الكثير منا لا يملك معلومات عن الجن، إلا ما ذكره الله (جل وعلا) في كتابه الكريم في سورة خاصة بالجن، وهي سورة الجن، وبعض الآيات القرآنية في سور متعدد من القرآن الكريم، دون ذكر تفصيل مفصل عنه.
والجزء الأكبر من الناس يتملكه الفضول بالتعرف أكثر على هذا المخلوق الناري، وما يملكه من قوى وقدرات خارقة غير موجودة في البشر، فهو مخلوق كالإنسان، وبنفس العالم الذي يعيش فيه، والجن كالبشر لا فرق بينهما من حيث التكليف، فمنهم المؤمن الموحد، ومنهم الكافر المشرك، ومنهم الطيب، ومنهم الشرير
عالم الجن عالم غيبي، يقتصر العلم بهم على ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة عن النبي (ص) وأهل البيت (عليهم السلام).
فمن هذا المنطلق، ارتأينا التعرف على هذا المخلوق بصورة أوضح، وبالتفصيل، وموقف العلم الحديث منه.
الجن: جمع لكلمة الجان، ومعنى كلمة جن: ستر، وعليه يكون الجن مخلوقاً مستوراً ومحتجباً عن أعين الناس؛ لأن العين البشرية تستطيع رؤية الأجسام المادية الكثيفة، في حين أنها لا تستطيع رؤية الأجسام النورانية والنارية اللطيفة، وهذا هو السبب الحائل دون استطاعة البشر رؤية الملائكة والجن.
الإنسان لا يرى الجن على صورتهم الحقيقية التي خُلقوا عليها، ولكن قد نراهم بصور أخرى متجسدين فيها أو بشكل وهمي للعقل كشبح وغيره كما يحصل لبعض الأشخاص.
ويقرر القرآن الكريم أن حقيقة الجن خلق آخر غير خلق الإنس، وغير عالم الملائكة والأرواح، وأن بين الجن والإنس صفات مشتركة من حيث الاتصاف بصفة العقل والإرادة، ومن حيث التكليف بالعبادة، وحسب ما ذكر في القرآن في قوله (جل وعلا): «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(1).
ويمتاز الجن بسرعة التنقل بحكم أن جسدهم متكوناً من طاقة هي نفس الطاقة الكهرومغناطيسية التي تنبعث من النار.
وللجن أنواع وأقسام، فمنهم الشياطين، وهذا النوع من الجن لا يصدر منه إلا الشر والسوء والضرر، وهم من ذرية إبليس اللعين الشيطان الأكبر، وهذا النوع قد ابتعد عن رحمة الله (جلّ وعلا)، فهو لا يصدر عنه سوى الشر والغوايات.
والنوع الآخر من الجن هم أولئك الذين لا تختلف أحوالهم عن أحوالنا -نحن البشر- من حيث امتلاك الاستعدادات اللازمة للهداية والرقي والتكامل.
سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن محل مؤمني الجن في الجنة، فقال (عليه السلام): «لهم محل خاص في وسط الجنة».
يجمع المسلمون على الإقرار بوجود الجن، ويعتقدون بأن للجنّ قوى خارقة، وأن باستطاعتهم رؤية الناس، وبعضهم يعتقد أن أجسام الجن غير مرئية، وقادرة على التشكل بالشكل الذي تريده.
والجن في معتقدات الدين الإسلامي كائنات ذوات قوة غير طبيعية هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، ولها قدرة على عمل الأعمال الشاقة، كما في قصة النبي سليمان (عليه السلام) حينما كان ملكاً عليهم، كان يعاملهم بالعدل، فيجازي المُحسن ويحاسب المسيء، وكان يستخدم مردة الجن بالأعمال النافعة؛ لكفّ أذاهم وشرورهم.
الجن لهم قوى خارقة وقدرات غير طبيعية، مع ذلك فهم لا يعلمون المستقبل(الغيب)، فقد لبث النبي سليمان (سلام الله عليه) على كرسيه مدة من الزمن، والجن لا تعلم بموته.
رسولنا الكريم محمد (ص) قد بُعث الى الجن، كما بُعث الى الإنس، كما هو الحال في سائر الرسل (عليهم الصلاة والسلام).
أما من حيث القدرات فيجب الالتفات الى أن الجنّ لا يملكون القدرات المطلقة التي يستطيعون بواسطتها إلحاق الضرر بالناس.
وللعلم الحديث رأي في الجن، حيث يؤكد هذا العلم أنه لا توجد أدلة علمية على ما يُعرف بالبيوت المسكونة، ويرجع سبب رؤية أو سماع الكائنات الغريبة الى هلوسات ناتجة عن اضطرابات نفسية.
وفي تشخيص أهل الاختصاص لموقف أهل البيت (عليهم السلام) عن موضوع (تلبس الجن) بأنه أوهام، تسمى في المنطق (بالعلم الوهمي)، أو تصورات شبحية يتخيلها بصورة جني، ونحن لا ننكر وجود الجن، فلقد صرّح القرآن الكريم بحقيقتهم إلا أنهم لا قدرة لهم بالتسلط على الإنسان.
ويرى العلماء انه من غير الممكن أن يكون هناك امتزاج من حيث الزواج بينهما، فهذا أمر محال؛ لأن النوعين مختلفان، فأصل الجن غير أصل الإنس، ومادتاهما مختلفتان.
ونستنتج من ذلك، انه ليس هناك دليل من القرآن والسنة على تلبس الجن بالإنسان، وبقائهم لمدة طويلة، مع ذلك فالدليل الموجود أن الشيطان لديه قدرة على إغواء الناس والوسوسة لهم وتخويفهم والسيطرة فقط على غير المؤمنين، ممّن يعتقدون بقدرة الجن على كل شيء، وقد يصل الى حد الإشراك بالله تعالى والعياذ بالله، فالله (جلّ وعلا) أمرنا أن لا نخافهم.
وصدرت بعض الكتب التي توضح عدم وجود مبرر للجن أن يسكن إنساناً، فهذا الجن لديه مشاغل، ولديه حياته الخاصة، ولديه صراع مع رفاقه من الجن تماماً مثل عالمنا، وبعد هذا على الانسان أن يتوكل على الله تعالى في كل أموره.
وللتخلص من هذه الأوهام، توجد لدينا في رواياتنا طرائق لمن يريد التخلص من هذه الابتلاءات، وأن يضع الله سداً يخلصه منها، والطريقة هي أن يكون الإنسان قبل النوم على وضوء، ويقرأ سورة المعوذتين وآية الكرسي، وينام مطمئناً، هذه الوسيلة المباركة لطرد كل نفس خبيثة عنه.
ـــــــــــــــــــــــــ
تعليق