علي حسين الخباز
درس جديد تعلمته من قراءتي للمجموعة القصصية (موعد بلا هوية) للأستاذ صباح رحيمة، ما الذي يستطيع ان يضيفه مخرج تلفزيوني عند كتابة القصة القصيرة؟ اكيد هناك رؤية تقنية تضيف للنص القصصي حراك زوايا النظر، والتعامل مع المعالجة بشكل تضيفه الصورة لبناء فني بناء الحدث وتكامل الشخصية ، الأبنية الزمنية ، اللغة ، موقع الراوي
كتب صباح رحيمة في مقدمته رأيت بالتجربة الحياتية والفنية يمكن انم اقدم ما بوسعي للتعبير عن خلجات النفس الإنسانية واسقط دمعاتي وآهاتي واجعلها تمشي على تلك السكك لتدخل القلب ومفردة سكك تعني الأساليب المتبعة بالكتابة وتعني عندي انه يقدم سيرة ذاتية للموقف الحياتي قد تكون دقائق من الزمن الخارجي أولا الأساليب المتنوعة وهي في قضية التجنيس تنوع ابداعي في تجربة صباح رحيمة هناك تقنيات القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والومضات المتنوعة وهناك الهايكو ،
الكتابة بوعي تجعلنا امام مسؤولية البحث في الاحتراف المتمرس وبعث الاثارة ففي قضية (دمعة حرى) ذاكرة امرأة تشتغل في زمانين الزمن الأول زمن الموقف تكريم الفنان صبحي العزاوي وهو يحمل على منصة التكريم لا يقوى على الحراك والزمن الثاني هو استرجاعي تتذكر وجوده في حياتها، ذروة المشهد اذا به امامها مبتسما يقدم الهدية التي استلمها توا تنزل دمعات خجلى من بين جفنيه تراها اول مرة تهرع اليه تمسحها قبل ان تسقط للأرض(ص10) وفي اغلب قصصه نجده مخرجا يؤثث للمشهد زوايا التقاط مع الاعتناء بالدلالة وبرمزية المشهد مع وجود الجدحة الشعرية الشعورية في عملية السرد (ونجتمع وتحت عباءة كل واحد منا خنجر مسموم) ص12
جمالية الرؤية الإخراجية تجعله كقاص يتحرك في بنى جوهرية متنوعة مرتكزة على بنية السؤال الاستفهامي ، الاستفهام يبرز البلاغة ليعمق المشهد الفكري داخل محور الاستفهام وفلسفة الانتظار تعمد مسارها الاستفهامي بوصول الى بداية الرؤيا نهاية الجولة الاستفهامية في قصة (انتظار) هل يأتي؟ سوف يأتي لابد وانه آت ولكن متى استفهام ليس انكاري بل تأكيدي لحالة استمرار الانتظار ( ولا زلنا ننتظر ) ص13 مهمة المخرج القاص هي البحث عن دلالات التضاد وابرازها بشكل مشهد دون ان يعلق على الحدث، وهذه ميزات المخرج القاص في قصة (حرية) لقاء إذاعي لإدارة مدير الإذاعة ثم التهديدات القصرية وحصار الفنان بعنف مع وجود الصادم الشعوري الدلالي والتضاد بين اسم الإذاعة الحرية ابراز هذا المشهد عبر مسمع إذاعي جاء مكتفيا بصورته الاخراجية دون تعقيب انشائي عن المشهد المسمع ص13
المخرج الكاتب يحضر عند المواقف الجادحة الفلسفية ففي قصة كابوس ) نجده يتحرى دقائق الوقائع في الماضي ، عملية التخلص من الذاكرة يعني التخلص من الدماغ والتخلص من الدماغ يعني التخلص من الراس (ص25) ويستمر في عملية استخدام لاستفهام للولوج الى العمق النصي في قصة (حدث في ظلام) من هذا ؟ ماذا يريد؟ ما الذي يحمله ؟ من اؤلائك ؟ ما هو؟ اين نخفي النقود ؟ مجموعة كبيرة من الأسئلة تبين لنا أجواء المفارقة الصادمة في نهاية القصة انهما المصلحان اللذان اتيت بهما من المدينة لإصلاح العطل ص46
يظهر استلهام الواقع عند المخرج الكاتب بتوظيف هذا الاستثمار لخدمة النص كون الواقع يمنح النص قيمة واهمية ويصبح جسرا تواصليا مع المتلقي بعض القصص خبرية تتراوح بين المضمون الواقعي والمتخيل الذي يفتح التأويل قصة (قتلوا عمتي) (انهم يقتلون عمتي وامام عيني وفي كل مكان في بلدي الذي كانت هذه العمة عنوان له
(ص86) تعددية التأويل عن قصدية العمة ووجودها هل يقصد النخلة ام يقصد المرأة وكرامتها وعزتها وعنفوانها ؟ ومن القصص الواقعية ما يكون منها ثقافة ذاكرة أيام العسكر او قصص يستلهم منها التاريخ المقدس بانعكاسات الواقع او تقدر ان تقول قراءة الحاضر بمدركات المقدس الموروث مثل قصة (على ذات السبيل) لو لم يكتب صباح رحيمة سواها لكفاه فخرا انه كتب على ذات السبيل ، لا اريد ان الخص من القصة شيئا لأني اريد المتلقي ان يبحث عنها فهي القصة الفائزة بالمرتبة الأولى في مسابقة القصة القصيرة لمهرجان التراتيل سجادية في العتبة الحسينية لعام 2018
سأقرأ الخاتمة: لكي لا أرى ذل السؤال في عينيه تأكدت الان ان هذا السبيل لن ولم ينقطع وهذه المدرسة باقية حتى قيام الساعة .
