يرى الدكتور علي الوردي وهو يستحضر أبن سبأ ، شخصية عجيبة لابد انه كان يملك قوة نفسية خارقة الى درجة انه يبث في الاسلام افكارا غريبة تبقى بعده ، ولا أحد من المؤرخين وصف شخصية هذا الرجل العجيب ، يهودي من أهل اليمن وامه حبشية ،
يعتقد الدكتور طه حسين انه وهم من الاوهام التي أخترعها المخترعون لمصالح معينة ، ان المسلمين لم يكونوا من الوهن بحيث يعبث بعقولهم وآرائهم وسلطانهم طارئ يهودي أسلم مؤخرا ، ان ولاة عثمان كانوا مهرة في تتبع المعارضين ، الان لو سألنا سؤالا من بنية التأريخ نفسه ، هل شخصية مثل ابو ذر بحاجة الى طارئ يحدث عن الاسلام ليعلمه ان للفقراء حق على الاغنياء ، وان الله يبشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بعذاب أليم ،
والدكتور أحمد أمين يؤكد وجود أبن سبأ ، التحليل الذي حلله لنا علي الوردي هو الاقرب ، ان المجتمع الاسلامي في فترة ( ابو ذر ) كان يعاني من أزمة اجتماعية كبرى فان الفرق بين الغنى والفقر شاسعا ، ، وابو ذر كما قال طه حسين لم يكن بحاجة الى من يعلمه مبدأ الاشتراكية الذي دعا اليه ، ويبدو ان هذه الشخصية العجيبة اخترعت اختراعا ، وقد اخترعها الأغنياء الذين كانت الثورة موجهة ضدهم ، كل انتفاضة اجتماعية يعزوها اعداؤها الى تأثير أجنبي ،
البرفسور سمل الباحث الاجتماعي المعروف ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم اتهمته قريش في بدء دعوته بانه كان يأخذ تعاليمه من غلام نصراني ، وردت المعلومة في كتاب حياة محمد صلى الله عليه وآله وسلم للكاتب محمد حسنين هيكل ، وبعضهم يرى انه كان يتلقى افكاره من بحيرا الراهب ، وفي كتاب شخصيات قلقة في الاسلام للكاتب عبد الرحمن بدوي ، يرى بعضهم ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتلقى تعاليمه من سلمان الفارسي وغيره ،
يرى الواعظون ان المسلمين الاوائل تنازعوا بتحريض بعض أولي النزعات الغريبة مثل ابن سبأ وغيره ، وردت ان من يخرج على الخليفة كأبي ذر يكون في نظرهم زنديقا شق عصا الطاعة عن الله ورسوله ، فهم كانوا يقولون ( من تمنطق فقد تزندق ) ويقولون من خرج على السلطان فقد كفر ،
انقسم المجتمع الى قسمين فريق يدعو الى السلطان مهما كان ظالما وفريق يدعو الى الثورة ،ولوجود السيف في يد السلطان لجأ الثوار الى السيف أيضا ، يقول طه حسين لقد ظهرت ايام عثمان طبقة قوية من اصحاب الملكيات الضخمة وكان بإزائها المحرومون من سواد الناس وبينهم وعاظ افذاذ من طراز أبي ذر ينشر المساواة والعدالة الاجتماعية ، ارجع المؤرخون السبب الأكبر من تلك الفتنة الى عبد الله بن سبأ ذلك اليهودي الطارئ الذي دخل في الاسلام يريد الكيد به ، قالوا عن أبن سبأ انه قد ساءه انتشار الاسلام فجاء يريد تحطيمه على رؤوس اصحابه وقد نجح ، يبدو ان اصحاب الملكيات الكثيرة هالهم ذلك التذمر الذي انتشر بين الجمهور ازاء ثرواتهم المفرطة فنسبوا هذا التذمر الى شخص يهودي طارئ جاء يريد المكيدة بالإسلام وأهله ، ان الاعمال التي تنسب الى عبد الله بن سبأ لا يمكن ان يقوم بها الا عبقري أو ساحر أو منوم مغناطيسي ، ويمتلك قوة خارقة تجعل الناس امامه كالغنم يتأثرون بأقواله من حيث لا يشعرون ، ولا وجود لابن سبأ في المصادر المهمة سوى الطبري في رواية عن سيف بن عمر التي أعتمد عليها المتأخرون ، ومن المدهش ان المذاهب الاسلامية كلها على مختلف انواعها تؤمن بحكاية أبن سبأ وتبني عليها الكثير من آرائها ، ، يرى الدكتور علي الوردي في تحليل موجز عن قضية قبول المذاهب بحكاية كاذبة بانها قد لاءمت اغراض جميع المذاهب ـ فتمسكوا بها واستندوا عليها ،
الشيعة نزهوا امامهم عليه السلام من حب الغلو فيه وبرهنوا على انهم ليسوا من السبأيين الغلاة ولعنة الله عليهم وبمعنى أنهم صدقوا وجوده وعزوا اليه الغلو ، أما علماء أهل العامة استفادوا منه لأنهم يحبون الصحابة كلهم لا فرق بين من أسلم قبل الفتح ومن أسلم بعده ، يحبون كل من حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو يوما واحدا ، الصحابة تنازعوا ـ تشاتموا ــ تقاتلوا ــ وكفر بعضهم بعضا ، قال علماء العامة ان السبب في هذا التقاتل هو أبن سبأ ، لذا نجد ان أبن سبأ تحمل أوزار العالمين جميعا وأبن سبأ موجود في كل زمان ومكان مع كل حركة جديدة يكمن وراءها أبن سبأ