كعادته في كلّ يوم.. يمرُّ على باب دارها.. يتبرك.. يسلّم.. يتلو آية التطهير..
أوشكت أنامله الرحيمة تودّع قبضتها وخطواته تهمّ بالرحيل.. حتى استوقفه بكاء العزيز..
ربّاه أدرك حبيبك.. وكأنّ أركان الرسالة من وجدها تستغيث.. أسكتيه يا بضعتي أسكتيه..
أو لا تعلمين أنّ بكاءه يؤذيني..
وذوَت السنين وبكى الحسين عليه السلام كهلاً بطف نينوى.. رحمةً بكى لا من وقع الحتوف..
بل للصحب بكى وعلى الوِلدان وعلى الكفوف.. وحتى على أُمّةٍ بارزته بالسيوف..
ولأنك يا ذبيح مَن صنع الانتصار سُلّماً وبه اعتليت عرش الشهادة..
فما فتئت لذكراك تسعر لظىً أكبادنا.. يا صريعَ الدمعةِ الساكبة..
سيّدي.. يا ملكوت السماء، قُلّي بربّك ما سرّ هذا البكاء؟ وكأنك يا حسين لم تُخلق من طين وماء..
بل هيكلاً قدسياً صُبّت فيه عشقاً دموع الفاقدين..من إنس وجان وملائكة حِزان..
يا عِبرة الأنبياء.. يا من ابّنَتّه الطهر جنيناً في الأحشاء..
يا أبا الزهراء إن كان الحسين يؤذيك.. فهذي دموعنا لرزئه غدت أنهاراً..
فخذ منّا حتى ترضى.. فنحن لأجله بالعزاء نادبون.. باكون.. بمدامع تعانقها الدماء..
وهل خُلقنا إلّا لننعى كربلاء؟
ميعاد كاظم اللاوندي
تم نشره في المجلة العدد64
تعليق