*
*المشكلة تتفاقم وعلاجها يحتاج إلى علاج*
-----------------------------------------
*● المرأة المؤمنة قادرة على أن تتجاوز كل أنواع العنف سواء كان من الأب، أو من الزوج، أو من الأخ، أو من الإبن*.
*● الإسلام ينظر الى الرجل و المرأة بعين عادلة*
*● سلب المرأة كرامتها يهيىء الأرضية لإنحرافها*
*● إذا وجدت المرأة الملاذ الآمن و المعاملة الطيبة فإنها لن تجرؤ على ارتكاب الجريمة*
*تحقيق : نرجس مرتضى الموسوي*
كل المشاكل تبدأ صغيرة ثم تتفاقم، و تتحول - من حيث ندري أو لا ندري - إلى كارثة تنفجر؛ فينجو منها من ينجو، و يقع البعض في شباكها؛ كتلك النخلة التي زرعها والدي في حديقة منزلنا، و أصبحت، بعد سنوات، باسقة، وأينع ثمرها الحلو المذاق. وفجأة، هوت تلك النخلة الى الأرض وسط نظرات استغراب من والدي. وعندما سأل المختص، قال : كانت المشكلة في جذورها؛ فالأرض صالحة، والمناخ ملائم؛ إلا أن عدم معرفة كمية الماء التي تحتاجها كان سبب موتها رغم جمالها و طولها.
إذن؛ لكل جريمة نسمعها جذر. وقد لا يبدو غريبا أن يكون الرجل مجرما؛ لكن الملفت للنظر ان تكون المرأة هي القاتلة، وهي التي خلقها الله مفعمة بالأنوثة و الحياء، وأغدق عليها العاطفة حتى جرت مجرى الدم في أوصالها. واليوم؛ يجب أن نفكر بعمق، ومن دون أن نبرر جريمتها: لماذا انتزعت من قلبها الرحمة، وتحولت إلى مجرمة؟!
*نظرية .. في البدء*
بداية؛ نذكر نظريةٌ تسمى ب "نظرية الإختلاط"، جاء بها العالم الأميركي إدوين سذرلاند(E-Sutherland)، تقول بأنّ السّلوك الإجرامي لا يُعدُّ سلوكاً يتناقل بالوراثة، وليس سلوكاً خُلُقيّاً أو نفسياً كذلك؛ بل هو سلوكٌ مُكتَسب يتعلّمه الفرد، كأيّ سلوكٍ آخر، من خلال البيئة المحيطة و المؤثرة فيه، حيثُ يدور محور هذه النّظرية حول أنّ الفارق بين ممارسات الأفراد يرتكز، بشكلٍ أساسي، على نوعية مجتمعه، و الأفراد الذين يُحيطون به و يختلط معهم.
مع هذه النظرية و تلك النخلة، تسلسلت في مخيلتي تساؤلات كثيرة و أنا أعد هذا التحقيق :
من يرتكب الجريمة ؟و هل عدد الرجال أكثر، ام النساء؟ و هل المتزوجات اكثر، ام العازبات؟ و هل تتمثل جرائم النساء في قتل الاولاد، ام الأزواج، ام الآباء، او الامهات؟ ثم؛ ما هي الدوافع الأكثر شيوعا؛ هل للسرقة، أم للانتقام، أم للدفاع عن النفس، أم لدوافع أخرى؟
*دوافع الجريمة*
----------------------
*حملت هذه الأسئلة، و طرحتها، أولا، على القانونية السيدة نادية شلاش من العراق؛ فسألتها أولا
*● لماذا ترتكب المرأة الجريمة ؟*
فأجابت :
- المرأة لا ترتكب الجريمة الا اذا دعتها الضرورة إلى ذلك كالدفاع عن النفس، أو الدفاع عن الغير، أو الدفاع عن الاولاد لدفع الضرر عنهم.
