بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قرآننا عزنا وشرفنا
السيّدة سكينة بنت أبي عبد الله الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهما. أمّها الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي القضاعي. وهي الشريفة الطاهرة المطهّرة، والزهرة الباسمة الناظرة.
كانت سيّدة نساء عصرها، وأحسنهنّ أخلاقاً، ذات بيان وفصاحة، ولها السيرة الجميلة، والكرم الوافر، والعقل التام. تتّصف بنبل الفعال، وجميل الخصال، وطيب الشمائل. وذات عبادة وزهد.
يقول عنها الإمام الحسين (عليه السلام): ((وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله، فلا تصلح لرجل)).
كان الإمام الحسين (عليه السلام) يحبّها حبّاً شديداً، ويقول فيها وفي أمّها الرباب الشعر، قال :
لعمـركَ أنّنـي لاحـبّ داراً ***** تـحلّ بهـا سكينـة والرباب
أحبّهما وأبـذل جـلّ مـالي ***** ولـيس للائمـي فيهـا عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعاً ***** حيـاتي أو يعلّيني التراب
لقد حضرت هذه العلوية الشريفة مع والدها أرض كربلاء، وشاهدت ما جرى على أبيها واخوتها وعمومتها وبقية بني هاشم وأنصارهم، وشاركت النساء مصائب السبي، والسير من كربلاء إلى الكوفة ثم الشام فالمدينة.
وعندما ذبح أخوها عبد الله الرضيع اذهلت سكينة، حتى أنّها لم تستطع أن تقوم لتوديع أبيها الحسين (عليه السلام)، حيث حفّت به بنات الرسالة وكرائم الوحي، وقد ظلّت في مكانها باكية، فلحظ سيّد الشهداء (عليه السلام) ابنته وهي بهذا الحال، فوقف عليها يكلّمها مصبّراً لها وهو يقول :
سيطول بعدي يا سكينة فـأعلمي ***** مـنك البكاء إذا الحمـام دهاني
لا تحـرقي قلبـي بدمعك حسرةً ***** مـا دام منّي الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنـت أولـى بـالذي ***** تـأتينه يـا خيـرة النســوان
وبعد مصرع الحسين (عليه السلام) ومجيء جواده إلى الخيام عارياً وسرجه خالياً، خرجت سكينة فنادت : وا قتيلاه، وا أبتاه، واحسناه، وا حسيناه، واغربتاه، وابعد سفراه، واكربتاه. فلمّا سمع باقي الحرم خرجن فنظرن الفرس، فجعلْن يلطمن الخدود، ويقلْن : وا محمداه.
وعند رحيل العيال بعد مصرع الحسين (عليه السلام) مرّوا على أرض المعركة، فشاهدت سكينة جسد أبيها على الصعيد، فألقت بنفسها عليه تتزوّد من توديعه وتبثه ما اختلج في صدرها من المصاب، ولم يستطع أحد أن ينحيها عنه حتى اجتمع عليها عدّة وجرّوها عنه بالقهر.
وتشير أبياتها المفجعة التي قالتها في يوم عاشوراء على عظيم فجيعتها حيث تذوب روحها في أبياتها التي رثت بها أبيها في ذلك اليوم:
لا تعذليـــــــــــــــه فهمٌّ قاطعٌ طُرقُه *** فعينُه بدمـــــــــــــــوعٍ ذُرّفٍ غَدِقَه
إنَّ الحسيـــــــنَ غداةُ الطفِّ يرشقه *** ريبُ المنونِ فما أن يخطئ الحدقه
بكفِّ شرِّ عبــــــــــــــــادِ اللهِ كلهم *** نسلُ البغايا وجيشُ المُــــرَّقِ الفَسقه
يا أمةَ السوءِ هاتوا ما احتجـــاجكم *** غداً وجلُّـــــــــكمُ بالـسيفِ قد صفقه
الويـــــــــلُ حلَّ بكمْ إلّا بمن لحقه *** صيَّرتموه لأرمـــــــاحِ العِدى درقه
يا عينُ فاحتفـــلي طولَ الحياةِ دماً *** لا تبــــــــكِ ولداً ولا أهلاً ولا رفقه
لكن على ابن رسـولِ اللهِ فانسكبي *** قيحاً ودمعــــــــــــاً وأثريهما العلقة
سكبت السيدة سكينة عصارة روحها في هذه الأبيات التي تفوق معنى الألم والحزن فكانت عبارة عن لوحة تراجيدية تصف شعورها في ذلك اليوم المأساوي، كما تصف في تصاعدها حدة الغضب على الوحوش الآدمية التي ارتكبت هذه المجزرة والتي اهتزت لها أظلة العرش فالمشهد يذكي الأحاسيس والمشاعر ويؤجج نار الألم.
