الدراسات الفنية التي قدمت عن السينما الهوليودية غير معنية بالتوجهات السياسية، وانما تقرأ تلك التوجهات ضمن القصد التأثيثي مقصد الاشتغال (المعلن ـ المخفي) وصحيح ان هوليود لعبت دورا عالميا في الترويج لعدة ثقافات منهارة، ساهمت في بعثها، مثل ثقافة العنف والمغامرة، والارهاب والجاسوية، والجنس والجريمة المنظمة... فنحن في العراق الى وقت قريب لم نعرف العصابات المنظمة بهذا الشكل الدقيق ـ المافيا ـ والمدعومة بطاقات مخابراتية تساوي امكانيات دول. والان ركزت اغلب تلك الدراسات التربوية على دراسة السعي الهوليودي الذي نجح عالميا في تفكيك الاسرة، وتقديم رجل الامن ورجل العصابات والامريكي بمعاملة الرجل السوبر.
هم قدموا افكارهم السياسية والاجتماعية والفكرية عن طريق السينما، وإن شاء الله سنقدر على ان نقدم ذات يوم سينما اسلامية. وتكمن صعوبة مثل هذه السينما لا على القدرات المالية والفنية كما يعتقد البعض وانما في جوهرها الفكري؛ فهوليود او سواها نجحت سينمائيا لكونها خدمت فكرا مجحفا، وقدمت وما زالت تقدم الكثير من الحقائق المشوّهة؛ فهي تطعن دائما بقدرات الانسان وثقافته.. وهذا ما يدفع الطموح بتقديم سينما نظيفة تحمل رؤى فكرية انسانية، وهو مادفعنا من قبل ونكررها اليوم على اننا نراهن على السقوط الهوليودي.. وهذه ليست بعيدة ابدا وخاصة عند المتأمل في تاريخ تلك السينما.
فقد تراجعت دور العرض فعلا، وتراجعت معها صناعة العنف في السينما، بعد العديد من احداث الصحوات الضميرية العالمية، وهذا ما جعل هوليود امام نهايتها، فسعت هي الاخرى لتنقذ نفسها عبر صناعة افلام مكافحة الارهاب؛ لكونها قرأت ما يهدد مستقبلها المتمكن ماديا والمنهار اخلاقيا..
تلك رؤى تقدمها صدى الروضتين معتمدة على دراسات تأملية يقدمها مشغلها النقدي غير التابع لأي ادلجة سياسية كما تفعل الآن معظم الفضائيات والمنشورات الاعلامية العربية المؤدلجة والتي تنظر الى هوليود من وجهة مصالحها ومصالح دوائرها.
يرى مشغلنا النقدي ان السينما الهوليودية امتهنت السياسة واخذت تمثل وجهات نظر دعائية فكونت انظمة سياسية وامنية خاصة بها، والبعض من المسلمين الى الآن يراها ترفيهية، وهذه النظرة هي ايضا مؤثثة من قبل هوليود، لكونها فكرة تجارية لوجود سوق وشباك تذاكر..
وهذا التحليل ايضا سيسقطنا في فكرة اخرى هي ايضا مهيأة من قبل هوليود، واعني المسألة التجارية لوجود حركة فن وتعاون مئات الموظفين، ومواهب تتقاضى اجور عالية،، وهناك فنانون وحرفيون ومهندسو ديكور واضاءة ومكياج وصانعو فكر وثقافة... وبهذا المضمون يمكن لنا النظر إلى مؤلفي النصوص والذين غبنتهم هوليود كثيرا ولفترات طويلة وحتى بعد اكتشاف الصوت الى حين ظهور النجومية التي اصبحت تهتم بصيغ روائية خاصة، وحان دور السيناريوهات المعدة مخابراتيا والتي حاولت جذب المشاهد الى القصة دون ادراك اسلوب المخرج وهذه اعدت لغايات سياسية.