و واضح أن جرائم النساء أقل من جرائم الرجال؛ لأن هم المرأة هو أن يشبع الرجل رغباتها ماديا ومعنويا؛ فالرغبات المادية هي الأكل، و اللبس، و توفير السكن، و السفر. اما الرغبات المعنوية؛ فهي إحساسها بالأمن، و الأمان، و الحب، و السكينة.
*الجرائم و المحرمات*
------------------------------
*● إذن؛ متى تلجأ المرأة الى الجريمة ؟*
- تلجأ المرأة إلى الجريمة إذا أحست بالخيانة، أو عدم العدالة، أو التحريض، أو النقص، أو إنتهاك حرمتها بالاعتداء عليها، أو الاستفزاز ، أو الاستغلال؛ و نحو ذلك.
إذا نشأت المرأة في مجتمع يشكو من الضياع، أو المشاحنات الأسرية، أو عدم الإستقرار؛ فإنها تلجأ - حينذاك - إلى الطريق غير السوي، و بالتالي يؤدي بها الأمر إلى ارتكاب أفعال قد تكون مجرمة قانونا بغض النظر عما إذا كانت متزوجة، أو غير متزوجة؛ لأن العوز و الحرمان طريقان إلى ارتكاب الجرائم، و حتى اقتراف المحرمات.
*حذار من العنف الأسري*
-------------------------
*● ماذا عن العنف الأسري ؟ و كيف يمهد الطريق الى الجريمة ؟*
- هذا صحيح. فالعنف الأسري يؤدي الى انحراف المرأة، و بالتالي الى ارتكابها الجريمة.
و بالنسبة لغير المتزوجة؛ فإنها ستخرج عن المألوف إذا شعرت بالكبت، أو الحرمان مع التعنيف و الضرب؛ فتلجأ إلى ارتكاب الجريمة.
وكذلك المتزوجة إذا عوملت من قبل الزوج بمثل هذه المعاملة؛ فإنها قد تلجأ الى الإنتقام منه بزجه في جريمة مخدرات، أو إلصاق تهمة به لغرض التخلص من تعنيفه أو من ظلمه لها، و حتى قد تلجأ الى قتله.
*المرض النفسي و العقلي*
--------------------------
*● تتفاقم المشكلة إذا لجأت الأم ، بما هي أم، الى القتل؛ فكيف نتصور هذه الجريمة في المرأة اللطيفة الوديعة؟*
- الأم لا تلجأ إلى قتل اولادها الا إذا أصيبت بمرض نفسي أو عقلي. وهنالك الكثير من الزوجات اللائي قتلن أزواجهن للتخلص من عنفهم لهن، أو لأنهم قد خانوهن، أو تزوجوا عليهن، أو سرقوا ماعندهن من أموال أو مدخرات واستخدوها للزواج من نساء أخريات.
*دوافع قتل الوالدين*
---------------------------
*● و هل هناك حالات قتل للوالدين ؟ و ما هي دوافعها ؟*
- قليلا ما نسمع عن قتل الوالدين؛ و لكن هناك من تدفع والديها الى الإستجداء، أو زجهما في دور العجزة، أو حتى رميهما في الشارع؛ لكن قتلهما يكاد لا يكون.
إننا نشاهد، و نقرأ، و نسمع، عبر وسائل الإعلام المختلفة في الآونه الأخيرة، بأن هناك أمهات قتلن أولادهن، أو رمينهم من أعلى الجسور. ولو تتبعنا حالة مثل هذه الأم؛ لوجدناها مريضة نفسيا، أو أنها معنفة من قبل زوجها، وتعتقد بأن تخلصها من الأولاد يضر الزوج، أو يحرق قلبه، ولا تعلم بأنها هي أول من يقع عليها الضرر.
كذلك شاهدنا حرق الزوجة نفسها، أو أن الزوج أراد حثها على ذلك؛ فالإثنان يعتبران مساهمين في ارتكاب الجريمة؛ هو الحاث على الجريمة، وهي المنفذة لها.
