بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قرآننا عزنا وشرفنا
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾
[ سورة الأنعام، الآية: 159]
وظيفة العلماء في مقابل البدع:
ورد في الحديث النبوي الشريف أنّ رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) بيّن وظيفة العلماء والفقهاء في مقابل البدع والمبدعين وقال:
((إِذا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي امَّتي فَلْيُظْهِرِ الْعالِمُ عَلْمَهُ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ))[1] .
منشأ المشكلات في الجاهلية:
إنّ العرب في الجاهلية كانوا يعيشون مشاكل عديدة، وهذه المشاكل تمتد بجذورها إلى عوامل وأسباب مختلفة، ولكن هناك عاملين أساسيين في بروز تلك المشاكل والأزمات الاجتماعية والأخلاقية:
1 . الخرافات؛ فقد كان العرب في الجاهلية يعيشون أنواع الخرافات التي أفرزتها أذهانهم الصغيرة وافقهم الضيق، وكانت نتيجتها الوقوع في الكثير من الأزمات والمآزق .
2 . البدع؛ فقد كان أعراب الجاهليّة يعتقدون بدين خاص وبالرغم من أنّ هذا الدين قد تعرض للتحريف والتحوير ولكنه بالنسبة إلى الأديان الأخرى يتضمن بدعاً كثيرة ومختلفة، ومن جملة تلك البدع تحريم بعض الأطعمة من قبيل تحريم بعض اللحوم والخبز وأمثال ذلك وتقديمها بشكل خاص إلى الأصنام، وقد تقدّم بعض الكلام عن هذا الموضوع فيما سبق.
وأحد الأمور الذميمة الأخرى لهؤلاء الجاهليين، قتل أبنائهم وخاصة البنات، وهذه البدعة القبيحة والوحشية لها ثلاثة عوامل:
أ - إنّ العرب في ذلك الوقت كانوا يعتبرون البنات مصدراً للعار والخزي والفضيحة، ولهذا كانوا يدفنوهنّ أحياء ويفتخرون بهذه الجريمة البشعة حيث تشير الآية إلى هذه الحقيقة وتقول: ﴿بِأَيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾[2] .
ب - العامل الآخر، الفقر والمسكنة، فمن أجل التخلص من الفقر المدقع والعوز الشديد في المال والطعام كانوا يقتلون أبناءهم، والآية الشريفة تشير إلى هذا المعنى وتقول:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾[3] .
وأيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾[4] .
ج - العامل الثالث لظهور هذه البدعة الخطيرة في الوسط الاجتماعي، التقرب إلى الأوثان التي لا تضرّ ولا تنفع، فالعرب في الجاهلية كانوا لا يكتفون بتقديم القرابين من الأضاحي والأنعام والإبل، بل أحياناً كانوا يقدّمون أبناءهم ويذبحونهم على أقدام الأصنام، تقول الآية الشريفة: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾[5] .
وعلى ضوء ذلك فإنّ هذه البدع الكثيرة قد سلبت راحتهم وشوشت أذهانهم ودمرت اقتصادهم وكان لها دور مخرب في حياتهم الاجتماعية والأخلاقية والثقافية، ولهذا نرى أنّ القرآن الكريم يتحدّث في تسع آيات قرآنية عن البدعة بعبارة ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ﴾[6] .
وعليه فمهما تحدّثنا عن قضية خطأ البدعة والافتراء على اللَّه كان ذلك قليلًا ولا يفي بالمطلوب لأهميّة هذا الموضوع، فعلى الجميع أن يلتزموا جوانب الحذر من هذه الظاهرة الخطيرة حتى لا يتورطوا في إلحاق الظلم بأنفسهم وبالأشخاص الذين يعملون بهذه البدع، وكذلك يظلمون دينهم ورسالتهم السماوية .
______________________________
[1] وسائل الشیعة، ج16، ص269.
[2] سورة التكوير، الآية: 9.
[3] سورة الإسراء، الآية: 31.
[4] سورة الأنعام، الآية: 151.
[5] سورة الأنعام، الآية: 140.
[6] سورة يونس، الآية: 17.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
تعليق