ما بين حلم ويقظة في ساعات تأمل في هذا العالم المملوء بالمفاجآت، تغيرت السماء... اختل النظام الكوني... حدثت العديد من المعاجز الكونية التي ذكرها التاريخ بعد مقتل سيد الشهداء، لكن الذي أثار انتباهي هو كسوف شمس ذلك اليوم، وأنا سائر بين طرقات هذا العالم، إذ أظلمت كل تلك الطرقات، لم أر شيئاً يرشد للسير، كان ذاك الظلام هو من سواد عباءة مخدرة الطالبيين، قد خيّم على ذلك النور؛ لكي لا يرى أحدٌ ذاك القوام، الذي خرج من الخباء، حيث إن شمس الوجود اختفت، وشمس الإيجاد ظهرت، وأي إيجاد؟!
بعد تحدُّثي مع نفسي وتقلّب بنات أفكاري، وجدت أنه انكسفت شمس السماء بعد خروج شمس الطف التي نسجت خيوط أشعتها بدخان الخيام...
شمس منحنية لهول المصاب، تبزغ فوق ذلك التل الكئيب...
حقيقة غيّبها حُكام الظلم والجور في وسط ذلك المجتمع المتدني فكريًا، وإذا بتلك الشمس بزغت من خدر عليٍّ الذي دام عمرًا طويلًا، كما فعل جدها رسول الله (ص)، عندما بدأ بالدعوة، فنقل الناس من تلك الظلماتِ الحالكةِ إلى نور الحياة، أكملت مسيرة إمام عصرها وابن أمها الشهيد بكربلاء، فضَحّت بذاك وهذا في آن واحد، وعندما ألقت خطبتها في القوم كانت كسيف للقصاص من الظلم والجور ونورًا للتائهين عن طريق الحقيقة.
تلك الشمس كانت هي الضياء الذي كشف عن مظلومية كربلاء، وما جرى فيها من انتهاكات وحشية ضد الإنسانية...
ذلك الضياء الذي لولاه لربما انطمست معالم النهضة الحسينية تحت ركام التاريخ الظالم لآل بيت النبوة في تلك الحقبة التي تلت واقعة الطف...
شمس غيّرت مسار المعركة، قلبت موازين الظَلَمة، زعزعت عروشهم، كانت اللسان الناطق والإعلام الصادق لتلك النهضة، أكملت الرسالة الإلهية التي بدأ بها آل بيت النبوة، لتوضّح للعالم أجمع أبعاد تلك النهضة.
شمس أشرقت في كربلاء... لكنها غربت في الشام..!
أعجبني
تعليق
تعليق