يعمل المسرح الحسيني لتنمية الصراع بين الخير والشر اختلاف مواصفات أبطال السلب عن شخصيات ابطال الإيجاب ولكلا الشخصيتين مواصفاتها الواضحة ولهما ثوابت معينة في ذهنية المشتغلين ،ضمن اوصاف واردة في تراث الشخصية مثلاً العباس عليه السلام يرتكز على مواصفات جسدية هائلة؛ العمر الشبابي ،ويمتاز بضخامة الجسم بحيث كانت رجلاه تخطان الارض وهو يركب الجواد، فلا يمكن إختيار ممثل ضعيف البنية ومثل هذا الممثل ضعيف البنية قد يصلح لمواصفات شخصية السجاد عليه السلام كونه كان جريحاً في واقعة الطف قبل الواقعة لذلك يصفه بعض المؤرخين بالعليل ، وكان العباس صاحب وجه جميل مشرق وكذلك الحسين "عليه السلام" وأصحاب الحسين" سلام الله عليهم" من الشهداء . نجد مواصفات خاصة للشخصية الشريرة وعلى كل ما هو منفر وشائن بدءاً من الملابس ذات الألوان الحمراء الفاقعة والتي تمثل الدم ،مروراً بهيأة الوجوه البشعة المرعبة المنفوشة الشعر وبالصوت الخشن الأجش الذي يغلب عليه طابع التكبر والغرور ، وانتهاءً بقسوة القلب التي لا تميز بين فارس في أرض المعركة ، وبين إمرأه أسيرة او أطفال أضربهم العطش ، الكل سواسية تحت سيفه ، ان شخصية الشر تجاوزت بعدها التاريخي والواقعي ، فتحول الى رمز من رمز الرعب الإنساني وخاصة شخصية الشمر الذي يواجه النفور . تروي المصادر إن الفرق المسرحية الحسينية الكربلائية قدمت عروض مسرح العلبة الى عام 1922م وكانت العروض في بيت حسيني خلف المخيم الحسيني لكني أتحدث عن مشهادتي كانت في كربلاء فرق مسرحية متكاملة تقدم عروضها لمسرح التعزية التشابيه وتقدم عروضها المسرحية في خانات كبيرة لمناسبات مواليد الأئمة وهذه الخانات الكربلائية تقدم نصوص في قضاء الإمام "علي عليه السلام" وكانوا يقدون مسرح الحلقة ؛ كان العرض وسط الخان وحول تلك الدائرة يجلس الجمهور على الارض محيطين ساحة العرض وكانت الإنارة فيضية وأدوار النساء يؤديها الرجال إضافة الى وجود عروض البيت حيث كانت العديد من بيوت الوجهاء تحتفي بمناسبات المواليد ، وفيها أناشيد وبعض المشاهد المؤثرة وأتذكر من تلك البيوت بيت السيد كاظم القزويني وبيوت السادة بيت البحراني والكثير من البيوت الكربلائية أنا عشت تجربة حية مع فرق المواكب الحسينية وخاصة مع فرقة رابطة الغدير في بغداد، جميع الممثلين هم فطريين يدفعهم الولاء الخالص لعمل التشابيه الحسينية والذي تحول الى مسرح يقدم عروضه في مسرح الشارع وفي مسرح العلبة حيث قدمت الفرقة العديد من المسرحيات في جامعات العراق وبعض العروض الأكاديمية في مؤسسات رسمية وغير رسمية . الممثل الفطري يمتاز بطواعية العمل ودون أجور ليخفف على الفرقة المسرحية متطلباتها ؛بل الممثل الفطري هو يتبرع با لكثير من امور المسرح ويطوع بيته معه لتحضير و خياطة الكثير من الملابس وأُمور المناظر والأزياء الإكسسوارات، ولديه روح الاطاعة والانصهار الشعوري بدوره ومحاولة التعلم السريع والأمور التي يعاني منها حفظ النصوص التعبيرية خاصة النصوص ذات الحوارات الطويلة، والانزياحات اللغوية التي تشكل شعرية النص وتحتاج الى حفظ دقيق وضبط اللغة والحركات القواعدية وهذه قد تجاوزتها الفرق الموكبية لكون اليوم أغلب الموكبيين هم من الخريجين ، جميع العاملين بالتمثيل من المتطوعين للخدمة وفي المسرح الحسيني . الفنان الحسيني يريد أن يقدم شيئا يستحق الثواب ، ويعني عندنا الجانب الروحي من أهم الدوافع الإنسانية التي تدفع الفنان الى العمل وكان أغلب أهل التمثيل هم من وجهاء المواكب الحسينية ، رأيت يوما شاب يبكي ويشكو لي حرمانه من دور القاسم عليه السلام كونه بلغ سن الشباب ودور القاسم خاص للفتيان ولم يسكتوا دمعته إلا حين واعدوه انه سيلعب دور علي الأكبر" عليه السلام" . عندما تعمل مع فريق من الفنانين يعملون بتضحوية وبنفس طيبة يخدمون امامهم في ولاء ستجد العمل بلا منفعة مادية اي إن الدافع الحقيقي هو خدمة الإمام ، ويريد أن يطور أساليب الخدمة ليتوفق بقبول العمل،