*تفكك الأسرة*
--------------------
*و سألنا القانونية المصرية السيدة م.ع عن تفكك الأسرة؛ فأجابت
- العنف الأسري كان سبباً في تفكك الأسرة ونشوب الخلاف بين الزوجين أو انفصالهما, و يعد جرمًا يخالف الشرع القويم, والسلوكيات، والقيم الحميدة التي حثّ عليها ديننا الإسلامي الحنيف.
*أسباب العنف الأسري*
------------------
*● كثيرة هي أسباب العنف الأسري؛ فما هي أهم تلك الأسباب ؟*
- هناك أسباب مجتمعية، و هي مشاهدة أفلام العنف الشديد، والتأثر بها أكثر من اللازم، و أحداث العنف التي تنقل من خلال الأخبار في الفضائيات، و في شبكات التواصل الاجتماعي.
و هناك أسباب ذاتية للعنف الأسري، و هي تعاطي العقاقير المخدرة، والمسكرات، و كذلك الأمراض العقلية.
و هناك أسباب إجتماعية لهذه الظاهرة، و هي البطالة،والفقر، أو الدخل المحدود الذي لا يكفي احتياجات أفراد الأسرة، و كذلك المشاحنات المستمرة بين أفراد الأسرة، و البيئة المحيطة التي يعيش فيها الفرد مع أسرته، وكيف تؤثر على تصرفاتهم.
و يحدث العنف الأسري عبر ممارسات عديدة؛ كالإعتداء الجسدي مثل: الصفع، والضرب، والتهديدات بواسطة السلاح، و القتل، إضافة إلى الإعتداء الجنسيّ.
و من الأسباب، أيضا، الإساءة النفسية؛ كالتخويف والاضطهاد، و الإيذاء الاقتصادي.؛ كالحرمان من الأموال، و الغذاء، و الاحتياجات الأساسية، و من الرعاية الصحية، و من العمل.
أما التمييز على أساس الجنس في التغذية، والتعلیم، و إمكانية الوصول إلى هذه الحقوق؛ فهو انتهاك لحقوق المرأة والفتيات الصغيرات، و يُدرج كنوع من أنواع العنف الممارس ضدّها.
إن نسبة المجرمين من الرجال أعلى من النساء، كما أن نسبة
المتزوجات المجرمات أعلى من العازبات.
*قنبلة موقوتة*
--------------------
*وسألنا السيدة كوثر الخويلدي، مديرة مرصد حقوق المراة والطفل؛ فسألناها عن وجة نظرها حول جرائم النساء التي تحدث في الآونة الأخيرة، و لماذا خالفت فطرتها ؟ و ما هي اسبابها؟ فأجابت
- نعم؛ لقد كثرت في الآونة الأخيرة جرائم القتل، وأكثرها حدوثا قتل الزوج لزوجته، وقتل الآباء لأبنائهم، أو قتل الزوجة لزوجها، و كلها لا تخلو من الوحشية، و انعدام الضمير، و الإنسانية وضعف الواعز الديني.
و بالنسبة لأسباب قتل الزوجة لزوجها؛ فأنها كثيرة؛ أولها؛ توجيه العنف النفسي و الجسدي الدائم من قبل الزوج لزوجته، و حرمانها من أبسط حقوقها و هو الاحترام و التقدير؛ فإن أهانة الزوجة أمام أهل زوجها أو أطفالها وغيرهم، وتقليل شأنها، وسلبها كرامتها، كلها تؤدي إلى تحطيمها نفسيا و اجتماعيا، وبالتالي زرع بذور القسوة والإنتقام داخلها. ومع مرور الوقت وباستمرار التعنيف والظلم الموجه لها، ستنفجر قنبلة موقوتة لم تكن بالحسبان.
فالمرأة الصبورة التي تفتقد لثقتها بنفسها، و تفتقد للقوة التي تؤهلها للدفاع عن حقوقها ستتحول إلى وحش كاسر و نار حارقة منتقمة، ولا تأبه بالمجتمع، أو العادات، و التقاليد، والأعراف، و لا يهمها سوى الإنتقام ممن ظلمها، و أوصلها الى هذه الدرجة من الحقد و القسوة.
