أن هَمَّ الأسرِ جُرحٌ لمّ ولنْ يندمل فينا آل البيت ،فأردت من يشاركني هذا الجُرح العميق ،ولن يكون هُنالك شخص يشعر بما جرى علينا أكثر من جدتي فاطمة الزهراء عليها السلام،
بعد أن وصلنا مدينة جدنا رسول الله ذهبت إلى قبر جدتي فاطمة الزهراء عليها السلام، اشكيها حالنا وإخبرها ما جرى علينا من مصائبً ومحن،
چثوت على رُكبتَيِ بأزاء قبرها وصرت اروي لها ماجرى علينا في طريق السبا من هموم وأحزان ، جدتي آه لو تعلمين ماجرى علينا من مصائب قد ظلمونا القوم وماراعوا قرابتا من رسول الله، قتلونا ونهبونا وساروا بنا أسرى من بلد إلى بلد كأننا خوارج،
جدتي سار الركب ومشت بنا القافلة نحو المجهول فبعد العز والهيبة التي كانت لنا ، والسيادة والقيادة، والنور والبهاء، وبعد ماكان من يرعى ركب قافلتنا سادة الناس عباد زهاد للحق قائلون، وللدِينِ ناصرون، وللعرضِ حافظون،
صار من يقود زمام نياقنا زبانية غلاض للحق رافضون، وللدين كارهون، فاين الثرى من الثرية؟
جدتي اركبونا نياقً هزيلة تحمل على ظهورها نساءً كريمة، واطفالاً هم مستقبل دين الإسلام منهم السيد وفيهم الإمام، وفي مقدمة الركب رأس أبي الحسين عليه السلام، ورأس عمي العباس قمر العشيرة،
وعلى ناقتةً هزيلة ربطوا أخي السجاد بالحديد، كان للقافلة هو القائد، تُسانده عمتي زينب عليها السلام كالجبل الشامخ،
ترعنا وتُسكنُ انيننا،
ساروا بنا دون رحمة أو حمية فآه آه ونحن بعد العز مسبيات وبعد الدلال باكيات، كيف اروي لكِ حال يتيم عطشان وحال يتيمة خائفة، وايس معنا ناصراً أو ولي ونحن بين إعداء لم يرحموا أبن بنت نبيهم، فكيف لهم ان يرحمونا؟
و كيف مسيرنا مع قومٌ في كل حين يهددوا بقتل أخي علي السجاد، ويضربونا بالسياط ويروعوننا دون خوفً من الله ولاحياءً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
جدتي سرنا في طريق وعر وفي مقدمة المسير رؤوس بني هاشم تعتلي الإسنة والرماح لا سيما رأس أبي الحسين وعمي العباس عليهم السلام ينظروا لنا بعين الحمى كأنهم يقولون لاتخافوا فأنى معكم لحمايتكم من هاولاء القوم الطغاة،
و بينما كنا في الطريق ولا زالت القافلة تسير سَقطتُ أنا من على ظهر الناقة وقلبي يخفق بحرقة والعين تدمع واللسان يلهج بذكر الله تعالى، لم يتحرك الرمح الذي يحمل رأس أبي الحسين من مكانه كأنه يقول لا اتحرك دون أن تنظم سكينة للقافلة، وهنا أدركت أن أبي لازال يحميني حتى وأن كان رأسه على رمح،
تعجب الجميع من هذا الموقف وإرادوا ان يحركوا الرمح لكن دون جدوى، حتى قال لهم أخي علي السجاد تفقدوا النساء والأطفال،
فلم يجودني بين النساء،بل كنت على الأرض اناجي الله من الخوف واتحمده على ما أنا فيه من مصيبة،
انظممت للقافلة وسار بنا الركب مرة اخرى، مررنا فيها بعدة مناطق واقوام فمنهم من ساعدنا ومنهم من جار علينا،
حتى وصلنا الشام وهناك تركنا اختي رقية في خربة الشام، آه من الشام وماجرى علينا لقد رضرب اللعين يزيد ثغر أبي الحسين بمخصرته وهو يشرب المنكر ويلعب مع القرود،
هذا جزءٌ يسير من حالنا في طريق السبا ياجدتي، فالمشتكى لله ولرسوله والجدي الكرار ولعمي جعفر الطيار هم خصمائهم يوم القيامة،
وكأن صوت من قبر السيدة الزهراء يقول سكينة قضي القضاء والنصرة للمتقين بنيتي أعلم بكل ماجرى عليكم سيحكم الله بيننا وبينهم والله خير الحاكمين