تويت
:ـ زاولت المهنة منذ كنت صبيا والى الآن ، عاشرت مهنتي طوال ستين عاما دون كلل أوملل، فهي من المهن الشاقة ، تتعرض اليوم الى الاندثار بسبب استيراد الاحذية العصرية الرخيصة ، فصارت مهنتي التي كانت تدر على اهلها دخلا موفورا تعاني قلة الدخل المادي بسبب انتشارالأحذية الجلدية والبلاستيكية المستوردة من الخارج بكميات كبيرة وبانواع مختلفة واحجام متنوعة ، العائلة البسيطة تشتري احذية رخيصة بدل اصلاح الاحذية المعطوبة ، هذه الأحذية الرخيصة صارت تنافس بقوة الصناعة المحلية ، شغلتنا اليوم تعتمد على اصحاب الاقدام التي لايمكنها الحصول على احذية بمقاسات صحيحة ، و الحقائب ،
نظر لي العم ( ابو علي ) أبتسم وقال:ـ ظهرت مهنة الاسكافي في الثقافة الشعبية باشكال مختلفة ، لابد انك قرأت قصة معروف الاسكافي في كتاب الف ليلة وليلة الذي حالفه الحظ فصار ملكا ،
ما دمت اعلامية لابد انك تعرفين ان كلمة اسكافي ، اصلها يعود الى اللغة السومرية القديمة ، ( اسكاف ) تعني صانع الاحذية ، ويقال انها ( اسكابو ) عند الأكديين وضعوا لها الياء لتصير اسكابي او عندنا اسكافي ،
انشغل برهة بعمله وهو يخيط فردة حذاء ، نظر الي فوجدني انتظر منه ان يكمل كلامه لي ثم ابتسم بوجهي، وقال :ـ أتعرفين يا أبنتي ان مهنتنا عرفت عند الفراعنة ، وكان الاسكافي يصنع الاحذية والقباقب التي انقرضت في العراق والصنادل والخف ، كانت تصنع من الجلد والخشب والمطاط والبلاستك والجوت ،
عاد ينظر الي وكأنه يسألني هل اكتفيت ، وحين وجدني ساكتة ولم اطفأ جهاز التسجيل أكمل :ـ عندنا في لهجتنا العراقية الشعبية يسمون صاحب مهنتنا بالرقاع وهناك مثل عراقي يضحك ، مدينة عراقية ريفية تسمى ( عفك ) وتلفظ بالجيم ( عفج ) كان جميع اهاليها حفاة ، فتح عندهم اسكافي دكانا فلم يصل له احد ما شغلهم بالاسكافي اذا كان الناس هناك حفاة ؟ فقالوا ( قيم الركاع من ديرة عفج ) وهذا المثل يضرب لمن لا يرتجى منه نفع ، مهنتنا يا ابنتي تعتمد على ادوات بسيطة خيوط ، ابر ذات حجم كبير ، مطرقة سندان وغراء وعلبة مسامير صغيرة وقطع قماش نظيفة لتنظيف الحذاء وتلميعه ، والان اغلب الاسكافية تركوا المحلات لعدم الاستطاعة على تسديد الايجار وجلسوا على الارصفة ، الاسكافي ادواته بسيطة تسهل عليه التعزيلة متى تعرض لها من قبل البلدية ، ومهنة الاسكافي عندنا هي غير مهنة ( القندرجي ) صانع الاحذية وتختلف عن مهنة (الخفاف ) بائع الاحذية الجاهزة ، ابتسم لي وقال انا ممنون
أعجبني
تعليق
مشاركة