الإيمان والأخلاق عند الرجل والمرأة هما شرطان أساسيين للزواج المستقرّ والسعيد، فالالتزام بالتعاليم الإلهية، والعمل بالضوابط الأخلاقية والإنسانية التي نصّ عليها الإسلام، والتي يدرك الإنسان الكثير منها من خلال العقل والفطرة الصافية؛ هذا الالتزام بالتكاليف يُشيّد بناء الحياة الزوجية على أساس متينة وصحيحة. وأيّ زواج لا يُبنى على هذه القواعد الدينية المتينة لن يُكتب له الاستمرار، وسوف يكون عرضة للاهتزاز أمام المشاكل الصغيرة. والغيرة هي واحدة من المفردات التي يمكن أن تُسبّب مشاكل كثيرة في الحياة الزوجيَّة إذا خرجت عن حدّها المقبول والطبيعي،
وتحوّلت إلى حالة مرضية. ومرادنا بالغيرة، غيرة الرجل على المرأة، وغيرة المرأة على الرجل، فما هو المشروع من الغيرة؟

وقد ورد في العديد من الروايات الشريفة نسبة صفة الغيرة إلى الله وبعض أنبيائه عليهم السلام، كما ورد على لسان الملك في خطابه لإبراهيم عليه السلام: "إنّ إلهك لغيور، وإنك لغيور..."5.
فالغيرة ـ كما اتّضح ـ هي صفة شريفة، ودليل صحّة وعافية، ولكن إذا وُضِعَت في غير محلّها أو خرجت عن حدودها وطورها انقلبت إلى مرض. وقد تتسبَّب بالمشاكل إذا وصلت إلى حدّ شعرت الزوجة معها بعدم الثقة بها، فهنا ترفض المرأة هذا الواقع، وتطالب الرجل بإخراجها من هذا السجن الذي جعلها فيه؛ بسبب شكوكه، حيث تشير بعض الروايات إلى أنّ هذه الغيرة إذا كانت في غير محلّها قد توصل المرأة إلى الانحراف! وهذا ما حذّر منه أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته لابنه الحسن عليه السلام: "إياك والتغاير في غير موضع الغيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة منهنَّ إلى السَقَم، ولكنْ أحكِمْ أمرهنَّ، فإن رأيت عيباً فعجّل النكيرَ على الكبيرِ والصغيرِ"6.
وفي رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "من الغيرة ما يُحبّ الله، ومنها ما يكره الله، فأمّا ما يُحبّ فالغيرة في الريبة، وأمّا ما يكره فالغيرة في غير الريبة"7.


ولكن، في النتائج كثيراً ما تكون آثار الغيرة سلبيّة ومدمّرة، فالتي تغار تفقد -غالباً- تعقّلها، ويصبح الغضب والتوتر حاكمين على تصرّفاتها، وتفقد الواقعية في تقييم الأمور، والعقلانية في التصرّف. وقد ورد في الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "إن الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله". وعندما يفقد الإنسان بصيرته سيكون عرضة لكلّ أنواع المشاكل والسلبيّات.
5- يراجع، بحار الأنوار، ج12، ص 46. وشرح أصول الكافي، المازندراني، ج12، ص 535.
6- بحار الأنوار، ج74، ص214.
7-مستدرك السفينة، ج8، ص97.
8- الكافي، ج5، ص50
منقول

تعليق