الفكر والعاطفة تصنع الموقف الإنساني ، ليقترن المسرح الحسيني بالعاطفة والخيال ويحقق الإثارة البصرية . واقعة الطف ملاذ الفكر والعاطفة يستوحي منها المسرح صوراً عميقة من الواقع وتعد الواقعة مخزن إنساني فيه الكثير من الدلالات الفكرية والنظر الى الطف كناتج حياتي . واقعة الطف حاملة للحرّاك الفكري المعبر عن الثورة . عملت التشابيه على نقل المصائبية من حزن وألم من أجل خلق ثورة وجدانية ، وسعى الفنان المسرحي المثقف لتبني هذه الرؤية الوجدانية واقرانها بالموحيات الفكرية لتشكيل رؤية فنية مبدعة خلاقة ، والنظر اليوم إتجاه تعدد الرؤى الفاعلة والقادرة على رفع الكفاءة الأدائية ، منها ما يرى أن المسرح الحسيني لابد أن ينطلق من الواقعة ولا شيء خارج الواقعة . ورؤى تنظر الى أهمية الخيال لخلق نظائر موضوعية ترمز الى فكر الواقعة ومكوناتها الوجدانية ، فمن حق المؤلف المسرحي الاشتغال على الإبتكار ، ليبتعد عن السرد الروزخوني ، الكان كان وقراء المقتل ، اما من حيث الإخراج فالارتكاز على الفرجة المسرحية المعتمدة على التأثير الشعوري في المتلقي.
التعبير هو فن الإتصال سواء أكان عن طريق اللغة أو الايماءة أو الإشارة أو الحركة أو اللون . هناك مؤثرات البيئة المحيطة والزمان الإتصال المعبر عن رؤى التأريخ ومؤثرات التعبير الذاتي ، والجوهر الابتكاري في التعبير البنائي والدلالي والجمالي والادراك العقلي والرغبة الفطرية في التعبير عن المضامين الفكرية والتعبيرية ، والمسرح الحسيني يشتغل على قصة تاريخية مشهورة ومعرفة بأدق تفاصيلها ولها مشاهد متكاملة في ذهنية المتلقي في السعي والارتقاء بمشاعر الفضيلة عندما يمثل الممثل شخصية المعسكر الإيجابي ومقبول شخصيات الفعل السلبي مؤذي اجتماعياً حتى أن بعض الممثلين حملوا اللقب اجتماعياً ،فصار البيت والعائلة يحملون لقب بيت الشمر ، والكثير من الشخصيات في المحافظات يحملون لقب الحاج فلان الشمر يموتون وهم يحملون اللقب الذي يزعجهم . العرض المسرحي الحسيني الجيد ؛ هو العرض الذي يؤثر في الحاضر المعاصر في روحيته ووجدانه .الدكتور حسين التكمه جي إستخدم في أحدى عروضه الرمل الذي يفرش في صحن الحسين "عليه السلام" لعبور ركضة طويريج ونثره على خشبة العرض فرشها على ارضية الخشبة أثناء عرض مسرحيته العاشورائية ، ما ان انتهى العرض هجم الجمهور ليأخذوا التراب في أكياس وحقائب والبعض أخذ التراب في جيوبه للتبرك ، وهذا يعني ان المخرج وضعنا أمام قدسية التاريخ وقدسية الأثر المعاصر . الشواهد العمرانية للمراقد هي صلة التأريخ ـــ والشعائر الحسيني ــ الواقع إستثمار الشعور عبر الواقعين، التكنلوجيا معنية بتطوير اليآت العرض ، الاشتغالات التقنية تجهيز العرض ـــ الإنارة لكنها لا تقدر أن تغير شيئاً من الجوهر التكنلوجيا ساهمت بتوصيل الصوت ونقل الصورة ، لكن هل تستطيع أن تجعل الرموز الحسينية تحمل الرشاشات والدوشكات وحبيب بن مظاهر ، يكون المسؤول عن مشاجب التسليح أم إن الرمز يبقى هو السيف؟
