تويت
النسر وعيون المدينه ومسلسلات اخرى كان بطلها استاذنا بدري حسون فريد.
عرف بملامح وجه قاسيه وبنظرات حادة يرمق بها رغم جمال عينيه الخضراوين
ونحن طلبة في السنوات الاولى من الدراسة مبهورين بما نشاهد يوميا من وجوه لم نعرفها سوى على شاشة التلفاز ولهم جماهيريه ومعجبين ,واذا نحن وجه لوجه معهم نتحدث اليهم ويتحدثون لنا .كلامهم فيه سحر خاص بالنسبة لنا نحن القادمون من بيئة ومجتمع غير مجتمع الفن والتمثيل بوجه عام ,وواحد ممن يقرا وجوه طلبته هو الكبير الراحل بدري حسون فريد الذي سمعنا من الطلبة الذين سبقونا العشرات من القصص التي سمعوها منه وبعضها ألفت بأسمه وهم يقلدون صوته (أنا بدري الذهبي ,,على الحكومة ان تامم أصابعي مثل ما اممت النفط ))كلام خطير كنا نظن انه معجب بنفسه كثيرا حد الغرور ..ولكن الواقع يثبت ان هذا الرجل الوسيم كان محقا ومؤمنا بقدراته وامكاناته التي اشتغل عليها لسنوات طوال ..اتذكر اول محاضرة أعتبرتها انا شخصيا تشجيعية وهو يسالنا ويحاورنا ,لمعرفة طبقات صوتنا من جهة وكسر الخجل من جهة اخرى .وسرعان ما تحدث لنا في المحاضرة الاولى معه عن بيئته (كربلاء)وكيف تحدى قمقم العادات والتقاليد حتى وصل الى ماوصل اليه وصارت العائلة تفخر به بينما كانت تشعر بالخجل من ان ابنهم فنان , والمجتمع فخورين به . ذات يوم تجرات بقولي له :استاذي قرات كتاب لعلي الوردي (مهزلة العقل البشري لا تخلو من سفسطه ) ما معنى سفسطه؟ابتسم بوجهي قائلا أبحث عن هذه المفردة ومتى ما عجزت عن معرفتها تعال ل اجيبك عنها ..ومر شهر وانا في ساحة الكلية يناديني من بعيد ليقول لي : انا تعمدت عدم الشرح لك معنى السفسطه ..كي لاتعتمد في المعلومه على احد .عليك ان تبحث وتنقب عن المعلومه في المستقبل, واجابني بمثل شعبي عن معنى السفسطه . كان درسا ظل معي طيلة هذا العمر . ومرة أعطيته تمثيلية اذاعية وانا في الصف الثاني قسم المسرح وطلبت منه الرأي بصلاحيتها أم لا؟ وهل اصلح ن اكون كاتبا اذاعيا وهو الضليع في الكتابة والتمثيل للاذاعة .ولم يجبني على ذلك .وبعد سنتين و.قبيل التخرج سالني لم تسال عن التمثيليه ؟..فتح حقيبته واخرجها لي وهو يقول نعم تستطيع الكتابة للاذاعة والتلفزيون بشرط ان تقرا كثيرا ...فانت مشروع كاتب .اعتبرتها شهادة كبيرة لي من فنان مقتدر في مجال الاخراج والتمثيل والتاليف ايضا .
الراحل بدري حسون فريد ولد في مدينة كربلاء .. عام 1927، وقد انهى دراسته في المرحلة الابتدائية والثانوية داخل مدينة كربلاء، ثم انتقل إلى بغداد من أجل الالتحاق بكلية الحقوق، وبعدها التحق بمعهد الفنون الجميلة (قسم الفنون المسرحية) عام 1950 وتخرج منه عام 1955 بترتيب الأول على دفعته، وفي الوقت نفسه كان يزاول نشاطه الفني في الفرقة الشعبية للتمثيل مع الفنان (جعفر السعدي)، و(جاسم العبودي)، بعدها حصل على بعثة دراسية لدراسة المسرح في معهد (كودمان ثيتر) في مدينة شيكاغو الأمريكية في الفترة من 1962 إلى 1965 حيث حصل هناك على البكالوريوس والماجستير في المسرح بتفوق وأخرج هناك مسرحية (الشارع الملكي) وهي كانت إحدى متطلبات نيل درجة الماجيستير، وفي العام التالي عاد من جديد إلى موطنه وعمل مدرساً في معهد الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية إلى جانب إخراجه عدداً من المسرحيات أبرزها (عدو الشعب) 1967، (الساعة الأخيرة) 1969 و(بيت أبو كمال) 1969. وفي نهاية عام 1995 رحل إلى ليبيا ثم المغرب وعمل هناك مدرساً لمادة التمثيل في جامعة الرباط..
قال الفنان الراحل بدري حسون فريد في احتفالية اقيمت له بعد عودته الى بغداد : ان ودعتكم قريبا أو بعيدا فاكتبوا في وصيتي : ( اني لم اغن أغنيتي بعد ) !!
حصل الراحل على العديد من الجوائز والشهادات التقديري عن الكثير من اعماله
حصل على جائزة أفضل ممثل مسرحي للموسم المسرحي 1974 عن دوره في مسرحية الطوفان الكاهن آنام.
حصل على جائزة أفضل مخرج للموسم المسرحي عام 1973 عن إخراجه لمسرحية (مركب بلا صياد)
• ... توفي بدري حسون فريد مساء يوم الجمعة من عام 2017م في منزله الكائن بمنطقة عين كاوه في مدينة اربيل شمال العراق عن عمر ناهز الـ 94عام رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه
د.عزيز جبر الساعدي / العراق
تعليق