ادوار متعددة قامت بها السيدة زينب عليها السلام في ثورة كربلاء المباركة، ولولاها لما تحقق الفتح الذي وعد به الإمام الحسين عليه السلام ، فهو لا شك ليس فتحاً عسكريا بحساب المعارك ، وانما هو فتح عقائدي مبين حفظ الدين والشريعة والقرآن، وصان الحرمات والمقدسات ، واعلى صوت الحق فوق كل صوت ، واذلّ الجبابرة والطواغيت في كل زمان ومكان، وانار طريق الحرية والهداية للناس جميعاً
ومن ضمن هذه الادوار ما كان لها من دور كبير في الحفاظ على حياة الإمام السجاد عليه السلام، الذي يمثِّل بقية النبوّة، ومعدن العلم وأهل بيت الوحي ، ويمثِّل الامتداد الطبيعي والتشريعي للإمامة، فهو الإمام المعصوم الذي لولاه لساخت الأرض بمن فيها ، وهي عالمة غير معلمة بهدا المقام الشريف، لذا تصدت عليها السلام لاداء دورها الريادي في حفظ بقية الله ولو كلفها ذلك نفسها الشريفة وقد نقل المؤرخون موقفين معروفين شجاعين غيورين لها:
الأوّل: عندما قُتِل الإمام الحسين عليه السلام، وتعرّض مخيمه للهجوم الوحشي من قِبَل جيش عمر بن سعد، وانتهى القوم إلى علي بن الحسين عليه السلام وهو عليل على فراشه لا يستطيع النهوض، «فقائل يقول: لا تدعوا فيهم صغيراً ولا كبيراً. وآخر يقول: لا تعجلوا حتى نستشير الأمير عمر بن سعد. وجرّد الشمر سيفه يريد قتله، فمنعه ابن سعد من قتله، خصوصاً لمـّا سمع العقيلة زينب سلام الله عليها تقول: لا يُقتَل حتى أُقتَل دونه»
الثاني: عندما أُدخِل السبايا على عبيد الله بن زياد في الكوفة، وجد مع النساء رجلاً واحداً، فاستغرب ذلك، والتفت إليه، «فقال له: مَن أنت؟ فقال: أنا علي بن الحسين. فقال: أليس قد قتل اللهُ علي بن الحسين؟ فقال له علي عليه السلام: قد كان لي أخ يسمّى علي قتله الناس. فقال له ابن زياد: بل الله قتله. فقال علي بن الحسين عليه السلام: (اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) فغضب ابن زياد وقال: وبك جرأة لجوابي، وفيك بقية للرد عليَّ؟ اذهبوا به فاضربوا عنقه. فتعلّقت به عمّته زينب وقالت: يا بن زياد، حسبك من دمائنا. واعتنقته وقالت: والله، لا أفارقه، فإن قتلته فاقتلني معه. فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة ثمّ قال: عجباً للرحم! والله، إنّي لأظنّها ودّت أنّي قتلتها معه، دعوه فإنّي أراه لما به» وهكذا كان دور العقيلة سلام الله عليها في المحافظة على بقية الله الصالحة، فعندما ينظر الإنسان إلى مشهد أهل البيت عليهم السلام يوم عاشوراء بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته، يرى وكأنّه لم يبقَ لهم أثر ولا وجود، لأنّ الشعار الذي رفعه عمر بن سعد وجلاوزته هو: أن لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية، ولكن الله تعالى بالمرصاد ، وقد شاء ان تبقى هذه السلالة الطاهرة الزاكية النامية المنتشرة، والتي رفعت راية الإسلام في كلّ عصر وزمان. وستبقى الى ان يعجل الله تعالى بالفرج فيظهر مهدي هذه الأمة ليملأ الارض قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا
اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ و عجّل فرجه وسهل مخرجه وأوسع منهجه، واسلك بنا في طريق محجته، آمين رب العالمين، بمحمد وآله الطاهرين، صلواتك عليهم أجمعين، والحمد لله رب العالمين
ميثم الفريجي 25 محرم الحرام 1445 هج النجف الاشرف