إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(قراءة في حديث القماط ) للقاصّة زهراء حسام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (قراءة في حديث القماط ) للقاصّة زهراء حسام


    ترتكز قصة حديث القماط على الأنسنة (استنطاق الجمادات)؛ لتعميق البنى السردية وتضمين منظومة فكرية عبر رمز القماط الذي هو الراوي المتكلم, الراوي العليم كامل العلم بالحكاية، يسرد بنمطية المخاطب، فالقماط يخاطب الأم, يروي لها ما يدور في ذهنه من أفكار عبر مسير أربعيني للحسين (عليه السلام) الى كربلاء، يصف أولًا المكان سرداق كبير للموكب الحسيني، ويحمل الوصف دلالات إنسانية كبيرة.
    الصورة التي تحمل رسم الحسين (عليه السلام) وظفت في السرداق دون تأطير (برواز)، أي جرّدت العشق الحسيني من أي عوالق دنيوية، وهذا هو مغزى مضمر يسحب القارئ الى منطقة التأمل، وتسمى (تخليق المعنى) ثم ترسم تأويلات متعددة تنشط النصّ، وتظهر قدرة السارد في تأكيد خصائص الحياة، القماط يضع تأويلاته الفكرية:
    1- كنت كمن يحدد خطوط الرسمة لصورة الحسين (عليه السلام).
    2- يضع أرقام المعادلة، كأنك تسقين نباتًا بطيء الجذر.
    3- كأنك تعلقين يافطات يحملن عناوين الخلود.
    4- كأنك تصفين حجرًا بالعبور.
    5- تمدين سلمًا للسماء.
    نجد أن ثمة تماسكًا شعوريًّا بين القماط والأم، عبر رسم سردية رائعة (فلم)
    (39)
    يصور عملية تقميط الرضيع على ساق الأم المتعبتين، وهي الزائرة القاطعة طريق كربلاء، ثم التماسك الموجود بين الأم والرضيع عبر مشهد الإرضاع و الإغفاءة معًا لتكمل طريق الزيارة,
    شعور القماط بمرحلة العمر, الرضيع كبُر وما عاد بحاجة الى القماط.
    يرتكز النص على حدث مألوف (التقميط)، لكن بسرد الحكاية المؤلمة الى الأم:
    «سينام ابنك على أرض معركة شريفة»
    القماط لا يتوقف عند حدود وظيفته، وانما استثمر في وعي تلك المخاطبة لتحويل الأخبار الى فاجعة تسقي المنون، لكن يصف القماط هذا المنون كفعل مبارك هو المضي بالشهادة على خطى سيد الشهداء، يوسّد لحده بالزي المرقط دون الكفن, لذلك هناك فكرة غرزتها القاصة أن الانسان يستقبل الحياة بالقماط الأبيض، ويودع الحياة بالكفن الأبيض، لكن القماط هنا يروي المفارقة: إن الشهيد استعمل القماط، لكنه لم يُستعمل لكفن، لم يلف جسده ككفن، لذلك كان القماط هو آخر لفافة بيضاء تحوطه، ويضع القماط الخاتمة للأخبار، أن ابنك شهيد قصة تعاملت مع الحزن بجمالية عالية
    (40)
    (قراءة في أنتظرك في السماء - وهم الكمال - صبوة البدايات)
    للأديبة: شفاء محمد عبد الرضا الحساني
    ارتكزت تقنية النص على تنوع أسلوبي في البنية التعبيرية، من أجل المناورة، أي بمعنى آخر تعدد زوايا الرؤية وإعطاء رؤية الناص، والناصة شفاء الحساني، اعتمدت على عدد من عناصر البناء، مثلًا (السرد) الذي يشكل وفق رؤية الناص، ويعطي النصّ حيوية الادهاش والإيحاء في نص (أنتظرك في السماء).
    أسهم العنوان في كشف المغزى والسرد وتدارك الموقف في خلق الإيحاء: «لقد تغيّر، نعم تغيّر كثيرًا»، أثارت فضول المتلقي، وكذلك هي تفعل في جميع سردياتها، ففي نص (وهم الكمال):
    «لا ذنب له، ذنب تلك الأيادي التي أسدلت الغشاوة على عينيه».
    وفي نص (صبوة البدايات)، تسرد موقفًا من مواقف الماضي:
    «في أحد المواقف التي صادفتني في مجتمع الجامعة عندما كنت...»، واعتمدت شفاء الحساني على الوصف الذي يعدّ مستوىً رئيسيًّا في النص، ويمكن أن نرى الوصف مستقلًّا عن السرد، لكن السرد لا يقدر أن يكون دون وصف، حدد الوصف كوحدة في عملية شكلية، وسُمّي السرد الوصفي أو الوصف السردي بالوصف المسرد.
    (41)
    في نص (أنتظرك في السماء) وصفت الطبيعة الأخلاقية: (النظرات خجولة ـــ الطهر ـــ الصفاء ـــ الجرأة ـــ الوقاحة ـــ ووصفته شكلًا: الوجه هادئ القسمات ــــ تحوطه هالة من نور).
    وفي نصّ (وهم الكمال) أيضًا، تصف سمات خارجية: (التعب، الانهاك، التشتت، الأفكار. وفي نصّ (صبوة البدايات)، وصف وسرد وخبر أحيانًا. والمرتكز الثالث الحوار، فهو يسهم في تطوير موضوع القصة، ويخفف من رتابة السرد، ويبعد عنه الشعور بالملل، ويساعد في رسم الشخصيات وتصوير الموقف، ويضفي لمسة واقعية.
    نقرأ في (صبوة البدايات):
    «:ــ أهلًا بك يا طيف.
    :ــ تكلّمي يا ايلين، سأكون كلي أذانًا صاغية.
    :ــ عجبًا لأمرك يا ايلين».
    وفي نص (وهم الكمال):
    «يجب أن تصلّ الى قمة الكمال يا بني.
    :ـ أجل يا أبي سأصل.
    :ـ أحسنت يا ولدي.
    وفي نص (أنتظرك في السماء):
    - ما بك يا بني ارفع رأسك.
    - اقرئي يا خالة، وستعلمين كل شيء.
    - أنا راحلة انتبه لنفسك، وتذكر أني انتظرك في السماء».
    والمرتكز الرابع هو الاستفهام، وله خصوصية التواصل الحواري، وابتغاء الوصول الى المعاني، فهناك استفهام حقيقي، وبعض الاستفهام للتعجب، أو للنهي، أو لا ينتظر جوابًا ما، أي أن هذا الاستفهام مجازي
    (42)
    في نص (صبوة البدايات):
    - ثلاثة أسابيع؟
    - أجل، وما الغريب في ذلك؟
    - لماذا يا طيف؟
    وفي نص (وهم الكمال):
    - أجبني، هل من الطبيعي أن تكون إنسانًا كاملًا في نظرهم؟
    - هل أنت شيء من الجماد؟
    أما في نص (أنتظرك في السماء)، فالاستفهام وليد الحوار:
    - لماذا أنتظرك أبي؟
    - من أين تعرفيني؟
    - ومن هي التي تتحدث عني؟
    - ما هذه الحياة؟ من أنا؟
    الى أين أسير؟
    وفي الختام، حاولت الايجاز؛ كي أترك مساحة للتأمل في المحاور التي عرضناها في كل نصّ.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X