أستاذ الدراسات القرآنية في جامعة الكوفة إصدار دار المؤرخ العربي ــ بيروت ــ لبنان
نجد أن السيد الباحث الدكتور قدم لنا تعبيرا صادقا عن معنى الالتزام الفكري المؤمن والتمسك بفاعلية المنجز الإلهي ــ القرآن الكريم ومواجهة المشروع الاستشراقي وتفعيل هذا الجهد الإنساني وتعميق أبعاد الرؤية فيه، نحتفي بهذا المنجز الكبير
حيث أصبح طموحنا محاورته عبر هذا المنجز الحيوي
صدى الروضتين:
-نريد أن نتعرف منكم على مضمون هذه الدراسة؟،
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ هي دراسة تنظم جهود المستشرقين في الدراسات القرآنية، تناولنا عطاءهم الفكري لنشيرَ إلى أبرز أعمالهم في هذا المجال، يعبر هذا الاستقراء عن حبي للقرآن الكريم واعجابي بذيوعه وانتشاره ليصل الأمر إلى أن يبحث بإعجازه من لا يؤمن به.
أردت أن أبين في هذا الكتاب أن العالم المتمدن انتبه إلى ما أحدثه القرآن الكريم من تغيير شامل في المجتمع العربي والإسلامي وما قدمه من ثقافة وتطور للحضارة الإنسانية،
&&&
صدى الروضتين:
ـ ماهي الغاية من الدراسة وما الذي حققته من منجز؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ سعيت في هذه الدراسة أن أكشف أبرز البحوث القيمة في موضوع الدراسات القرآنية، وتكفل النقد بتهذيب وجهات النظر الضعيفة, والعودة بها إلى المناخ الطبيعي، أريد أن أوضح لكم أن الجهود التي قدمتها للكتاب كانت مضنية, احتجت معها إلى ترجمة بعض النصوص من الانكليزية والاستعانة ببعض الأساتيذ في الالمانية، وكانت المراجع أغلبها من كتب المستشرقين، وما كتبه المستشرقون أنفسهم وإضافة إلى قائمة بمؤلفات لم يحصل عليها ولم يطلع على إسرارِها، وأما ما كتبه المستشرقون في موضوع القرآن فكان مادة البحث الأولى التي اعتمدناها في النصوص والتقييم والنقد، وسلطت الأضواء على كوامن البحث من مصادره القيمة ومعالمه المتشعبة، واستقراء متنوع الجهود الاستشراقية في الدراسات القرآنية القيمة
صدى الروضتين:
ـ ماهي الموضوعات التي تدور فيها أعمالهم القرآنية؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ تابعنا الموضوعات حسبما أنتجوه وحسب أهميتها عندهم فوجدنا
أولا.. اعتنوا بتاريخ القرآن الكريم وكل ما يتعلق بأسباب نزوله وتاريخ سوره من مكية ومدنية، وقراءاته ولهجاته وكتاباته وتدوينه، ماذا في هذا الفلك من رأي أو فكرة أو نظرية.
ثانيا.. ترجمة القرآن الكريم إلى مختلف اللغات العالمية والألسن الحية، ترجمة حرفية أو تفسيرية أو لغوية جزئية وكلية.
ثالثا.. نشر ما كتب عن القرآن وما ألف فيه، وتحقيق النصوص القديمة في آثاره والتدوين والفهرسة بمختلف الأصناف
رابعا.. البحوث العامة والدراسات المتنوعة التي تنبثق عن القرآن في علومه وفنونه وبلاغته ومسايرته للحياة في الفن والفلسفة والاجتماع فكانت أداة صالحة للدراسات الموضوعية الجادة.
خامسا.. الدراسات متشعبة الموضوعات بتقويم نقدي لأشهر الجهود الاستشراقية في الدراسات القرآنية تاريخا وتدوينا وتفسيرا وموضوعا، كشفنا فيه طبيعة الفهم الاستشراقي للقرآن، وتوثيق القرآن عند المستشرقين من ينابيعه الأولى واستقراء المجهول في مختلف الأبحاث الاستشراقية،
سادسا.. صنفنا معجما إحصائيا بأبرز الدراسات الاستشراقية للقرآن الكريم، وبوبنا أبجديا تيسيرا للقارئ وتنظيما لهذا التراث الضخم.
صدى الروضتين:
ـ نريد أن نستثمر وجودكم ونسأل:
هل يمكن لنا أن نعرف حدود الاستشراق ودوافعه؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ تخطى مصطلح الاستشراق الغربيين وتجاوزهم إلى دول لم تقنع بالإسلام دينا ولم ينطقوا العربية لغة، وأن كانوا شرقيين شملهم التعبير ولهذا يطلق الاستشراق الروسي والاستشراق الياباني والاستشراق الصيني، الإسلام واللغة العربية مادة خصبة لموضوع الاستشراق وقدر للإسلام أن يحتضن الإسلام واللغة العربية بوقت واحد، اعتبر أغنى المواضيع عند المشرقيين على الاطلاق.
أما الدوافع فهي متفاوتة منها بدوافع تبشيرية والسعي لإقناع المسلمين بلغتهم ببطلان الإسلام وجذبهم إلى الدين المسيحي، بالمقابل هناك رأي لا بد أن يناقش فبعض الكتاب المسلمين يتهمون الاستشراق بالتبشير المسيحي، والحقيقة أن فيهم السطحي وفيهم الموضوعي، يعمل البعض منهم لتقليل أهمية الإسلام وزعزعة النفوس، وإسدال ظلال كثيرة قاتمة حول التأريخ الإسلامي لخدع البسطاء والمترددين ـ تبعا لهوى في نفوس القوم، نجد قسم من المستشرقين الألمان واليهود يقولون بأن القرآن قد حرف وبدل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي صدر الاسلام الأول، وان النبي كان يصاب بالصرع، ورد عليهم جملة من المستشرقين مثل السير وليام مولر في كتاب (حياة محمد) رد على التجني والحقد الأعمى، وعقب على ظاهرة الصرع فرق بين حالات الصرع وبين حالات الوحي، وبذلك أدين المستشرقون المتطرفون بفم المستشرقين المنصفين، وهناك
دوافع استعمارية تمليه طبيعة عمل المستشرقين في البلدان العربية والاسلامية، من ضرورة اتقان اللغة، والتخصص التابع لطبيعة عمل المستشرقين في البلدان العربية والاسلامية من ضرورة إتقان اللغة، والتخصص حسب تأثره بفن من فنون الشرق، ويخضعه إلى مفاهيم استعمارية والسعي لإبراز وجهات الاختلاف وهناك دوافع علمية، الهدف العلمي وراء دراسة القرآن الكريم والتراث العربي كونها لغة ثقافة وأدب وحضارة، ومع هذا لا بد ان نقف موقف الحذر والحيطة من جملة جهود المستشرقين واجتهاداتهم بالنسبة للدراسات القرآنية، فهم يخضعون القرآن إلى استنتاجات قد تكون بعيدة عن الفهم القرآني الصحيح.