التعامل المفرداتي مع الحياة له مواقف كثيرة لابد ان نقف عندها ونتأملها لندرك مدى شفافيتها او لنبحث عن مديات خشونتها وصلابتها وتقلب مواقفها... فلا أحد منا يشك بمحبة كل أم لأولادها ولكن هناك مسألة لاتحتاج الى نقاش ولاتقبل الجدل؛ فتكوين الأم العراقية له خصوصية عالية بين أمهات العالم العربي والغربي، فهي منبع الحنان في وقت وهي ايضا بركان الغضب في وقت آخر!! من سمع منكم أُمَّاً تقول لابنها عند اقل مفترق غضب صغير: (الله يشيلك) و(ساعة السودة الشفتك بيهة) وتدعوا (الله يشلع گلبك) و(عساك بسبع نسوان) ومثل هذه المواويل التي نشد انتباه اي أم لها، لها جذور وترسبات لعلها من افرازات الهم العام المتوارث لشعب تكالبت عليه النكبات فانسابت عنوة تلك الألفاظ إلى معجمات تداولنا اليومي... ولكن هذه الأم الحنون حين يصاب أحد اطفالها بأقل وعكة صغيرة يتفجر الحنان الحقيقي وتنقلب الدنيا عويلا ويداها مرفوعتان الى السماء وهي تنادي: (إلهي عساها بية ولا بيهم)...
واما حين يتزوج الأولاد ويكبرون تنقل كل مفردات الحنان الى دعوات تكسر الظهر، ونسمع مواويل (آنه الربيت وتعبت والغيري راح التعب) و(اجوا على الحاضر واخذوا كلشي) وساعة يصفو البال (خليهم بعيدين بس كونهم سعيدين) فاذا اردنا مناقشة الأمومة يجب ان لاننسى مثل هذه السمات العفوية، ولابد ان ننظر الى المرأة من خلال هذه المعاناة، ونعرف مديات انعكاساتها لا ان نتمثل بالأمور التي تكتب بأحدث موديلات المعاهد العالمية، واذا انتبهنا الى هذه الامور سنصل الى ما يمكن ان يكون قاعدة لنخدم بها الأم العراقية.