اللهم صل على محمد وآل محمد
القرآن دستورنا المقدس
عن أبي الاسود الدؤلي ، قال :
كنت أحب لقاء أبي ذر، لاسأله عن سبب خروجه الى الربذة، فجئته، فقلت له :
ألا تخبرني، أخرجت من المدينة طائعا، أم أخرجت كرها ؟
فقال :كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم، فأُخرجتُ الى المدينة ! فقلت : دار هجرتي وأصحابي ! فأخرجت من المدينة الى ما ترى ! .
ثم قال : بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد، على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، أذ مرَّ بي (عليه السلام) فضربني برجله ، وقال : لا أراك نائما في المسجد .
فقلت : ـ بأبي انت وأمي ـ غلبتني عيني، فنمتُ فيه .
قال : فكيف تصنع، اذا أخرجوك منه ؟
قلت : الحق بالشام، فانها أرض مقدَّسة، وأرض الجهاد .
قال : فكيف تصنع اذا أخرجتَ منها ؟
قلت : أرجع الى المسجد !
قال : فكيف تصنع اذا أخرجوك منه ؟
قلت : آخذ سيفي، فأضربهم به .
فقال : ألا أدلُّك على خير من ذلك ؟ إنسق معهم حيث ساقوك ، وتسمع وتطيع ، فسمعت وأطعت ، وأنا أسمع وأطيع ! والله ليلقَين الله عثمان ، وهو آثم في جنبي [1] .
وفي حلية الاولياء ، بسنده عن عبد الله بن خراش ، قال : رأيت أبا ذر بالربذة، في ظُلة له سوداء، له امرأة سحماء، وهو جالس على قطعة جوالق .
فقيل له : انك إمرؤ ما يبقى لك ولد ؟ فقال : الحمد لله الذي يأخذهم في دار الفناء ، ويدَّخرهم في دار البقاء . قالوا : يا أبا ذر ، لو اتخذت امرأة غير هذه ؟ قال : لئن أتزوج امرأة تضعني ، أحب اليَّ من امرأة ترفعني . فقالوا : لو اتخذت بساطا ألين من هذا ؟ قال : اللهم غفرا ! خذ مما خوّلتَ ، ما بدا لك (2) .
ودخل عليه قوم من أهل الربذة . فقالوا : يا أبا ذر ! ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي ! قالوا : فما تشتهي ؟ قال : رحمةَ ربي . قالوا : هل لك بطبيب . ؟
قال : الطبيبُ أمرضني(3) . ! !
__________________
(1) شرح النهج، ج 8، ص260 ـ 261 .
(2) الاعيان، 329 .
(3) المصدر السابق، ص 373 .
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك