في غرفة مُضيئة يضع القمرعلى وجهه اللثام خجلاً من نور أشرق من بين أكتاف النوافذ.
تُنادي الكلمات بعضها لتصف دورًا من أجل الحصول على شرف الكلام.
-واني يا خديجة قد تركت لكِ قرة عيني وضياء عمري وبريق أملي وأنا أعلم بأنكِ ستكونين خير زوجةً تكفل طهره الذي لم تلوثه المعتقدات الخاطئة، لم يزور ثغرة الفساد ولم يكب على وجههُ بين تناثر كلمات الغناء والفساد.
صادق أمين.
-قرة عينكِ يا أم محمد في عينيّ، مُذ عرفته وأنا ارى الأمانة تقبل ذرات التراب التي يمر من خلالها.
سلمتهُ عمري وقلبي ومالي.
صنته كما صانني وأحببته كما لم أحب شيء من قبله.
دثرته حين ارتجف رعبًا ودثرني حين مضى بي عمرًا.
-إنهُ ذو شأن عظيم يا خديجة، نبي آمين.
-هل كُنتِ تعلمين بنبوته؟
-لم يكن لديّ شاهد أو دليل، ولكنهُ قلب الأم كُنت أرى في عينه بريق مُختلف وكأن النهار يسهر متناوبًا على أرق بؤبؤ عينيه.
خفت عليه وكأن الخوف خُلق بين أضلعي ليحميه.
عاش يتيمًا وكبر نبيًا عظيمًا.
-تزوجتهُ يتيمًا فكنت أمًا وزوجة وصديقة وحبيبة
وتزوجني فقيرًا فأغناني الله به.
-وأنكِ أول حضنًا لرسالته وكُلي ثقة بأنكِ خير زوجة وأم لأبنائه.
انصت الكون لعذب تِلك الكلمات حتى مات كُلّ سطرً لم يضم نفسهُ في الحوار.
تمسكت الانوار في القلب حتى تبقى آخر الكلمات راسخة في ذهن الوقت.
-كانت الرسالة مُنقذي، ولم أدثره بل دثرني، حملت الآيات قلبا وكانت خير ما حصل ليّ، اصابتني بركة عظيمة ولازلت اتنفس من بين اوردتها ريحان عذب يُعطر الأحياء منا والأموات.
-يا خديجة احتضنته في أول يوم وصل فيه، كان طفلاً جميلاً يحمل ملامح أبيه قادتني رائحته إليه، ونطقت عينه بكلمات الرجاحة النابعة من عينكِ التي اراهن الآن.
وعبد الله كان كمن سكب عينيه من عيني ابنه وسواد شعره وجمال ابتسامته.
-أخذهم الله حين رزقنا بهم ولم يكن اعتراضًا ما عصر قلبي المًا ولكنهُ شوق الأم وحنينها.
-سمعت محمد يقول بأنهُ قد رزق بحبكِ، وأنتِ يا خديجة خير رزق قد يُرزق به الإنسان.
-وكأني اسمع صوتا يقول: " والله ما أبدلني
خيراً منها.. فقد آمنت بي حين كذبني الناس. وأعطتني مالها حين حرمني الناس.
ورزقت منهاالولد وحرمته من غيرها..
-لتبتسم عينا خديجة والدمع يتناثر من عينها
صلى عليك الله يا خير الورى.