إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

غبش الصباح ( منتهى محسن)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • غبش الصباح ( منتهى محسن)


    عند ساعات الصباح الأولى يغادر السكون الأجواء شيئًا فشيئا، ويبدأ خفق الطيور بالارتفاع والتحليق في السماء، وصوت حفيف الأشجار يهب الوجود حالةً من الانتعاش والنشوة الخلّابة، وتتمايس الأزهار مصفّقةً للجمال، مما يزيد الوجود بهجةً وانتعاشا.
    وتبدأ الشمس المعطاءة بإرسال أشعتها الوهّاجة التي تتسلّل بين شقوق الجدران، فيزدهي الكون سلامًا ومحبة، وتتماهى عيون البشر بجمال وجلال صنع الله في خلقه العظيم.
    وبين تغلغل الضوء في الوجود، وامتلاء النفس بالأماني والآمال، مشاعر جياشة تزحف في الوجدان لتترك فيه بقايا أحلام أخفتها قساوة الأيام.
    أحدهم يحلم بشراء بيت لعياله وتأمين حياتهم وإغنائهم عن قسط الإيجار الذي أرهق كاهله...
    وآخر يحلم بأن يجد عملًا بعد طول انتظار، وبعد تذوّقه مرارة الفراغ والبطالة، حالِمًا بسدّ احتياجاته بكفافٍ وعفاف.
    وغيرهم من يحلم بأن يسود الأمن والأمان، وبأن تتحقّق أسس العدالة، وتنقمع أساليب الغلّ والاضطهاد، وبأن تتوحّد الكلمات وترتفع كلمة التوحيد عالية خفاقة تندّد بالأشرار في كل مكان وزمان، وبأن تفيض الأرض بالخير والسرور، كما ارتوت بالدماء الزاكيات وهي تسقط قرابين لتراب الوطن الحرّ المعطاء.
    وحلم آخر يهمس عبر أروقة شمس الصباح، بأن ينقضي وقت الظلم والجور، وأن يسود الحب والوئام، وأن يحبّ الناس بعضهم بعضا، وتعود أسس التسامح والتعاون والإخاء، ويصبح الناس كلّ الناس متحابّين في دين الله، وأن يظهر المخلّص المغوار قريبًا بإذن الله، ليخلّص الكون أجمع من غياهب الظلم والجور والطغيان.
    إنه بلا شك باب الفرج والخلاص، لأنه البقية الطيبة والثلة المطهّرة من آل الرسول الطيبين الأطهار، وهو الأمل المنشود الذي سيسخّر الخير لكلّ الوجود، عندئذ تتحقّق الأحلام كلّ الأحلام، وتهفو القلوب نحوه وترتمي صوبه، تقبّل طلعته البهيّة وتلثم غرّته السمراء.
    &&&
    غبش الصباح ... .٤
    يحيا الانسان على ظهر هذه الأرض لغاية ربانية، فقد أراد الله سبحانه استخلافه في الارض كي يعبده ويمجّده ويشكره ويتوب اليه، فهو لم يحيَ على وجه الارض دون هدف وغاية، ولم يعش على ترابها اعتباطًا أو محض صدفة، بل إن حياته مرهونة بالقيام بمهامّه المنوطة به، وهي دليل نجاحه وتميّزه في الحياة.
    فكما يحلّ الليل البهيم على أرجاء الارض، فإن هنالك نفوسًا سوداء حالكة ليس فيها بصيص من الإشراق، وكما يحلّ النهار وتبزغ الاشياء وضّاءة فإن هنالك نفوسًا مضيئة تهدي دوما لسبل الفلاح والصلاح.
    للأسف، وفي وسط بحر الحياة المتلاطم، نلتقي بأفراد من الناس تغلّف قلوبهم القسوة وتسيطر على أرواحهم الغلظة والتعنّت، يهيمون على سطح هذه الحياة الرحبة بطرق وأساليب منفرة؛ تجدهم غلاظًا قساةً مع أسرهم، لا يبتسمون ولا يمنحونهم أبسط مظاهر الحياة الاجتماعية من مودة ورحمة، أرادها الله تعالى عبر سننه وتعاليمه المباركة.
    وعندما يحتكّ أحدنا معهم نتلمّس بشاعة التصرفات وقباحة التعامل، إذ لا يهمّهم شيء في الوجود إلا بمقدار فائدتهم ومصالحهم الشخصية.
    بينما يظهر للعيان صفات الوجه الآخر من الناس، ووجوههم المشرقة كإشراقة النهار الجميل الصدّاح، حيث تتألق غرّتهم وتزدان بالإيمان والخلق الكريم. تلوح سيماء الصالحين على محيّاهم... أولئك صحبتهم خير وهناء، ومرافقتهم نور وبهاء، وكلماتهم هديل حمام يزقزق عند بدايات الصباح.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X