بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اللهم صل على محمد وآل محمد
قرآننا عزنا وشرفنا
قال الله تعالى في كتابه المجيد: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
[ سورة الضحى، الآية: 11]
من وظائف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله(بيان النعم الإلهيّة وشكرها) وتقول هذه الآية:
أيّها النبي لقد أنعمنا عليك نعماً كثيرة، فعليك بشكرها وإظهارها للآخرين، والتحدّث بها في المجالس.
ونرى أنّ بعض الناس يتحركون في سلوكهم وأخلاقهم خلافاً لمضمون هذه الآية الشريفة، ويعملون على إخفاء ما وهبهم اللَّه من نِعم، وعندما يسألهم شخص عن حالهم وكسبهم وعملهم، فيجيبون بالحسرة والتأوه على وضعهم المتدهور، ويقولون: «الحمد اللَّه على أننا نملك لقمة من الخبز لسدّ رمق الجوع»! في حين أنّهم يجمعون الآلاف المؤلفة في أرصدتهم المصرفية، ولا يمرّ يوم إلّا ويزداد رصيدهم وتزداد أرباحهم.
إنّ إظهار النعم الإلهيّة يتضمن ثلاث مراحل:
1 . المرحلة اللسانية: يجب على الإنسان أن يشكر اللَّه تعالى على نعمه الكثيرة في حياته، فلو حصلت على ربح من معاملة أو تجارة ودفعت ديونك من أرباح هذه المعاملة وصرفت الباقي في ما تحتاجه من أمورك المعيشية، فعليك أن تشكر اللَّه تعالى على هذه النعمة.
2 . الشكر العملي: بمعنى إظهار هذه النعم والمواهب الإلهيّة على ساحة الحياة، فلو ازداد راتبك الشهري فعليك بتوفير ما يحتاجه الأهل والأولاد من وسائل الراحة والرفاهية، لا أن تتخذ حالة النفاق وتظهر نفسك بأنّك فقير لا مال لك وتلبس ثياباً رثة وتعيش عيش الفقراء وكل شخص يراك يتصور أنّك فقير، وبيتك من الداخل كالقصر ولكنّه من خارجه أشبه بخربة لئلا يعلم الناس أنّك متمول وإنسان غني، فهذا العمل يتنافى مع شكر النعمة الإلهيّة عليك، لأنّ هذا العمل يندرج تحت صفة النفاق والرياء، والإسلام لا يأمرك بالإسراف والتبذير، بل يقول لك: عليك أن تستخدم هذا الرزق وتستفيد من النعم الإلهيّة بأحسن وجه.
3 . إشراك الآخرين بالنعمة: ومضافاً إلى الشكر اللساني والعملي ينبغي إشراك الآخرين في النعم الإلهيّة التي وهبنا اللَّه إيّاها، ولا نحتكر هذه النعم لأنفسنا، يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في رواية شيّقة:
((إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرى أَثَر نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ))[1] .
وهذا العمل إنّما يتحقق فيما إذا تحركنا على مستوى العمل بهذه المراحل الثلاث للشكر .
شكر النعمة في روايات المعصومين عليهم السلام:
وقد ورد هذا المفهوم في روايات المعصومين عليهم السلام كثيراً، ونكتفي هنا باستعراض أربعة نماذج من هذه الروايات:
1 . يقول الإمام علي الهادي عليه السلام:
((الشاكِرُ أَسْعَدُ بِالشُّكْرِ مِنْهُ بِالنِّعْمَةِ الَّتي أَوْجَبَتِ الشُّكْرَ؛ لِانَّ النِّعَمَ مَتاعُ، وَالشُّكْرَ نَعِمٌ وَعُقْبى))[2] .
2 . يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْعَمَ عَلى كُلِّ قَوْمٍ بِالْمَواهِبِ فَلَمْ يَشْكُرُوا فَصارَتْ عَلَيْهِمْ وَبالًا، وَابْتَلى قَوْماً بِالْمَصائِبِ فَصَبَرُوا فَصارَتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً))[3] .