بالتاكيد إننا لا نبرّىء المرأة من هذا الجرم؛ لكن علينا أن ننظر إلى الأسباب التي جعلت منها قاتلة، و من ثم نسعى تلافيها، وحلها قبل أن تقع الكارثة. لنطبق حديث رسولنا الكريم، صلى الله عليه و آله، ونأخذه على محمل الجد حين قال : *" رفقا بالقوارير "* .
*فيض العاطفة*
---------------------
*و كان لابد أن نستطلع رأي الدين حول هذه الظاهرة الخطيرة؛ فتوجهنا بالسؤال الى سماحة العلامة الخطيب السيد علي الرضوي عن ذلك؛ فأجاب
- أساسا، الإسلام ينظر الى المرأة والرجل بعين عادلة ، وهي أن كل واحد منهما " انسان " .
فالاسلام، إذن، يكرّم المرأة كما أنّه يكرّم الرجل كما قال تعالى: *{ ولقد كرّمنا بني آدم }* وإن كانت تختلف وظائف كل واحد منهما عن الآخر.
و الانسان، بما هو مخلوق، جائز عليه الخطأ إلا اذا عصمه الله تعالى. ومهما كانت أسباب الخطأ؛ فإنّ الانسان المختار سيتحمّل العبء الأكبر من أخطائه الصادرة عنه باختياره، ويحاسب عليها؛ ولكن هناك أمورا - قد اعتنى بها الاسلام، أيضا، كما اعتنى بها العقلاء بما هم عقلاء - قد تهيّء الأرضية الخصبة لتحويل الانسان الى مجرم، أو تحويله الى إنسان عاقل متنوّر بهدى العقل، و منها الفقر الذي يوجب الفساد؛ ولذا سعى الإسلام لقلع مادة الفقر من المجتمع حتى قال الامام علي، عليه السلام : *" لو كان الفقر رجلا لقتلته "*.
و من هنا؛ فلابدّ من الاهتمام- كمجتمع- بتهيئة الأرضية لصلاح المجتمع، ويبقى الأمر أخيرا متوقفا على أرادة الانسان، وحفظ كرامة المرأة تكريم الله تعالى لها، و يصب في صلاحها، و أما سلبها كرامتها يهيىء الأرضية أمامها لتنحرف عن الصراط المستقيم؛ والله العاصم.
فلو أمعنا النظر في ما أوصى به رسول الله، صلى الله عليه و آله و سلم، مرارا وتكرار، و بأحاديث مختلفة حين يقول : *"إستوصوابالنساء خيرا "*.
و يقول : "
*"و اتقوا الله في الضعيفين: المرأة و اليتيم "*.
و يقول:
*" قول الرجل للمرأة : إني أحبك لا يذهب من قلبها أبدا"*.
و هذا يدل أن الله خلق المرأة و في فطرتها فيض من العاطفة؛ إلا أن بعضهن لا يملكن زمام عقولهن، وربما لو وجدت الملاذ الآمن والمعاملة الطيبة؛ فإنها لن تجرؤ على إرتكاب جريمة.
و تبقى المرأة المؤمنة قادرة أن تتجاوز كل أنواع العنف، سواء كان من الأب، أو من الأخ، أو من الزوج، أو من الإبن، و ذلك حين تعلم بأن الله لن يتركها وحيدة حين تطرق الأبواب طلبا للعون منه.
*● وماذا تقولون، سيدنا، أخيرا ؟*
- أخيرا أقول : أذا بكت طفلة، هل تحتاج إلى ما يسد جوعها، أم تحتاج إلى من يحتضنها، ويغدق عليها العاطفة؟
☆ ☆ ☆
*بعد هذا العرض حول تفشي جريمة القتل بين النساء، و دوافعها و تبعاتها؛ ألا يبدو أن علاج هذه الظاهرة يحتاج الى علاج؟! أم ماذا ؟*
*الجواب متروك لأصحاب القرار، و ذوي الإختصاص.*
*المشكلة تتفاقم وعلاجها يحتاج إلى علاج*
-----------------------------------------
*● المرأة المؤمنة قادرة على أن تتجاوز كل أنواع العنف سواء كان من الأب، أو من الزوج، أو من الأخ، أو من الإبن*.
