تتفاخر الجامعات العلمية العالمية في شتى بقاع العالم برصانة كلياتها، ومضمون دراستها الأكاديمية والانسانية التي تُقدم بأفضل الاساليب العصرية، ناهيك عن التباهي بخريجيها، وتصدرهم للتفوق العلمي وبشتى مجالاته.
لذا بتنا نشهد في الآونة الاخيرة تسابقاً ملحوظاً وكبيراً بين مختلف هذه الجامعات العالمية، كلٌ منها يرنو تصدر قائمة الجامعات المتميزة، ليفرز لنا هذا التسابق افتتاح العديد من المؤسسات العلمية الجديدة المتمايزة بين فترة واخرى، لتتقدم بصدارة التصنيف العالمي، وتدار نحوها بوصلة الاضواء والشهرة, ويكون لها الدور الاكبر في صقل مواهب الطلبة وتخريجهم على النحو الافضل.
ونسي العديد منا وبعضهم تناسى جامعة رصينة وعظيمة بقدرها، وان كانت صغيرة بحجمها تلك التي ارادوا اخفاءها في شتى الأزمان والعصور، وبمختلف الاساليب القمعية والهمجية، لكنها بقيت شامخة تتنقل بين البيوتات والازقة وحتى بين المحال التجارية الصغيرة, تقبل بين صفوفها الجميع, ولا تشترط حصول المقبول على اي شهادة اكاديمية, والاعمار فيها غير محددة بشرط, لتجد بين صفوفها الطفل الرضيع بين يدي امه والكهل الكبير المتكئ على عصاه, ومختلف الاعمار والاجناس كلٌ ينهل منها على قدر فمهمه وتركيزه.
تمتاز برصانة طرحها وندارة معلوماتها، فهي تقدم افضل وانقى المعلومات الدينية والدنيوية بالإضافة الى الاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها..., تجد فيها اساتذة كفؤين سهروا الليل وما برحوا النهار في سبيل افاضة المتلقي بتلك المعلومات القيمة, تخرج منها العديد وما زالوا يحضرون بين اروقتها الايمانية، فدروسها بالمجان وموجود في كل الاماكن والأزمان.
نعم انها جامعة المدرسة الحسينية والتي تتجسد في المنبر الحسيني وتأثيره الفاعل في المجتمع عامة والتي نحضر بين صفوفها مذ كنا صغارا نتنقل بين الحسينيات والمساجد والبيوتات الصغيرة لنستقي منها علوم آل محمد (عليهم افضل الصلاة والسلام).
العودة الى رحاب الجامعة الصغيرة والكبيرة بعظمتها ما هو الى بداية السير في درب الحق القويم؛ لأن الدروس والعبر تستخلص من تلك الاعواد الخالدة والتي بدأها الامام زين العابدين (عليه السلام) في مجلس اول من اراد اطفاء النور الالهي، لكنهم جميعا نسوا بأن الله (جل وعلا) ابى الى ان يتم ذلك النور السرمدي.