على سبيل المثال إذا أنعم اللَّه تعالى على الوالدين بولد ولكنّهما لم يتحركا على مستوى تربيته تربية صالحة، فهذا يعني أنّهما لم يشكرا نعمة اللَّه تعالى عملًا، وسوف تتبدل هذه النعمة إلى نقمة ووبال، بأن يكبر هذا الولد ويسير في خط الانحراف وربّما يكون مدمناً على المخدّرات وبذلك يهدم سعادته وسعادة والديه في الدنيا والآخرة، وعلى العكس من ذلك إذا ابتلي الإنسان بمرض وصبر على الآلام وشكر اللَّه تعالى، وانتهت مرحلة المرض، فسوف يلتفت أنّه لو كان سالماً في تلك المدّة فإنّه سوف يشترك في مشروع معين يؤدي به إلى الضلالة والهلكة.
3 . يقول الإمام علي عليه السلام:
((شُكْرُ الْمُؤْمِنِ يَظْهَرُ فِي عَمَلِهِ، شُكْرُ الْمُنافِقِ لا يَتَجاوُزُ لِسانَهُ))[4] .
فالإنسان المؤمن ومن خلال الاستخدام السليم والصحيح للنعم الإلهيّة واستثمارها في مواقعها المناسبة يؤدي شكر هذه النعم عملًا، وأمّا الإنسان المنافق فإنّه يدعي بلسانه الشكر ولكنّه على المستوى العملي ليس بشاكر .
4 . وجاء في رواية أخرى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّ الشكر له أربع مراحل:
شكر اللَّه، شكر المنعمين من البشر، شكر النظراء، شكر من يقع في مرتبة أدنى منك، ثم يبيّن الإمام عليه السلام كيفية شكر كل واحد من هذه الموارد الأربعة:
((شُكْرُ إِلهِكَ بِطُولِ الثَّناءِ، وَشُكْرُ مَنْ فَوْقَكَ بِصِدْقِ الْوَلاءِ، وَشُكْرُ نَظيرِكَ بِحُسْنِ الإخاءِ، وَ شُكْرُ مَنْ دُونَكَ بِسَيْبِ الْعَطاءِ))[5] .
----------------------------------------------------------------------
[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص 438.
[2] تحف العقول، ج1، ص483.
[3] الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 379.
[4] عيون الحكم، ج 6، ص 219+ غرر الحكم، 195.
[5] غرر الحكم: (5653 - 5654 - 5655 - 5656).
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
اللهم صل على محمد وآل محمد
قرآننا عزنا وشرفنا
قال الله تعالى في كتابه المجيد: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
[ سورة الضحى، الآية: 11]
من وظائف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله(بيان النعم الإلهيّة وشكرها) وتقول هذه الآية:
أيّها النبي لقد أنعمنا عليك نعماً كثيرة، فعليك بشكرها وإظهارها للآخرين، والتحدّث بها في المجالس.
ونرى أنّ بعض الناس يتحركون في سلوكهم وأخلاقهم خلافاً لمضمون هذه الآية الشريفة، ويعملون على إخفاء ما وهبهم اللَّه من نِعم، وعندما يسألهم شخص عن حالهم وكسبهم وعملهم، فيجيبون بالحسرة والتأوه على وضعهم المتدهور، ويقولون: «الحمد اللَّه على أننا نملك لقمة من الخبز لسدّ رمق الجوع»! في حين أنّهم يجمعون الآلاف المؤلفة في أرصدتهم المصرفية، ولا يمرّ يوم إلّا ويزداد رصيدهم وتزداد أرباحهم.
إنّ إظهار النعم الإلهيّة يتضمن ثلاث مراحل:
1 . المرحلة اللسانية: يجب على الإنسان أن يشكر اللَّه تعالى على نعمه الكثيرة في حياته، فلو حصلت على ربح من معاملة أو تجارة ودفعت ديونك من أرباح هذه المعاملة وصرفت الباقي في ما تحتاجه من أمورك المعيشية، فعليك أن تشكر اللَّه تعالى على هذه النعمة.
2 . الشكر العملي: بمعنى إظهار هذه النعم والمواهب الإلهيّة على ساحة الحياة، فلو ازداد راتبك الشهري فعليك بتوفير ما يحتاجه الأهل والأولاد من وسائل الراحة والرفاهية، لا أن تتخذ حالة النفاق وتظهر نفسك بأنّك فقير لا مال لك وتلبس ثياباً رثة وتعيش عيش الفقراء وكل شخص يراك يتصور أنّك فقير، وبيتك من الداخل كالقصر ولكنّه من خارجه أشبه بخربة لئلا يعلم الناس أنّك متمول وإنسان غني، فهذا العمل يتنافى مع شكر النعمة الإلهيّة عليك، لأنّ هذا العمل يندرج تحت صفة النفاق والرياء، والإسلام لا يأمرك بالإسراف والتبذير، بل يقول لك: عليك أن تستخدم هذا الرزق وتستفيد من النعم الإلهيّة بأحسن وجه.