*● الإسلام ينظر الى الرجل و المرأة بعين عادلة*
*● سلب المرأة كرامتها يهيىء الأرضية لإنحرافها*
*● إذا وجدت المرأة الملاذ الآمن و المعاملة الطيبة فإنها لن تجرؤ على ارتكاب الجريمة*
*تحقيق : نرجس مرتضى الموسوي*
كل المشاكل تبدأ صغيرة ثم تتفاقم، و تتحول - من حيث ندري أو لا ندري - إلى كارثة تنفجر؛ فينجو منها من ينجو، و يقع البعض في شباكها؛ كتلك النخلة التي زرعها والدي في حديقة منزلنا، و أصبحت، بعد سنوات، باسقة، وأينع ثمرها الحلو المذاق. وفجأة، هوت تلك النخلة الى الأرض وسط نظرات استغراب من والدي. وعندما سأل المختص، قال : كانت المشكلة في جذورها؛ فالأرض صالحة، والمناخ ملائم؛ إلا أن عدم معرفة كمية الماء التي تحتاجها كان سبب موتها رغم جمالها و طولها.
إذن؛ لكل جريمة نسمعها جذر. وقد لا يبدو غريبا أن يكون الرجل مجرما؛ لكن الملفت للنظر ان تكون المرأة هي القاتلة، وهي التي خلقها الله مفعمة بالأنوثة و الحياء، وأغدق عليها العاطفة حتى جرت مجرى الدم في أوصالها. واليوم؛ يجب أن نفكر بعمق، ومن دون أن نبرر جريمتها: لماذا انتزعت من قلبها الرحمة، وتحولت إلى مجرمة؟!
*نظرية .. في البدء*
بداية؛ نذكر نظريةٌ تسمى ب "نظرية الإختلاط"، جاء بها العالم الأميركي إدوين سذرلاند(E-Sutherland)، تقول بأنّ السّلوك الإجرامي لا يُعدُّ سلوكاً يتناقل بالوراثة، وليس سلوكاً خُلُقيّاً أو نفسياً كذلك؛ بل هو سلوكٌ مُكتَسب يتعلّمه الفرد، كأيّ سلوكٍ آخر، من خلال البيئة المحيطة و المؤثرة فيه، حيثُ يدور محور هذه النّظرية حول أنّ الفارق بين ممارسات الأفراد يرتكز، بشكلٍ أساسي، على نوعية مجتمعه، و الأفراد الذين يُحيطون به و يختلط معهم.
مع هذه النظرية و تلك النخلة، تسلسلت في مخيلتي تساؤلات كثيرة و أنا أعد هذا التحقيق :
من يرتكب الجريمة ؟و هل عدد الرجال أكثر، ام النساء؟ و هل المتزوجات اكثر، ام العازبات؟ و هل تتمثل جرائم النساء في قتل الاولاد، ام الأزواج، ام الآباء، او الامهات؟ ثم؛ ما هي الدوافع الأكثر شيوعا؛ هل للسرقة، أم للانتقام، أم للدفاع عن النفس، أم لدوافع أخرى؟
*دوافع الجريمة*
----------------------
*حملت هذه الأسئلة، و طرحتها، أولا، على القانونية السيدة نادية شلاش من العراق؛ فسألتها أولا
*● لماذا ترتكب المرأة الجريمة ؟*
فأجابت :
- المرأة لا ترتكب الجريمة الا اذا دعتها الضرورة إلى ذلك كالدفاع عن النفس، أو الدفاع عن الغير، أو الدفاع عن الاولاد لدفع الضرر عنهم.
