً كانت النصوص المتحدثة عن أحوال السيدة زينب عليها السلام ومن معها من النساء الهاشميات في حوادث مصاب وفاجعة كربلاء المقدسة.
إن للجانب العاطفي دور كبير وفعال في إبراز وإثارة القضية الحسينية ولكنه ليس العامل الأوحد المؤثر والمحرك للوازع الديني والفكري والثقافي، إنما هنالك أمور أخرى عقلائية مطلوبة في الموازنة والتعادل بينها وبين الأمور العاطفية.
فمهمة قراءة النص والرواية التاريخية على المنابر تقتضي الالتزام والتحلي بالحكمة والروّية والتريث عند نقل الأخبار والأحداث التاريخية، والابتعاد عن الاجتهاد بقراءات ضعيفة التحقيق، فالانسياب غير العلمي نحو هذا السرد الضعيف ينتهي إلى الإساءة لموروث النهضة الحسينية حتى ولو جاء بشكل عفوي ومن غير عمد من أصحابها، وقد يساهم في نشر وإشاعة مفاهيم خاطئة سلبية في المجتمع الإسلامي هو في غنى عنها وليس لها محل من بين عناصره وفئاته.
فالوظيفة المثالية للمنبر الحسيني تُلزِم كل مبلّغ أو داعية أمثل أن يكون متفقهاً وعارفاً في التأريخ الإسلامي الصحيح ولا سيما سيرة أهل البيت عليهم السلام .
لابد من اعتماد المنهج والأسلوب العلمي السليم في حال طرح البحوث والمواضيع التاريخية على المنبر.
صحيح إن بلوغ كل الحقيقة التاريخية من كتب السيرة والنقل هو ليس بالأمر الهين والسهل، إلا أنه موجب لمضاعفة الجهد والوسع للوصول إلى بعضٍ من الحقيقة، فأغلب الحقائق التي وصلتنا مثلا عن فاجعة كربلاء المقدسة أو شهادة أغلب المعصومين عليهم السلام جاءت عن أخبار مرسلة غير متواترة إلا أن هذا الأمر لا يخدش في صحتها أو في درجة اعتبارها لأن الراوي يمكنه أن لا يأتي بذكر السند أو ربما يختصره حسب الحالة بشرط أن يحف أخباره بقرائن وشواهد موافقة لمنهج وعصمة المعصومين عليهم السلام.
ولو اعتمد رواد المنبر الحسيني وأعمدته قديماً هذا المنهج العلمي في الطرح لتمكنوا بالفعل من حفظ الرواية ومنهجها ومسيرتها من التنظير الأموي والتلاعب العباسي المُضل التي عانت من أثره السيء الكثير من الأجيال، ولتمكنوا أيضاً من توحيد المعاني والمفاهيم في جميع اطروحات المنبر وبالخصوص مفاهيم واطروحات فاجعة كربلاء.
وهذه النتيجة في اعتماد المنهج العلمي لا ترمز إلى تهميش مزايا وخصائص المنبر الحسيني ولا التنقيص من قيمة جهوده وأدواره المخضرمة التي قدّمها وبجدارة طوال الحقب والسنين الماضية عبر سواعده ورجاله. حيث إنه ساهم مساهمة جليلة في انتماء الشيعة وإحاطتهم بمناهج ائمتهم عليهم السلام والالتفاف حول سيرتهم وتُراثهم المجيد في عرض الدين والشريعة والسير.
وما شهدناه اليوم وما سنشهده غداً من نجاح وتقدم للمنابر الحسينية في مختلف أشكالها المسموعة والمرئية ما هو إلا نزوع نحو العلمية في بحوثها وتحقيقاتها ودراساتها التأريخية. فكم كانت عقولنا ولا زالت متعطشة ومتشوقة منذ أمد بعيد لمثل هذه الأطروحات الجديرة بالذكر والمثيرة بتوجيه الفكر والوجدان الإنساني نحو الإتجاه الأمثل والأسلم للدين والعقيدة. وهذا كله من فضل الله تعالى ومننه وبركات أهل البيت عليهم السلام على أمتنا.
مع تتمة في حلقة قادمة
تعليق