بقيت صور عاشوراء تعيش معها صورة صورة وحدثاً وحدثاً فأية صورة تُنسى ؟ وأي حدث يُسلى ؟ أصورة أبيها وهو مسجى على التراب وقد رفع رأسه على الرمح ؟ أم صورة كفي عمها وهما مقطوعتان على النهر ؟ أم صورة أخيها الرضيع وقد اخترقت النبلة رقبته ؟ أم صورة أخيها وهو عاجز يصارع المرض ؟ أم صورة عماتها وأخواتها وهن يهربن من حر النار من خيمة إلى خيمة وقد لاحقتهن السياط؟ أم... أم... أم....؟!!
لقد عاشت السيدة سكينة والدمعة لا تفارق عينيها حزناً على أبيها وأهل بيتها وما جرى عليهم في كربلاء، وبقيت صبغة الحزن العميق ملازمة لها حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها في 5 ربيع الأول عام (117هـ) وعمرها الشريف (74) عاما.
أعظم الله لكم الأجر بوفاتها سلام الله عليها
اللهم صل على محمد وآل محمد
قرآننا عزنا وشرفنا
السيّدة سكينة بنت أبي عبد الله الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهما. أمّها الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي القضاعي. وهي الشريفة الطاهرة المطهّرة، والزهرة الباسمة الناظرة.
كانت سيّدة نساء عصرها، وأحسنهنّ أخلاقاً، ذات بيان وفصاحة، ولها السيرة الجميلة، والكرم الوافر، والعقل التام. تتّصف بنبل الفعال، وجميل الخصال، وطيب الشمائل. وذات عبادة وزهد.
يقول عنها الإمام الحسين (عليه السلام): ((وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله، فلا تصلح لرجل)).
كان الإمام الحسين (عليه السلام) يحبّها حبّاً شديداً، ويقول فيها وفي أمّها الرباب الشعر، قال :
لعمـركَ أنّنـي لاحـبّ داراً ***** تـحلّ بهـا سكينـة والرباب
أحبّهما وأبـذل جـلّ مـالي ***** ولـيس للائمـي فيهـا عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعاً ***** حيـاتي أو يعلّيني التراب
لقد حضرت هذه العلوية الشريفة مع والدها أرض كربلاء، وشاهدت ما جرى على أبيها واخوتها وعمومتها وبقية بني هاشم وأنصارهم، وشاركت النساء مصائب السبي، والسير من كربلاء إلى الكوفة ثم الشام فالمدينة.
