بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
شهيدة العشق..
طفلة ذات ثلاث سنوات.. تأمّل معي كيف سيكون تعلّقها بأبيها وهو الامام الذي كلّ كيانه رحمة وعطف..
والبنت من عادتها أن تتعلّق بأبيها وتتمسّح به وتحاول أن تجتذبه اليها وتحاول أن تجعله لا ينظر إلا اليها.. ومن كان عنده طفلة سيعرف هذا المعنى تماماً.. هذا في الحال الطبيعية التي نعيشها..
فكيف بطفلة الامام الحسين عليه السلام التي لا تكاد تفارقه أبداً وهو يحبّها حبّاً جمّاً، بل ورد انّها كانت تقف بين يديه عند تهجده في الصلاة.. وإذا بها في لحظة لا تجده، وكلّما سألت عمّتها زينب عليها السلام عنه أجابتها عمّتها انّه في سفر..
حتى جاءت تلك اللية في الشام الذي نفد فيها صبرها لطول غيابه عليه السلام عنها، فرأته في منامها وكأنّه يشمها ويلثمها تقبيلاً ويدير يديه الشريفتين حول خصرها الصغير النحيف.. فاستيقظت مفزوعة تسأل عن أبيها الذي كان حاضراً عندها الساعة.. وهي تظنّ انّه قد أتاها في اليقظة.. صارخة أبي.. أريد أبي..
فتجدّدت أحزان أهل البيت في تلك الليلة فصاحت الأطفال معها وبكت النساء.. فصارت ضجة في تلك الساعة، مما دعت الى إقلاق منام الملعون يزيد.. فسأل ما الخبر؟؟ فقيل له انّ بنتاً صغيرة للحسين تريد أباها، فلم يأبه ذلك الملعون الجلف لصغر سنّها، فطلب منهم إرسال رأس أبيها اليها!!
يا للهول!! هل تستطيع أن تتصوّر معي هذا الموقف الرهيب!! طفلة ترى رأس أبيها مقطوع من غير جسد، بل آثار ضرب السيوف والسياط على وجهه الشريف، فماذا يكون موقف تلك الطفلة في تلك الساعة وهي التي عشقت أباها عشقاً قلّ نظيره..
فاحتضنت بيديها البريئتين الصغيرتين ذلك الرأس المقطوع وأخذت تشبعه لثماً وتقبيلاً باكية قائلة..
أبي من ذا الذي قطع رأسك؟؟ أبي من الذي حزّ نحرك؟؟ أبي من الذي أيتمني على صغر سنّي؟؟..
أبي أرجوك أجبني فأنا حبيبتك التي لا تستطيع العيش دونك!! يا ليتني كنت فداءً لك..
وما زالت كذلك حتى سكنت وسكتت!! فظنّ الجميع انّها قد نامت!! فقطع الامام زين العابدين عليه السلام ظنونهم فقال لعمّته، عمّة أعظم الله لك الأجر في أختي رقية..
فتعالت الأصوات وتجدّدت الأحزان.. فكانت بحق شهيدة العشق للامام الحسين عليه السلام..
فسلام الله عليك أيتها اليتيمة المظلومة الغريبة، ونسأله تعالى أن نكون من الطالبين بثأرك مع صاحب الأمر والزمان عجّ الله تعالى فرجه الشريف...
تعليق