خمنت وجوده في كربلاء، وصدق التخمين، حين التقيته، قلت له: سيدي يا جابر الانصاري، نحن مقبلون على استشهاد سيدي السجاد، الذي أريد أن نقف عنده: ماذا تعني الألقاب عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، أجابني:ـ إن ألقاب الأوصياء (عليهم الصلاة والسلام)، لقبهم الله تعالى بها أولاً، وأكثر أسماء رسول الله (ص)، وألقابه التي خصه الله بها، ليست للتعريف والعَلَميَّة فقط، وإنما هي لتعظيمه وتبجيله (ص)، كذلك الكلام في كثرة أسماء حجج الله، أئمة المؤمنين الاثني عشر من أهل بيته، وألقابهم التي أوحى الله تعالى بها إلى رسول الله (ص)، كلها تنبئ عن مكانتهم عند الله تعالى، واستحقاقهم التحميد والتشريف لديه تعالى، الأئمة (صلوات الله وسلامه عليهم)، رأى الناس فيهم أسباباً تدعوهم إلى إطلاق تلك الألقاب نفسها عليهم.
قلت: يا سيدي جابر، يعني أن تلك الألقاب طوعية، جاءت اثر موائمة مع السجايا والسمات والصفات، ومنها صفات العصمة؟
أجابني:ـ تلك الألقاب توقيفية، أخبر بها الرسول (ص) عن بعض الكتب السماوية، أو طلب (صلى الله عليه واله وسلم) منهم إطلاقها على بعض الأئمة (صلوات الله وسلامه عليهم)، وفي بعضها: إن الله سبحانه هو الذي سماهم بتلك الأسماء بعضها: إن جبرئيل جاءهم بها.
إن الناس كانوا يهتدون إلى تلك الألقاب، ويطلقونها عليهم بالاستناد إلى الواقع الذي يشاهدونه، إلى الوقائع التي رأوها ووعوها.. أو بملاحظة كلام صدر في حقهم من الله ورسوله.
اللقب جاء عن الله ورسوله بصورة مباشرة، توافقت الوقائع والأحداث مع النص والتوفيق، ظهر المزيد من التشريف، والتكريم، لصفوة الخلق (صلوات الله وسلامه عليهم).
قال الإمام الباقر (عليه السلام): إنا لنكني أولادنا في صغرهم؛ مخافة النبز أن يلحق بهم، ومن الواضح أن النبز كما يكون بالكنية، كذلك يكون باللقب، يحتاج لكي يجتنب ذلك إلى أن يلقب المولود ويكنى، يكون قوله (عليه السلام)، مشيراً إلى أن ألقابهم تأتيهم من قبل آبائهم منذ ولادتهم (عليهم السلام).
قلت: وألقاب السجاد كثيرة؟
أجابني جابر الأنصاري:ـ لتنوع تلك الصفات والسمات لُقب الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) بمجموعة من الألقاب، ومنها:
زين العابدين: لقبه النبي الأكرم (ص) بهذا اللقب، لكثرة عبادته، و عُرف بهذا اللقب.
ذو الثفنات: عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: كان لأبي (عليه السلام) في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات.
السجّاد: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) إن أبي علي بن الحسين (عليه السلام) ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية فيها سجود إلا سجد، ولقب بالزكي والأمين وجميع هذه الألقاب قليلة بحقه (سلام الله عليه).