والواقع العراقي غني جدا بالحكايات والقصص والواقع مادة خام لإبداعاتنا وتناقضات الحياة ككثيرة والصراعات النفسية تطالب الوعي والفنان يبحث في نفسه وهو مدرك بما قاله في المقدمة بالتجربة الحياتية والفنية يمكن ان يعبر عن خلجات النفسية ويجلها تمشي على تلك السكك لتدخل القلب ، ملخص نقدي يعالج فكرة الانتماء الى الذات عبر التأمل الواعي والمرحلة الحياتية العراقية فيها قضايا خصبة وحيوية ، تعتمد نصوص المخرج لكاتب على أسلوب تناثر الأفكار وتنوعت مجموعته القصصية بأجناس أدبية متتنوعة منها القصة القصيرة جدا التي تمتاز بقصر الحجم والايحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة استخدمت التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس الجملي القصير المعروف بالحراك والتوتر وتأزم المواقف فقد عرف المخرج القاص بخطابه الذي يتجازر السرد الى الزياحات وخرج جمالي واغلب القصص القصيرة جدا التي كتبها صباح رحيمة فيها عمق فلسفي ،
(هزيمة)
(لازالت فيه قوة توصله الى بلوغ القمة لكنه فجأة تدحرج حتى استقر في قعر الوادي حينها ايقن انه قادر على قهر الجبل ولكن حصى صغيرة قادة على هزيمته ) ص15 وبعض القصص القصيرة جدا تميل الى التغيير والتجريب والابداع والتمرد والشعرية في تجربة صباح رحيمة
(فتوى )
بعد ان افنوا قرية بكاملها جاءوا عند الصلاة يبكون يسألون مفتيهم انهم اكلوا من ثمار بساتين القرية دون اخذ الاذن من أصحابها فهل هذا حلال ام حرم ؟) ص15
ومنها ما يكتب بأسلوب المفارقة
(عهد)
بعد ان تاه وسط عاصفة رملية وهو يحمل تعيين رفاقه الجنود اقسم انه لايدع أولاده يمرون بمثل هذا الموقف ولكننه تذكر انه لم يتزوج
كتابات تبتعد عن الاسهاب الوصفي وتمتاز بخاصية الحركة وسمة الإيحاء ، وتميز المخرج القاص بالومض صياغة مبنية محددة ومميزة في الأداء الشعري الذي يرتكز على التكثيف والتكوين صياغة الصورة النثرية والشعرية كالبرق الخاطف الومض
(غيمة )
التفت على صوتها ولما رأيتها انهمرت غيمة ذاكرتي بصور مضت عليها عشرون عاما (ص14)
أهمية الومضة انها تترك الأثر في نفسية المتلقي
(كم أتمنى ان تكون هذه الكلمات الغادرة طعنات سكين (ص16)
ويخلق التأويل المتنوع أمور التكثيف تحتاج النضج الشعري والومضة الشعرية عند المخرج الكاتب صباح رحيمة مفتوحة الافاق سعيا على انارة الإيحاء والترميز الدال ظاهرة الكاتب المخرج تذكرنا بتجربة عراقية مرادفة لتجربة رحيمة هو المرحوم حسين السلمان
موعد بلا هوية مجموعة قصصية استطاعت ان تحتفظ بهويتها
علي حسين الخباز
تعليق