و واضح أن جرائم النساء أقل من جرائم الرجال؛ لأن هم المرأة هو أن يشبع الرجل رغباتها ماديا ومعنويا؛ فالرغبات المادية هي الأكل، و اللبس، و توفير السكن، و السفر. اما الرغبات المعنوية؛ فهي إحساسها بالأمن، و الأمان، و الحب، و السكينة.
*الجرائم و المحرمات*
------------------------------
*● إذن؛ متى تلجأ المرأة الى الجريمة ؟*
- تلجأ المرأة إلى الجريمة إذا أحست بالخيانة، أو عدم العدالة، أو التحريض، أو النقص، أو إنتهاك حرمتها بالاعتداء عليها، أو الاستفزاز ، أو الاستغلال؛ و نحو ذلك.
إذا نشأت المرأة في مجتمع يشكو من الضياع، أو المشاحنات الأسرية، أو عدم الإستقرار؛ فإنها تلجأ - حينذاك - إلى الطريق غير السوي، و بالتالي يؤدي بها الأمر إلى ارتكاب أفعال قد تكون مجرمة قانونا بغض النظر عما إذا كانت متزوجة، أو غير متزوجة؛ لأن العوز و الحرمان طريقان إلى ارتكاب الجرائم، و حتى اقتراف المحرمات.
*حذار من العنف الأسري*
-------------------------
*● ماذا عن العنف الأسري ؟ و كيف يمهد الطريق الى الجريمة ؟*
- هذا صحيح. فالعنف الأسري يؤدي الى انحراف المرأة، و بالتالي الى ارتكابها الجريمة.
و بالنسبة لغير المتزوجة؛ فإنها ستخرج عن المألوف إذا شعرت بالكبت، أو الحرمان مع التعنيف و الضرب؛ فتلجأ إلى ارتكاب الجريمة.
وكذلك المتزوجة إذا عوملت من قبل الزوج بمثل هذه المعاملة؛ فإنها قد تلجأ الى الإنتقام منه بزجه في جريمة مخدرات، أو إلصاق تهمة به لغرض التخلص من تعنيفه أو من ظلمه لها، و حتى قد تلجأ الى قتله.
*المرض النفسي و العقلي*
--------------------------
*● تتفاقم المشكلة إذا لجأت الأم ، بما هي أم، الى القتل؛ فكيف نتصور هذه الجريمة في المرأة اللطيفة الوديعة؟*
- الأم لا تلجأ إلى قتل اولادها الا إذا أصيبت بمرض نفسي أو عقلي. وهنالك الكثير من الزوجات اللائي قتلن أزواجهن للتخلص من عنفهم لهن، أو لأنهم قد خانوهن، أو تزوجوا عليهن، أو سرقوا ماعندهن من أموال أو مدخرات واستخدوها للزواج من نساء أخريات.
*دوافع قتل الوالدين*
---------------------------
*● و هل هناك حالات قتل للوالدين ؟ و ما هي دوافعها ؟*
- قليلا ما نسمع عن قتل الوالدين؛ و لكن هناك من تدفع والديها الى الإستجداء، أو زجهما في دور العجزة، أو حتى رميهما في الشارع؛ لكن قتلهما يكاد لا يكون.
إننا نشاهد، و نقرأ، و نسمع، عبر وسائل الإعلام المختلفة في الآونه الأخيرة، بأن هناك أمهات قتلن أولادهن، أو رمينهم من أعلى الجسور. ولو تتبعنا حالة مثل هذه الأم؛ لوجدناها مريضة نفسيا، أو أنها معنفة من قبل زوجها، وتعتقد بأن تخلصها من الأولاد يضر الزوج، أو يحرق قلبه، ولا تعلم بأنها هي أول من يقع عليها الضرر.
كذلك شاهدنا حرق الزوجة نفسها، أو أن الزوج أراد حثها على ذلك؛ فالإثنان يعتبران مساهمين في ارتكاب الجريمة؛ هو الحاث على الجريمة، وهي المنفذة لها.
