تويت
ليس يوم كمثل أيام الدنيا ...بل وليست البتلات تتفتق كل يوم بعطر أرجواني ..
ريحانة من رياحين الجنان ..ولدت في بحر الندى ..وأطعمت رحيق الأمامة والهدى ..ودار جدها الصادق (عليه السلام) قد تعطر ..جاءت ملفعة بالطهر والعفاف ..لم تأتي بها الدنيا ..بل هي من أتت إليها ..
مولودة في غرة شهر ذي القعدة ..جوهرة الغر والمواهب ..نميرة العطايا كأصلها النبوي وفرعها العلوي ..
من سابع الأئمة الأشراف نسبها والإمام الرؤوف أخاها ..ونجمة الطهر العلى والدتها ..
صفات ليست عصيبة على بنات الرسالة ..فكلهن الى معادن القداسة ينتسبن ..
يتغلغل الحسن في ثناياها ..ونور الله تعالى يشع من محياها ..
هي والله سمية جدتها الزهراء ..فاطمة الطهر البتول ..
تزدهي البيوتات العلوية وتتيه زهواً بهذا الأسم الأقدس ..
وبقدوم هذه الدرة الفاخرة ..ازدان بيت أبيها بفرحة غامرة ..
يرعاها والدها سميّ الكليم بدفئ حنانه ..يلقمها العلم ويزقها الفهم ..
يدرك أن لهذه المولدة شأن من الشأن ..
فوالدها ليس من اللذين اذا بُشرَ أحدهم بالأنثى ظل وجهه مُسوداً وهو كَظيم ..
حاشاه ..
بل هو مستبشر قريرٌ العين وبهدية المنان شديد اليقين ..
ببصيرته الشفافة أدرك أن الهدية هذه نفحة هاشمية وأقحوانة نوراء كاللجين ..فكانت قريبة من والدها كالحدقة للعين ..تستقي منه علماً ونور ..
تفتح قلبها لفيوضات نمير علمه ..ترتوي فتنتشي زهرة يافعة وعالمة ورعة ..
شهادة والدها قد قلدها ذاك الوسام ..بعد أن أجابت على رسائل الشيعة المتحيرين وقوله عليه السلام: ((فداها أبوها..ثلاثاً.. )) ...(١)
شرف مابعده شرف أن يفدّيها صاحب العلوم والكرامات الإمام موسى ابن جعفر (عليهم السلام) الأزهر ..وصاحب الجبين الأنور ..
قد اوكل والدها أمر تزويجها واخواتها الى كبير أولاده علي بن موسى الرضا(عليه السلام) ..
عندها نٌسأل عن سبب عدم زواجها (عليها السلام) وأخواتها ..
يكون الجواب : إنه احد شواهد الظلم والتعسف والإرهاب الذي تعرض البيت العلوي في حكم العباسين (لعنهم الله تعالى ) ..
والروايات الكثيرة التي تؤكد على اهمية التزويج عند اهل البيت عليهم السلام وخاصة الزواج المبكر واقترانهن بالكفؤ المناسب ..لكن التصفية الجسديه للعلوين والثورات المتكرره وزج الكثير منهم في السجون ..بالأضافة الى ابتعاد الناس خوفا ً من البطش والتنكيل ..كلها اسباب ادت الى عدم تزويج الإمام الرضا(عليه السلام) اخواته العلويات ..ربما يذكر التأريخ أنه زوج واحدة او اثنتين ..
بقيت مولاتنا فاطمة المعصومة تحت فيئ أخيها الرؤوف بعد فراق والدها في غياهب السجون ..
ثم أفجعهم الدهر الخئون ..فهبت رياح المنون فغادرها نور كاظم الغيض .. وأشرق في عينيها ضياء الرضا فملئ ثنايا الدنيا بفيض..
فآل الأمر إلى أخيها ..فتعلقت روحها بروحه .. وتغير الحال بالذي ماكان يخطر على البال ..
غادر أرض المدينة الى طوس ..
أبتعد عنها ..أجدبت روحها ونحلت اوصالها..
تأجج أوَار فؤادِها ..(٢)
تمر الهُنيهات كالساعات ..والدقائق كالدهر ..
اشتاقت رؤية إمامها وجمال وجهه مرسوم في عينيها ..
بروحها تشريه ..وبمهجتها تفدّيه ...لكن القدر والمنية أقرب إليها من لقاء غائبها ..
تصرمت أيامها وفي مدينة ساوة خمد نور وجهها .
فطوبى لتراب ضم جَسدها النحيل ..فزدانت قم كقطعة من جنات النعيم .
(١)..كتاب كريمة أهل البيت ..ص ١٧٠_١٧١..(نقلاً عن كتاب كشف اللئالي)
(٢) أوَار : سعير او لهيب
نرجس مهدينرجس مهدي