حقيقة الإنسان:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
ذكر الفلاسفة أن الوجود على ثلاثة أنواع: الوجود النفسي، والوجود الغيري، والوجود الرابط.
الوجود النفسي: هو وجود الشيء في نفسه ولنفسه كجسم الإنسان مثلاً أو روح الإنسان مثلاً هذا موجود في الوجود النفسي لأنه موجود في نفسه ولنفسه.
الوجود الغيري: كوجود العلم فأن العلم وأن كان وجود في حد ذاته لكن لا يمكن أن يوجد العلم إلا مع وجود إنسان يحل فيه ذالك العلم فالعلم موجود في نفسه لكن وجوده لغيره فوجوده غيري.
الوجود الرابط: وهناك وجود ثالث يربط بين هذين الوجوديين وهما وجود الإنسان وجود العلم وهذا الوجود الثالث الذي يربط بينهما يمسى بالوجود الرابط فهو وجود لكن لا في نفسه لأنه حقيقته الربط بين الوجوديين.
ثم يقع السؤال إذا قارنا بين وجود الإنسان وجود الله فماذا يكون وجود الإنسان هل يكون وجود نفسي مقابل وجود الله عز وجل؟
ذهب بعض الفلاسفة إلى أن وجود الإنسان بالمقارنة مع وجود الله وجود نفسي أيضا لأنه الفرق بين وجود الإنسان وجود الله هو النقص والكمال وإلا كلاهما وجود الإنسان وجود في نفسه والله وجود في نفسه لكن وجود الإنسان وجود محدود ناقص ووجود الباري تعالى وجود كامل فكلاهما وجود إنما الفرق بينهما بالنقص والكمال نظير الفرق بين نور المصباح ونور الشمس فأن نور المصباح بالنسبة لنور الشمس ناقص ونور الشمس بالنسبة لنور المصباح كمال ولكن الفلاسفة والعرفاء قالوا أن وجود الإنسان هو عين الربط بالله وجود الإنسان ليس وجود نفسي بالمقارنة مع الله.
وجود الإنسان مجرد تدلي كالخيط الذي يتدلى من شيء معين وجود الإنسان عين التدلي عين الربط بالله عز وجل ليس وجود نفسي الإنسان لأنه ممكن فالإمكان يعني أنه عين الفقر عين الحاجة عين الربط بالله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ فوجود الإنسان رابط لا بمعنى الربط بين وجوديين بل بمعنى أنه عين الربط والتعلق بالله، ولأجل ذالك فإن وجود الإنسان يحمل التزاوج بين الأضداد فالإنسان يعيش الموت والحياة في آن واحد ويعيش اللذة والألم في آن واحد وعيش الحب والخوف في آن واحد فالآن الإنسان هو النقص هو المحدودية هو الفقر ذلك لا يعيش حياة محضة وإنما يعيش حياة مطعمة بالموت فهو يموت في كل لحظة ويحي في كل لحظة هو يحي لأنه نفخة من الله ومدد من الله وهو يموت لأنه نقص ومحدودية وقيود وأغلال تعيش في صميم وجود الإنسان هذا الإنسان يعيش اللذة والألم في آن واحد لا يمكن للإنسان أن يحصل على لذة خالصة دائما تكون الذة محفوفة بالألم إذا ما دام يعيش الموت والحياة فهو يعيش اللذة والألم لو حصل على الثروة فلذة الثروة مصوبة ومبتلاة بالقلق والتوتر لو حصل على لذة الزواج فهذا الاستقرار العاطفي مشوب أيضاً بالنقص ومشوب بالمحدودية فأي لذة يحصل عليها الإنسان فهي لذة مشوبة بالألم ولو عاش لذة بدون ألم لم يذق طعم اللذة ولو عاش ألم بدون لذة لم يذق طعم الألم فأن الأشياء تعرف بأضدادها لا يمكن للإنسان أن يحس بطعم الألم حتى يشعر بطعم اللذة والعكس.
إذن حقيقة الإنسان هي امتزاج بين نقص وكمال بين موت وحياة بين لذة وألم بين حب وخوف ولذلك ذكرت النصوص الشريفة أن الحياة العبادية للإنسان مستقاة من الحياة الحقيقة للإنسان فعبادة الإنسان منسجمة مع ذات الإنسان ولأن العبادة منسجمة مع ذات الإنسان قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا ليعبدون﴾ فكما أن ذات الإنسان تعيش قلق بين نقص وكمال بين ألم ولذة فالعبادة أيضاً تعيش تأرجح بين خوف ورجاء لا تكون العبادة عبادة حقيقة حتى تعيش هذا التزاوج بين الخوف والرجاء فمن خاف الله بدون رجاء يأس من رحمته وأصبح هالك ومن رجا الله من دون خوف تجرأ على المعاصي وأرتكب الذنوب فالعبادة تعيش تزاوج بين الحب والخوف بين الخوف والرجاء كما ورد عن النبي محمد : ”لا يكون المؤمن مؤمن حتى يكون خائف راجي ولا يكون خائفا راجي حتى يحذر مما يخاف ويعمل لما يرجوا“ وهذا ما تكلم عنه الإمام الحسن الزكي سلام الله عليه كما في قوله ”أعمل لدنيا كأنك تعيش أبد“ هذا هو الرجاء ”وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا“ هذا هو الخوف.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
ذكر الفلاسفة أن الوجود على ثلاثة أنواع: الوجود النفسي، والوجود الغيري، والوجود الرابط.