*تفكك الأسرة*
--------------------
*و سألنا القانونية المصرية السيدة م.ع عن تفكك الأسرة؛ فأجابت
- العنف الأسري كان سبباً في تفكك الأسرة ونشوب الخلاف بين الزوجين أو انفصالهما, و يعد جرمًا يخالف الشرع القويم, والسلوكيات، والقيم الحميدة التي حثّ عليها ديننا الإسلامي الحنيف.
*أسباب العنف الأسري*
------------------
*● كثيرة هي أسباب العنف الأسري؛ فما هي أهم تلك الأسباب ؟*
- هناك أسباب مجتمعية، و هي مشاهدة أفلام العنف الشديد، والتأثر بها أكثر من اللازم، و أحداث العنف التي تنقل من خلال الأخبار في الفضائيات، و في شبكات التواصل الاجتماعي.
و هناك أسباب ذاتية للعنف الأسري، و هي تعاطي العقاقير المخدرة، والمسكرات، و كذلك الأمراض العقلية.
و هناك أسباب إجتماعية لهذه الظاهرة، و هي البطالة،والفقر، أو الدخل المحدود الذي لا يكفي احتياجات أفراد الأسرة، و كذلك المشاحنات المستمرة بين أفراد الأسرة، و البيئة المحيطة التي يعيش فيها الفرد مع أسرته، وكيف تؤثر على تصرفاتهم.
و يحدث العنف الأسري عبر ممارسات عديدة؛ كالإعتداء الجسدي مثل: الصفع، والضرب، والتهديدات بواسطة السلاح، و القتل، إضافة إلى الإعتداء الجنسيّ.
و من الأسباب، أيضا، الإساءة النفسية؛ كالتخويف والاضطهاد، و الإيذاء الاقتصادي.؛ كالحرمان من الأموال، و الغذاء، و الاحتياجات الأساسية، و من الرعاية الصحية، و من العمل.
أما التمييز على أساس الجنس في التغذية، والتعلیم، و إمكانية الوصول إلى هذه الحقوق؛ فهو انتهاك لحقوق المرأة والفتيات الصغيرات، و يُدرج كنوع من أنواع العنف الممارس ضدّها.
إن نسبة المجرمين من الرجال أعلى من النساء، كما أن نسبة
المتزوجات المجرمات أعلى من العازبات.
*قنبلة موقوتة*
--------------------
*وسألنا السيدة كوثر الخويلدي، مديرة مرصد حقوق المراة والطفل؛ فسألناها عن وجة نظرها حول جرائم النساء التي تحدث في الآونة الأخيرة، و لماذا خالفت فطرتها ؟ و ما هي اسبابها؟ فأجابت
- نعم؛ لقد كثرت في الآونة الأخيرة جرائم القتل، وأكثرها حدوثا قتل الزوج لزوجته، وقتل الآباء لأبنائهم، أو قتل الزوجة لزوجها، و كلها لا تخلو من الوحشية، و انعدام الضمير، و الإنسانية وضعف الواعز الديني.
و بالنسبة لأسباب قتل الزوجة لزوجها؛ فأنها كثيرة؛ أولها؛ توجيه العنف النفسي و الجسدي الدائم من قبل الزوج لزوجته، و حرمانها من أبسط حقوقها و هو الاحترام و التقدير؛ فإن أهانة الزوجة أمام أهل زوجها أو أطفالها وغيرهم، وتقليل شأنها، وسلبها كرامتها، كلها تؤدي إلى تحطيمها نفسيا و اجتماعيا، وبالتالي زرع بذور القسوة والإنتقام داخلها. ومع مرور الوقت وباستمرار التعنيف والظلم الموجه لها، ستنفجر قنبلة موقوتة لم تكن بالحسبان.
فالمرأة الصبورة التي تفتقد لثقتها بنفسها، و تفتقد للقوة التي تؤهلها للدفاع عن حقوقها ستتحول إلى وحش كاسر و نار حارقة منتقمة، ولا تأبه بالمجتمع، أو العادات، و التقاليد، والأعراف، و لا يهمها سوى الإنتقام ممن ظلمها، و أوصلها الى هذه الدرجة من الحقد و القسوة.
