ان الشيء البارز في شخصية الإمام الرضا ( عليه السلام ) هو إحاطته التامة بجميع أنواع العلوم والمعارف.
كان الإمام الرضا" عليه السلام "– بإجماع المؤرخين والرواة -اعلم أهل زمانه وافضلهم وأدراهم بأحكام الدين وعلوم الفلسفة والطب واللغات . و كان" عليه السلام" أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة وكان يقول: أنا حجة الله على خلقه وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم .وقد تحدث أبو الصلت الهروي عن سعة علومه ( عليه السلام ) وكان مرافقا له فقال : ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، ما راه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي .
إن عصر الإمام الرضا امتاز بتعدد المذاهب المبتدعة وطرح الأفكار الدخيلة وانتشار العقائد الباطلة التي أدت إلى كثرة الجدل في الأمور الدينية والعقائدية والتي جعلت من النسيج الاجتماعي المتفهم يتحول إلى أحزاب فكرية تفرض آراءها بقوة السلاح ومما لا شك فيه إن السلطة العباسية كانت لها دور كبير في التمهيد لهذه التيارات وتشجيعها لرسم سياسة التزييف ودعم الحركات الفكرية المنحرفة التي تضيف شرعية كاذبة لخلفائها
فاتخذ الإمام الطرق الصحيحة في معالجة الانحطاط الفكري والديني المتفشي في المجتمع وكانت بدايته في معالجة الشبهات والتزييف المطروح في الساحة العلمية فوضع القواعد العامة لطرق معالجة هذه الحركات حيث قال عليه السلام : (إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام أحدها: الغلو وثانيها: التقصير في أمرنا وثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا...)
فتولى مناظرة أصحاب المذاهب المبتدعة ومن أقواله عليه السلام لبعضهم مثل المجبرة والمفوضة:
(من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهم السلام فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك) واستطاع الامام" عليه السلام" القضاء على الواقفيه وتقليص حجمهم
ولم يقتصر تصدي الإمام على رد وتفنيد ادعاءات هذه الملل المنحرفة التي تدعي الإسلام بل تعدى نشاطه الفكري إلى الرد على عقائد الفرق الغير إسلامية كاليهود والنصارى وكذلك الزنادقة وغيرهم.
وبعد محاربته للانحراف الفكري وتوضيح القواعد الصحيحة للإسلام الذي جاء به النبي واستقام بشريعته الغراء التي جهد أهل البيت في المحافظة عليها والذود عنها توجه إلى نشر العلوم الإسلامية الحقة باعتبارها ركائز الإصلاح وأساسه.
فاهتم عليه السلام بتفسير القرآن الكريم
وقام بنشر الأحاديث الشريفة المنقولة عن آبائه واستطاع بهما تشكيل منظومة فكرية مجتمعية مهيمنة على الساحة العلمية ومبلورة لأفكار وتوجهات المسلمين من الناحية العقائدية والتشريعية حيث رويت كثير من الأحاديث الشريفة عنه وبعد أن استطاع عليه السلام نشر الفكر الصحيح للإسلام انتقل إلى مرحلة تسهيل وصول المسلمين إلى احتياجهم من الأجوبة المبتغاة لهم فقد أسس شبكة من العلماء تنتشر في جميع البقاع التي يتواجد فيها أنصاره لتسهيل عملية التواصل معهم
إضافة إلى ذلك كان متابعا للرواة خشية الكذب عليه وعلى آبائه عليهم السلام كما انتهج عليه السلام المنهج الإسلامي الحق وتدرج فيه حسب المفاهيم عن السياق القرآني والأحاديث الشريفة.