الوجود النفسي: هو وجود الشيء في نفسه ولنفسه كجسم الإنسان مثلاً أو روح الإنسان مثلاً هذا موجود في الوجود النفسي لأنه موجود في نفسه ولنفسه.
الوجود الغيري: كوجود العلم فأن العلم وأن كان وجود في حد ذاته لكن لا يمكن أن يوجد العلم إلا مع وجود إنسان يحل فيه ذالك العلم فالعلم موجود في نفسه لكن وجوده لغيره فوجوده غيري.
الوجود الرابط: وهناك وجود ثالث يربط بين هذين الوجوديين وهما وجود الإنسان وجود العلم وهذا الوجود الثالث الذي يربط بينهما يمسى بالوجود الرابط فهو وجود لكن لا في نفسه لأنه حقيقته الربط بين الوجوديين.
ثم يقع السؤال إذا قارنا بين وجود الإنسان وجود الله فماذا يكون وجود الإنسان هل يكون وجود نفسي مقابل وجود الله عز وجل؟
ذهب بعض الفلاسفة إلى أن وجود الإنسان بالمقارنة مع وجود الله وجود نفسي أيضا لأنه الفرق بين وجود الإنسان وجود الله هو النقص والكمال وإلا كلاهما وجود الإنسان وجود في نفسه والله وجود في نفسه لكن وجود الإنسان وجود محدود ناقص ووجود الباري تعالى وجود كامل فكلاهما وجود إنما الفرق بينهما بالنقص والكمال نظير الفرق بين نور المصباح ونور الشمس فأن نور المصباح بالنسبة لنور الشمس ناقص ونور الشمس بالنسبة لنور المصباح كمال ولكن الفلاسفة والعرفاء قالوا أن وجود الإنسان هو عين الربط بالله وجود الإنسان ليس وجود نفسي بالمقارنة مع الله.
وجود الإنسان مجرد تدلي كالخيط الذي يتدلى من شيء معين وجود الإنسان عين التدلي عين الربط بالله عز وجل ليس وجود نفسي الإنسان لأنه ممكن فالإمكان يعني أنه عين الفقر عين الحاجة عين الربط بالله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ فوجود الإنسان رابط لا بمعنى الربط بين وجوديين بل بمعنى أنه عين الربط والتعلق بالله، ولأجل ذالك فإن وجود الإنسان يحمل التزاوج بين الأضداد فالإنسان يعيش الموت والحياة في آن واحد ويعيش اللذة والألم في آن واحد وعيش الحب والخوف في آن واحد فالآن الإنسان هو النقص هو المحدودية هو الفقر ذلك لا يعيش حياة محضة وإنما يعيش حياة مطعمة بالموت فهو يموت في كل لحظة ويحي في كل لحظة هو يحي لأنه نفخة من الله ومدد من الله وهو يموت لأنه نقص ومحدودية وقيود وأغلال تعيش في صميم وجود الإنسان هذا الإنسان يعيش اللذة والألم في آن واحد لا يمكن للإنسان أن يحصل على لذة خالصة دائما تكون الذة محفوفة بالألم إذا ما دام يعيش الموت والحياة فهو يعيش اللذة والألم لو حصل على الثروة فلذة الثروة مصوبة ومبتلاة بالقلق والتوتر لو حصل على لذة الزواج فهذا الاستقرار العاطفي مشوب أيضاً بالنقص ومشوب بالمحدودية فأي لذة يحصل عليها الإنسان فهي لذة مشوبة بالألم ولو عاش لذة بدون ألم لم يذق طعم اللذة ولو عاش ألم بدون لذة لم يذق طعم الألم فأن الأشياء تعرف بأضدادها لا يمكن للإنسان أن يحس بطعم الألم حتى يشعر بطعم اللذة والعكس.
إذن حقيقة الإنسان هي امتزاج بين نقص وكمال بين موت وحياة بين لذة وألم بين حب وخوف ولذلك ذكرت النصوص الشريفة أن الحياة العبادية للإنسان مستقاة من الحياة الحقيقة للإنسان فعبادة الإنسان منسجمة مع ذات الإنسان ولأن العبادة منسجمة مع ذات الإنسان قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا ليعبدون﴾ فكما أن ذات الإنسان تعيش قلق بين نقص وكمال بين ألم ولذة فالعبادة أيضاً تعيش تأرجح بين خوف ورجاء لا تكون العبادة عبادة حقيقة حتى تعيش هذا التزاوج بين الخوف والرجاء فمن خاف الله بدون رجاء يأس من رحمته وأصبح هالك ومن رجا الله من دون خوف تجرأ على المعاصي وأرتكب الذنوب فالعبادة تعيش تزاوج بين الحب والخوف بين الخوف والرجاء كما ورد عن النبي محمد : ”لا يكون المؤمن مؤمن حتى يكون خائف راجي ولا يكون خائفا راجي حتى يحذر مما يخاف ويعمل لما يرجوا“ وهذا ما تكلم عنه الإمام الحسن الزكي سلام الله عليه كما في قوله ”أعمل لدنيا كأنك تعيش أبد“ هذا هو الرجاء ”وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا“ هذا هو الخوف.
تعليق