ـــ هل نجعل المقاتلين يركبون العجلات بأنواعها أم ستبقى الجياد هي رمز الاليات المستخدمة في القتال ؟ ما زلنا أمام تماثل التأريخ ــ الخيام ـــ الجياد ـــ السيوف ـــ الملابس ـــ الألوان ــــــ الحوارات وتبقى الفرضيات قائمة أمام واقع مراقد الرموز مهددة بالتفجيرات ــ وهناك فرضيات عمل ، أذن المواكب الحسينية استفادت من التكنلوجيا لتجهيز المشاغل بدل أن كانت الشمولية اليوم الإنارة بدل ان كان المشغل يجهز بالخرق والنفط اليوم الانارة ، يدل ان يرفع المشعل على الاكتاف ، ممكن يرفع على الشاحنات الصغيرة ، تطورت وسائل العرض وليس قيمته الجوهرية ، تجربة الحداثية اليوم أنها قدمت مسرح العلبة ـــ كرديف لمسرح التشابيه وقدمت مسرح الشارع ، للعروض المسرحية عرضت فرق عديدة في كربلاء مسارحها في الشارع لتكون الخشبة هي الطف ـــ القاعة ـــ الشارع والجمهور من الزوار ، وامتلأت الشوارع بالشاشات التي تقبل العرض ــ وعرفت الكثير من الأماكن في كربلاء ، عروض وقدم الكثير من المخرجين تجاربهم المسرحية من قاعات العرض المفتوح كبديل التشابيه ليصبح الممثل الأكاديمي صاحب دراية بنقاط التأثير ويصبح المسرح فكري ــــ شعوري ــــ ومصائبي غير انكساري وليمازج المخرج الحوار سيناريو العرض وسيناريو التأريخ . قدمت لي العديد من المسرحيات الحسينية في الجامعات وقدمت لي العديد من مسارح الشارع ايضاً . المسرح الحسيني اليوم يختلف عن المسرح التشابيه ، اليوم أختلف المعنى معنى العرض المسرحي ، أصبحنا أمام مرحلة الارتكاز على الفكري وعلى الادعاءات والرموز والدلالات تنوع الصيغ المسرحية ــ الارتجالي والرمزي والسوريالي ، وخلق نماذج فكرية وأسلوب إبراز الصراع الدرامي ،
في مسرحية الصراع قدمت الصراع النفسي بين الممثل الأول عمر بن سعد والممثل الثاني ضمير عمر بن سعد ، وكان الصراع داخلي وقدم العمل من قبل نشاط المدرسي ميسان، وفاز كأفضل عمل المتكامل في مهرجان ينابيع الشهادة ـــ بابل ــ وهذا يدلنا على البحث عن إمكانات الممثل ــ وعي التجسيد والتخييل ولا يمكن أن نعتمد العملية الإختيار على التوارث ، بل هناك سياقات فنية جواب أمتلك العرب بعض الإعمال المسرحية لطيلة عشرات السنوات ، نصوص مسرحية لا تتجاوز أصابع اليد ـ مسرحين الحسين محمد رضا شرف الدين 1931م نص مسرحية مصرع الحسين للشاعر السوري ، عدنان مردم بك، الآم الحسين أو مأسآة كربلاء محمد عزيزة ، مسرحية هكذا تكلم الحسين محمد عفيفي مطر ألف وتسعمائة وتسع ستين ، ومسرحية ثار الله بجزئيين الحسين ثائراً ، الحسين شهيداً ، عبد الرحمن الشرقاوي 1969م ومسرحية ثانية يجيء الحسين 1969م مقتل في كربلاء للشاعر المصري ( فتحي سعيد) 1973م مسرحية مساء التأمل قاسم محمد 1974 ، مسرحية الحسين يموت مرتين للكاتب المغربي عبد الكريم برشيد ، نص تعازي فاطمية للكاتب التونسي عز الدين المدني ، مسرحين الحسين للمؤلف السوري وليد فاضل 1998م وأما في المؤتمر التأسيسي لمهرجان المسرح الحسيني في العتبة العباسية المقدسة والتي أقرت فيه اللجنة التأسيسية والمعّدة من أساتذة الأكاديمية في العراق ، وأنشاء مكتبة نصية لمسابقة المسرح الحسيني والتي استطاعت ان تقدم نصوص مسرحية كثيرة ولمؤلفين كبار أمثال المرحوم إبراهيم راضي العماري والمرحوم إبراهيم راضي المعماري والمرحوم أحمد كاطع العبيدي ، باسل بن خضراء من فلسطين والكاتب أثير الهاشمي ، وحسين رشك وحسين توبي ،والشهيد حمزة اللامي، حيدر عاشور، وحيدر الشطري ، والشاعر رضا الخفاجي ، والشاعر سلام البناي ، والمرحوم عبد الكاظم حسوني ، وتميز بوجود نصوص المسرح الحسيني النسوي الكاتبة السورية بارعة مهدي بديرة والكاتبة زينب علاء ، زينب محمد الحسين ، سحرالشامي ، هاجر التميمي ، والكثير من الشعراء والمؤلفين وتم تنفيذ وأنتاج العديد من المسرحيات منها مسرحية على ظلال الطف للكاتبة السورية بارعة مهدي ، وإخراج الدكتور علي الشيباني ، وإخراج مسرحية الكون كله شجرة من تأليف المرحوم احمد جدوع العبيدي وإخراج الدكتور علي الشيباني ، وخمسة عروض أخرى من انتاج العتبة العباسية آخر الأعمال المسرحية مسرحية سنان البطل الخارق