وعندما ذبح أخوها عبد الله الرضيع اذهلت سكينة، حتى أنّها لم تستطع أن تقوم لتوديع أبيها الحسين (عليه السلام)، حيث حفّت به بنات الرسالة وكرائم الوحي، وقد ظلّت في مكانها باكية، فلحظ سيّد الشهداء (عليه السلام) ابنته وهي بهذا الحال، فوقف عليها يكلّمها مصبّراً لها وهو يقول :
سيطول بعدي يا سكينة فـأعلمي ***** مـنك البكاء إذا الحمـام دهاني
لا تحـرقي قلبـي بدمعك حسرةً ***** مـا دام منّي الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنـت أولـى بـالذي ***** تـأتينه يـا خيـرة النســوان
وبعد مصرع الحسين (عليه السلام) ومجيء جواده إلى الخيام عارياً وسرجه خالياً، خرجت سكينة فنادت : وا قتيلاه، وا أبتاه، واحسناه، وا حسيناه، واغربتاه، وابعد سفراه، واكربتاه. فلمّا سمع باقي الحرم خرجن فنظرن الفرس، فجعلْن يلطمن الخدود، ويقلْن : وا محمداه.
وعند رحيل العيال بعد مصرع الحسين (عليه السلام) مرّوا على أرض المعركة، فشاهدت سكينة جسد أبيها على الصعيد، فألقت بنفسها عليه تتزوّد من توديعه وتبثه ما اختلج في صدرها من المصاب، ولم يستطع أحد أن ينحيها عنه حتى اجتمع عليها عدّة وجرّوها عنه بالقهر.
وتشير أبياتها المفجعة التي قالتها في يوم عاشوراء على عظيم فجيعتها حيث تذوب روحها في أبياتها التي رثت بها أبيها في ذلك اليوم:
لا تعذليـــــــــــــــه فهمٌّ قاطعٌ طُرقُه *** فعينُه بدمـــــــــــــــوعٍ ذُرّفٍ غَدِقَه
إنَّ الحسيـــــــنَ غداةُ الطفِّ يرشقه *** ريبُ المنونِ فما أن يخطئ الحدقه
بكفِّ شرِّ عبــــــــــــــــادِ اللهِ كلهم *** نسلُ البغايا وجيشُ المُــــرَّقِ الفَسقه
يا أمةَ السوءِ هاتوا ما احتجـــاجكم *** غداً وجلُّـــــــــكمُ بالـسيفِ قد صفقه
الويـــــــــلُ حلَّ بكمْ إلّا بمن لحقه *** صيَّرتموه لأرمـــــــاحِ العِدى درقه
يا عينُ فاحتفـــلي طولَ الحياةِ دماً *** لا تبــــــــكِ ولداً ولا أهلاً ولا رفقه
لكن على ابن رسـولِ اللهِ فانسكبي *** قيحاً ودمعــــــــــــاً وأثريهما العلقة
سكبت السيدة سكينة عصارة روحها في هذه الأبيات التي تفوق معنى الألم والحزن فكانت عبارة عن لوحة تراجيدية تصف شعورها في ذلك اليوم المأساوي، كما تصف في تصاعدها حدة الغضب على الوحوش الآدمية التي ارتكبت هذه المجزرة والتي اهتزت لها أظلة العرش فالمشهد يذكي الأحاسيس والمشاعر ويؤجج نار الألم.
بقيت صور عاشوراء تعيش معها صورة صورة وحدثاً وحدثاً فأية صورة تُنسى ؟ وأي حدث يُسلى ؟ أصورة أبيها وهو مسجى على التراب وقد رفع رأسه على الرمح ؟ أم صورة كفي عمها وهما مقطوعتان على النهر ؟ أم صورة أخيها الرضيع وقد اخترقت النبلة رقبته ؟ أم صورة أخيها وهو عاجز يصارع المرض ؟ أم صورة عماتها وأخواتها وهن يهربن من حر النار من خيمة إلى خيمة وقد لاحقتهن السياط؟ أم... أم... أم....؟!!
لقد عاشت السيدة سكينة والدمعة لا تفارق عينيها حزناً على أبيها وأهل بيتها وما جرى عليهم في كربلاء، وبقيت صبغة الحزن العميق ملازمة لها حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها في 5 ربيع الأول عام (117هـ) وعمرها الشريف (74) عاما.
أعظم الله لكم الأجر بوفاتها سلام الله عليها
تعليق