إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المعرفة التأريخية علي حسين الخباز

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المعرفة التأريخية علي حسين الخباز


    تحتاج قراءة التأريخ الى موهبة ومعرفة موسوعية، تجعل منه كنز معلومات لا ينضب، وفي وقت نضبت فيه المتابعة الجادة لفهم التأريخ وقراءة منصفة، لابد أن تمتلك ذاكرة فطنة شمولية، وتواصل جاد يكسبها خبرة تجريبية واسعة، ومثل هذه القراءات التي نفتقد الكثير منها كان بمقدورها أن تتيح لنا معرفة شؤونها، وتطلعنا على الابداعات الفكرية والعلمية، واستلهام التراث الديني والمعرفي، ومعرفة التراث العالمي برمته.
    وتحتاج قراءة التأريخ الى التماثل النفسي مع شخصيات الرموز المقدسة أو الدنيوية والواقعية والمتخيلة، وعدم الاعتماد على النظرة التقديسية الكلية لمخلفات الموروث، فهو يحتاج الى متابعة والى تدقيق وتحقيق وتصفية، وتصحيح، فقد احتوى الموروث على كثير من الأمور غير الصالحة، وحتى على مستوى الفكر، فهناك أدلة السلفيين لا تقاس بها حاجاتنا المعاصرة.
    وهناك أيضاً كما يرى بعض العلماء دواء يشفي مريضاً ويضر به مريضاً آخر، ولدينا مثل الدكتور علي الوردي، قد تنفع قراءاته لعلم الاجتماع التنظيري، لكنه فشل في أن يكون مؤرخاً، لذلك نجده يدخل في معمعات هو في غنى عنها، تسيء الى التأريخ الوطني العراقي، وتسيء اليه والى تاريخه مثلما أساء الى كربلاء..!
    المسألة ليست في نقل الحقائق التاريخية، لينقلها مثلما يريد لك، القضية في مخادعة التأريخ والميل الى رؤى طائفية، لقد قلناها في أكثر من مقال، لكن جعجعة النصرة المتحفية، أربكت القيمة التواصلية.
    قراءة التأريخ تحتاج الى العسرة على الهوية، والإنصاف لها أمام ظالميها، كيف للدكتور الوردي أن ينقاد خلف طائفيته المقيتة، فينتصر للمحتل العثماني ولنجيب باشا على حساب كربلاء، وأهالي كربلاء المذبوحين في مجازر كبيرة، لذلك لابد أن ننتبه الى ظاهرة التأثير والاقتباس التقليدي.
    التأريخ له هيبة كبيرة وجاذبية آسرة لما تحمل من قناعات فكرية، تنقلك الى العمق المعنوي لتمتزج لدينا المتعة بالرغبة بالفرجة مع التهيب؛ لأن قدرة قراءة التأريخ المنصفة لها ملكة إبداعية، أي انها متمكنة من فرز الرؤى ومعرفة الأساليب المبتورة والموضوعة.
    وقراءة التأريخ في الحقيقة هي قراءة جديدة لانعكاسات النص التأريخي لمفاهيمه ورؤاه؛ كونها فعلاً ابداعياً فيه صيرورة جديدة، تتميز بميزتين الأولى أن تكون بمستوى ثقافة النص التاريخي؛ كي لا تشوه المعنى الإبداعي، وتوفير إمكانية الوصول لاستنباطاته الداخلية من خلال قراءة كلية دؤوبة تضع النص التأريخي في سياقه العام، بعيداً عن القراءة الممصلحة واللاواعية.
    والميزة الثانية أن يكون بمستوى فكري لا ينخدع بسلبيات المعروض حتى لو أخذ عند الجمهور طابع التقديس، فيكون النص لا يليق به ان يمثل التأريخ بمستوياته الفكرية النابعة من متابعة الواقع التأريخي لأي قراءة تاريخية، وتكون صاحبة سطوة على المموه التاريخي.
    أحد المؤرخين كذب مسألة سب الإمام علي (عليه السلام) على منابر المسلمين في زمن معاوية.. وبعد صفحات عاد ليقول: ان عمر بن عبد العزيز هو من رفع شتيمة علي (عليه السلام) من منابر المسلمين..! فلو أهملنا الميزة الأولى لسببنا إساءة للنص الأصلي، ولو فقدنا الميزة الثانية لوقعنا في شباك خيانة الواقع الفكري المعاصر، والميزتان محاولة لإبعاد الضحالة الفكرية، وتنقيح النص والقراءة.
    مشكلة قراءة التأريخ تحتاج الى الاستعانة بالعلوم الأخرى، لكل فترة لها محتواها وصراعاتها الفكرية، ولا يجوز تعميمها على جميع الفترات.
    نحن بحاجة الى البحث، وليس لإطلاق الأحكام إلا بموازين البحث والاستدلال، اطلاق الأحكام لا يخدم التلقي مثلما يخدمه البحث في الاستدلالات لتنوره القراءة بخصوبة ما تمتلك من ضوء؛ كون التأريخ بمفهومه المعنوي لا يعني ما حدث وما سيحدث، لاشك أن أغلب القراءات مموهة سادت فيها فلسفة التسويغ والتسويف والتبرير لإخفاء الواقع المتردي، وإسباغ مشروعه حالة اللافعل، باعتبارها قدراً لابد من الإقرار به وقبوله، والتسليم به فيصبح ليزيد الفعل سوقاً رائجة لها أنصارها، حتى يتأصل عندهم في الضمائر.
    اليوم يقرأ البعض الصوفية كأدب والآخر يقرأها كمذهب، بينما هي كانت تقدم خدمة مجانية للمحتل العثماني، ساعية لإطالة عمر الاحتلال.
    وفي تاريخ كربلاء، لدينا الكثير من الشواهد المسكوت عنها، قراءة التأريخ تحتاج الى العديد من النقاط المهمة: أن لا تكون ذات طابع انتقائي، يعتمد على حسابات قبلية أو حس مزاجي أو استخدم الأسلوب التفضيلي في تلك الانتقاءات والتي لابد أن تكون معبرة، تجنبنا الضعف، وتفعل لنا إرادة المواجهة، من خلال أحداث تاريخية لها ديمومة التأثير، تحفز الإرادة لتعيد صلة الماضي الذي ننتمي إليه، والمستقبل الذي نريد، ولإعادة فاعلية التأثير، لابد من الابتعاد عن نار الفرقة.
    هناك مسألة مهمة فيها تكمن المشكلة الحقيقية، فالأغلب ما زال يعامل التاريخ على أنه دراسة ما مضى من الزمن، وما فات من حدث، بل تحتاج قراءة التأريخ الى معرفة الضرورة التاريخية لهذا الفعل أو ذاك أو عدم الوقوف عند حدود الأخبار، معرفة الحراك التاريخي فعل السيرورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، باعتبارها مولدة للحدث وهو شرط أساسي لإنتاج المعرفة التأريخية.


  • #2
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين
    ​​​​​​​​​​​​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X