3 . إشراك الآخرين بالنعمة: ومضافاً إلى الشكر اللساني والعملي ينبغي إشراك الآخرين في النعم الإلهيّة التي وهبنا اللَّه إيّاها، ولا نحتكر هذه النعم لأنفسنا، يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في رواية شيّقة:
((إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرى أَثَر نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ))[1] .
وهذا العمل إنّما يتحقق فيما إذا تحركنا على مستوى العمل بهذه المراحل الثلاث للشكر .
شكر النعمة في روايات المعصومين عليهم السلام:
وقد ورد هذا المفهوم في روايات المعصومين عليهم السلام كثيراً، ونكتفي هنا باستعراض أربعة نماذج من هذه الروايات:
1 . يقول الإمام علي الهادي عليه السلام:
((الشاكِرُ أَسْعَدُ بِالشُّكْرِ مِنْهُ بِالنِّعْمَةِ الَّتي أَوْجَبَتِ الشُّكْرَ؛ لِانَّ النِّعَمَ مَتاعُ، وَالشُّكْرَ نَعِمٌ وَعُقْبى))[2] .
2 . يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْعَمَ عَلى كُلِّ قَوْمٍ بِالْمَواهِبِ فَلَمْ يَشْكُرُوا فَصارَتْ عَلَيْهِمْ وَبالًا، وَابْتَلى قَوْماً بِالْمَصائِبِ فَصَبَرُوا فَصارَتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً))[3] .
على سبيل المثال إذا أنعم اللَّه تعالى على الوالدين بولد ولكنّهما لم يتحركا على مستوى تربيته تربية صالحة، فهذا يعني أنّهما لم يشكرا نعمة اللَّه تعالى عملًا، وسوف تتبدل هذه النعمة إلى نقمة ووبال، بأن يكبر هذا الولد ويسير في خط الانحراف وربّما يكون مدمناً على المخدّرات وبذلك يهدم سعادته وسعادة والديه في الدنيا والآخرة، وعلى العكس من ذلك إذا ابتلي الإنسان بمرض وصبر على الآلام وشكر اللَّه تعالى، وانتهت مرحلة المرض، فسوف يلتفت أنّه لو كان سالماً في تلك المدّة فإنّه سوف يشترك في مشروع معين يؤدي به إلى الضلالة والهلكة.
3 . يقول الإمام علي عليه السلام:
((شُكْرُ الْمُؤْمِنِ يَظْهَرُ فِي عَمَلِهِ، شُكْرُ الْمُنافِقِ لا يَتَجاوُزُ لِسانَهُ))[4] .
فالإنسان المؤمن ومن خلال الاستخدام السليم والصحيح للنعم الإلهيّة واستثمارها في مواقعها المناسبة يؤدي شكر هذه النعم عملًا، وأمّا الإنسان المنافق فإنّه يدعي بلسانه الشكر ولكنّه على المستوى العملي ليس بشاكر .
4 . وجاء في رواية أخرى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّ الشكر له أربع مراحل:
شكر اللَّه، شكر المنعمين من البشر، شكر النظراء، شكر من يقع في مرتبة أدنى منك، ثم يبيّن الإمام عليه السلام كيفية شكر كل واحد من هذه الموارد الأربعة:
((شُكْرُ إِلهِكَ بِطُولِ الثَّناءِ، وَشُكْرُ مَنْ فَوْقَكَ بِصِدْقِ الْوَلاءِ، وَشُكْرُ نَظيرِكَ بِحُسْنِ الإخاءِ، وَ شُكْرُ مَنْ دُونَكَ بِسَيْبِ الْعَطاءِ))[5] .
----------------------------------------------------------------------
[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص 438.
[2] تحف العقول، ج1، ص483.
[3] الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 379.
[4] عيون الحكم، ج 6، ص 219+ غرر الحكم، 195.
[5] غرر الحكم: (5653 - 5654 - 5655 - 5656).
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
تعليق