نشأ زيد بن علي في أحضان والده الإمام زين العابدين وأخيه الأكبر محمد الباقر عليهما السلام ودرس على يديهما العقيدة المحمدية، فكانَ زيد مضرب المثل في العلم بشهادة أخيه الأكبر محمد الباقر بقوله : « بأبي أنت وأمي يا أخي أنت والله نَسِيْج وحدك، بركةُ اللّه على أم ولدتك، لقد أنجبت حين أتت بك شبيه آبائك »( ).
نشأ زيد بن علي (ع) في حجر أبيه السجاد وتخرّج على يديه وعلى يدي الإمامين الباقر والصادق (ع) ، ومنهم أخذ المعارف وأسرار الاحكام. وفي كلام أصحاب الأماميةكالأعمش والشيخ المفيد، والحرّ العاملي والمحدث النوري ، وجدوهم مصرّحين بفضله في العلم وتبصُّره بالمناظرات، وكان عمر الوجهي يقول: رأيت زيد بن عليّ فما رأيت أحداً يفضله في معرفة الناسخ والمنسوخ والمتشابه من الكتاب المجيد.
كان زيد معروفاً بفصاحة المنطق ، والسرعة في الجواب وحسن المحاضرة، والوضوح في البيان والإيجاز في تأدية المعاني على أبلغ وجه، وكان كلامه يشبه كلام جدّه علي بن أبي طالب (ع) بلاغةً وفصاحة فلا عجب إِذاً إنْ عدّه الجاحظ من خطباء بني هاشم، ووصفه السبيعي والأعمش بأنه أفصح أهل بيته لِساناً وأكثرهم بياناً .
وقال أبو الجارود: دخلت المدينة وكلما سألت عن زيد بن علي قيل لي: ذلك حليف القرآن.
وفي عبادته قال يحيى الشهيد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب واصفاً عبادة والده : « رحم اللّه أبي كان أحد المتعبدين، قائم ليله صائم نهاره، كان يصلي في نهاره ما شاء اللّه فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة، ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء اللّه، ثم يقوم قائماً على قدميه يدعو الله ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر سجد سجدة، ثم يصلي الفجر، ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار، ثم يذهب لقضاء حوائجه، فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاه واشتغل بالتسبيح والتحميد للرب المجيد، فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس، ثم يصلي العصر، ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة، فإذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء».
وقد رد في استشهاده في كتاب كشف الغمةللأر دبيلي : قال الصادق (عليه السلام)لأبي ولاد الكاهلي: رأيت عمي زيداً ؟ قال: نعم رأيته مصلوباً، ورأيت الناس بين شامت ومحزون، فقال عليه السّلام: أمّا الباكي عليه فمعه في الجنة، وأمّا الشامت فشريك في دمه.
وكذلك في كتاب ثواب الأعمال للصدوق، عن محمّد الحلبي، أن أبا عبد الله رحمة الله قال: قتل الحسينَ عليه السّلام آلُ أبي سفيان فنزع الله مُلكهم، وقتل هشامٌ زيداً بن عليّ عليه السّلام فنزع اللهُ ملكه، وقتل الوليدُ يحيى بن زيد فنزع الله ملكه، وقدحدث شبيب بن غرقد قال: قدمنا الكوفة من الحج فدخلنا الكناسة ليلاً، فلما كنا بالقرب من خشبة زيد اضاء الليل، فلم نزل نسير نحوها فنفحت منها رائحة المسك، فقلت لأصحابي: هكذا توجد رائحة المصلوبين، وإذا بهاتف يقول: هكذا توجد رائحة أولاد النبيين، الذين يقضون بالحق وبه يعدلون.