بالتاكيد إننا لا نبرّىء المرأة من هذا الجرم؛ لكن علينا أن ننظر إلى الأسباب التي جعلت منها قاتلة، و من ثم نسعى تلافيها، وحلها قبل أن تقع الكارثة. لنطبق حديث رسولنا الكريم، صلى الله عليه و آله، ونأخذه على محمل الجد حين قال : *" رفقا بالقوارير "* .
*فيض العاطفة*
---------------------
*و كان لابد أن نستطلع رأي الدين حول هذه الظاهرة الخطيرة؛ فتوجهنا بالسؤال الى سماحة العلامة الخطيب السيد علي الرضوي عن ذلك؛ فأجاب
- أساسا، الإسلام ينظر الى المرأة والرجل بعين عادلة ، وهي أن كل واحد منهما " انسان " .
فالاسلام، إذن، يكرّم المرأة كما أنّه يكرّم الرجل كما قال تعالى: *{ ولقد كرّمنا بني آدم }* وإن كانت تختلف وظائف كل واحد منهما عن الآخر.
و الانسان، بما هو مخلوق، جائز عليه الخطأ إلا اذا عصمه الله تعالى. ومهما كانت أسباب الخطأ؛ فإنّ الانسان المختار سيتحمّل العبء الأكبر من أخطائه الصادرة عنه باختياره، ويحاسب عليها؛ ولكن هناك أمورا - قد اعتنى بها الاسلام، أيضا، كما اعتنى بها العقلاء بما هم عقلاء - قد تهيّء الأرضية الخصبة لتحويل الانسان الى مجرم، أو تحويله الى إنسان عاقل متنوّر بهدى العقل، و منها الفقر الذي يوجب الفساد؛ ولذا سعى الإسلام لقلع مادة الفقر من المجتمع حتى قال الامام علي، عليه السلام : *" لو كان الفقر رجلا لقتلته "*.
و من هنا؛ فلابدّ من الاهتمام- كمجتمع- بتهيئة الأرضية لصلاح المجتمع، ويبقى الأمر أخيرا متوقفا على أرادة الانسان، وحفظ كرامة المرأة تكريم الله تعالى لها، و يصب في صلاحها، و أما سلبها كرامتها يهيىء الأرضية أمامها لتنحرف عن الصراط المستقيم؛ والله العاصم.
فلو أمعنا النظر في ما أوصى به رسول الله، صلى الله عليه و آله و سلم، مرارا وتكرار، و بأحاديث مختلفة حين يقول : *"إستوصوابالنساء خيرا "*.
و يقول : "
*"و اتقوا الله في الضعيفين: المرأة و اليتيم "*.
و يقول:
*" قول الرجل للمرأة : إني أحبك لا يذهب من قلبها أبدا"*.
و هذا يدل أن الله خلق المرأة و في فطرتها فيض من العاطفة؛ إلا أن بعضهن لا يملكن زمام عقولهن، وربما لو وجدت الملاذ الآمن والمعاملة الطيبة؛ فإنها لن تجرؤ على إرتكاب جريمة.
و تبقى المرأة المؤمنة قادرة أن تتجاوز كل أنواع العنف، سواء كان من الأب، أو من الأخ، أو من الزوج، أو من الإبن، و ذلك حين تعلم بأن الله لن يتركها وحيدة حين تطرق الأبواب طلبا للعون منه.
*● وماذا تقولون، سيدنا، أخيرا ؟*
- أخيرا أقول : أذا بكت طفلة، هل تحتاج إلى ما يسد جوعها، أم تحتاج إلى من يحتضنها، ويغدق عليها العاطفة؟
☆ ☆ ☆
*بعد هذا العرض حول تفشي جريمة القتل بين النساء، و دوافعها و تبعاتها؛ ألا يبدو أن علاج هذه الظاهرة يحتاج الى علاج؟! أم ماذا ؟*
*الجواب متروك لأصحاب القرار، و ذوي الإختصاص.*