تويت
اللهم صل على محمد وآل محمد
استوقفني في ليلة ظلماء مجموعة شباب.
- قال لي احدهم: عندي سؤال قد حيرني .. كم سألتُ عنه فلم احصل جواباً ..
- قلت له : تفضل..
- فقال: من هي زوجة ابو الفضل العباس (عليه السلام)؟
نظرتُ - باستغراب - الى (بنطاله) الأزرق الضيق، و (شعره الطويل، و (سلسلة الفضة المعلّقة) على عنقه..
قدّرتُ عمره - من خلال قسمات وجهه - بأنه في السادسة عشر او السابعة عشر من عمره..
- قلــت لـــه : سأجيبك ولكن دعنـــي اســـألـك قـبــل ذلك: هل لي أن تعدد لي اصول دينك؟
- فأجاب - بتلعثم : الله، النبي، اهل البيت -:
- قلت له خطأ .. أما جواب سؤالك يُنقل أن زوجة العباس بن علي (عليه السلام) اسمها لبابة، ولستُ متيقناً من الأمر.
- قال : لماذا ؟
- قلت: لأن الدين لم يهتم به والايات لم تهتم به ولا يترتب عليه حكــم .. ولا يفيدني معرفته ولا يضرني جهله..
ولما رأيت انه ربما ينكسر امام صديقه - قلــت له اهتمامك لطيف .. ولكن أليس معرفة الأصل قبل الفرع ؟
- مع ذلك ابارك لك على اهتمامك الديني، ولكن بحاجة الى ان تعدل (بوصلة المعرفة) قليلاً نحو الامور الهامة .. ثم تركتهم ومضيت.
مشكلة البعض أنه حينما تتفتح اسارير قلبه على الدين.. بدل أن يبدأ من الأصل ويرتفع درجةً درجة .. يضل يفتش عن (الهوامش) و (الحواشي) فيه! ويظل يتيه في هذه الحواشي غير المهمة الى أن يموت!
- سؤاله في الحاشية لا المتن:
سيدنا .. مـا هـي الـشجـرة الـتـي اكـل منهـا آدم؟
هـل.هي شجرة التفاح ؟ ام العنب .
- سيدنا.. كيف تزوّج ابني ادم؟ هل ارسل الله حورية لهـــا مــــن الجنّة؟ ام تزوّج كل اختـــه؟ .. و شلون؟ .. و ليش؟ .. وشنو الدليل؟ و..؟
- سيدنا .. النبي يوسف (عليه السلام) ما كان اسم الذي اخرجه من البئر ؟ .. ومــن هــي زوجته؟ وكم كان عمره؟ و من أي عشيره؟ و مــن يــا عـــام)؟..
- سيدنا .. مالون کلب اصحاب الكهف؟ وكم كان عددهم؟ خمسة لو سبعة؟ ..
و مئات الأسئلة التي تبدأ ولا تنتهي.. فكلّها هوامش في هوامش في هوامش ..
- ولكن هل فكرنا يوماً: لماذا نحومُ في الهوامش ؟
الجواب واضح لأن الهوامش لا تحمل الفرد مسؤولية، ولا تدعوه الى عمـــل،
و ربـــما تشــبع حاجة الإنسان الى الدين.. فما اجمل ان تسأل رجل الدين ليحدثك عن حوادث تأريخية ليس لها تأثير في واقعك ..
- يحدثك عن الهوامش و تناقشه في ذلك، دون أن يكون لهذا النقاش اثر في واقعك.
- نعم هناك نقاش - حتى في هذه التفاصيــل - عـنــد المختصين .. لإثبات حكم شرعي، او لنفي فكرة او تهمةٍ عن نبي..
- اما البحث من اجل البحث والنقاش من اجل النقاش .. فذاك (جهد العاجز) و (شريعة البطالين!)
- ولذلك نهانا الدين أن نتعمق في هذه الامـور مــع تركنا لاساسيات ديننا.
- فقد سأل الإمام الصادق (عليه السلام) سائل: الحور العين .. ما هي؟ وكيف خُلقت؟ ..
اهـي مثل نساء الدنيا؟ ام خلق خاص في الجنة ..
- فالتفت اليه الامام (عليه السلام) قائلاً: ما أنت و ذاك!
- يعني حسب التعبير الدارج: انت شعليك او أنت ياهـو الــل مالتك !
- عليك بالصلاة، فإنَّ آخِرَ ما أوصى به رسول الله « صلى الله عليه وآله » و حـــث عـلـيـه الـصـــلاة..
- واستمر الامام ببيان اهمية الصلاة.
🔕دقق .. كيف أنّ الإمام نهــى الـرجــل عـن السؤال في شيء لا يدخل في صُلب عقيدته، ولا يحمله مسؤولية ولا يدفعه لتغيير واقعه، وبدل ذلك حدثـــه عـــن فعل عبادي لابد أن يلتزم به!
فلذا رجائى من إخواني الشباب والشابات أن يبحثوا عن المعرفة الدينية ليل نهار،
- يتفقهوا في دينهم ..
فلا خير في شاب لا يتفقه و حكم شرعي تفقه به الحلال والحرام خير من الدنيــا ومـا فيهـا ! وفيه خير الدنيا والآخرة ..
- ولكنّهم إن ارادوا ذلك لابد أن يتركوا القشور ويبحثوا عن اللب .. يتركوا التفاصيل و يأخذوا الجوهر ..
رجائي أن يقرأوا - ويبحثوا ويناقشوا- في العقيدة، في القرآن و اياته في الكلمات الوضاءة الجميلة اللطيفة لأهل البيت عليهم السلام.. عن الآداب ، عن الأخلاق - وما ادراك ما الأخلاق؟!،
عن الحكمة..
ولكن في كل شيء يبحثوا عن (الأصل).. فالعلم نقطة كثرها الجاهلون!
وصيتي.. أن يبحثوا في الحيــاة عــن المعرفة، كما (يكرز) احدهم الحب، يهتم باللــب دون القشر .. فالفكر كحب دوّار الشمس .. لابد أن تكسر قشره لتصل الى اللب ..
وهل رأيت عاقلاً يتوقف عند القشر ويترك اللب.
- فكرز الحياة كثيراً، ولا تكرّز في الحياة كثيراً!
-------------------------------
خَوَاطِرٌ لِلشَبَابِ
السَّيد مُحْسِن المُدَرّسِي
تعليق