اللهم صل على محمد وآل محمد
القرآن دستورنا المقدس
الإنسان له عدة طبائع ومن اهمها الطبيعة اللذائذية ونختصر الحديث عنها بهذا التوضيح المختصر:
إن طبيعة الإنسان تبحث عن اللذائذ،
فإذا أردنا أن نردعه عن بعض اللذائذ المحرمة،
فلا بد لنا من طرح البديل الصالح المتمثل باللذة الحسية المباحة.. فالإنسان إذا شرب عصيرًا ممتعًا يلتذ بشربه للعصير، لكن لذة حسية، الإنسان إذا شرب مثلاً عصيرًا شديدَ الحموضة يتألم لكنّ ألمًا حسيًا، هذا يسمّى باللذة الحسية والألم الحسي،
ولكنّ هناك صنفين آخرين من اللذائذ، يسدان فراغاً كبيرا في النفس..
فهناك التلذذ العلمي، فالإنسان إذا قام بتحليل مسألة رياضية بعقله، بمجرد أن يقوم بحل المعادلة الرياضية بعقله يلتذ لكن لا لذة حسية بل لذة عقلية، اللذة التي تعقب قيامَ الإنسان بحل المعادلة الرياضية هذه تسمّى لذة عقلية وليست لذة حسية»، الألم الذي يصيب الإنسان عندما يفشل في حل المسألة الرياضية هذا الألم ألمٌ عقليٌ وليس ألمًا حسيًا.
والسعادة من قسم اللذة العقلية، اللذة التي يلتذ بها العقلُ تسمّى سعادة، الإنسان إذا التذ بالعلم لذة الإنسان بالعلم لذة عقلية، هذه هي سعادة، ألم الإنسان من الجهل ألمٌ عقليٌ، هذا شقاءٌ، فالسعادة عبارة عن: اللذة العقلية، والشقاء عبارة عن: الألم العقلي.
فالسعادة الحقيقية هي التي يعبّر عنها علماءُ العرفان - انطلاقًا من الآية المباركة - بالحياة الطيبة، ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [5] ، السعادة الحقيقية ما تقترن بالحياة الطيّبة، وما هي الحياة الطيبة؟
أما الحياة الطيبة ليست في الوجود المادي من خلال الأبناء والأولاد، الحياة الطيبة في الاطمئنان والاستقرار، من يعيش اطمئنانًا داخليًا فهو يعيش حياة طيبة ولو كان مُعْدَمًا فقيرًا، ومن يعيش قلقًا واضطرابًا فهو يعيش حياة مرضية ولو كان يملك من أزمة امتداد الوجود ما يملك، الحياة الطيبة حياة الدّعة والاستقرار والاطمئنان.
من هنا يركّز القرآن الكريم على أنّ من خصائص المؤمنين بل من آثار الإيمان السعادة الحقيقية والحياة الطيبة، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾[8]المؤمنون مطمئنون، ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[9]يعيشون اطمئنانًا، ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾[10]، الاطمئنان هو السعادة الحقيقية، والقلق هو الشقاء الحقيقي، وليست المسألة منوطة بامتداد الوجود المادي أبدًا.
------------------------------------------------------------------
[1] سورة النحل، الآية: 97.
[2] سورة الرعد، الآية: 28.
[3] سورة يونس، الآية: 62.
[4] سورة الفجر، الآية: 28-27.
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك