كنت أتابع حديثها وهي تشكو بتذمر وكأن الدنيا ستنتهي بعد قليل، لم يكن حديثاً بالأصل بل هو صراخ وتمرد على الواقع. لماذا تغيرت إلى هذا الحد؟
قلت ذلك وأنا أشاهد هذا الحدث الذي أعدته عشرات المرات، كان مقطعاً بالصوت والصورة لأم يعلو صراخها على الطفل الذي لا يفهم حلول هذه المرأة. أنا تلك الأم، نعم إنها أنا. حاولت كثيراً أن لا أشكو سلوك طفلي الذي لم يفهم تفكيري دفعة واحدة، تحول حرصي الشديد إلى شكوى وإسقاط مما جعل نفسي في تغافل عن حقائق الأمور.
كانت النتائج تأتي عكسيةً تماماً، فبدلاً من أن يسمع ولدي ما آمره به صار يفعل ما يغضبني.
(كثرة الشكوى تورث الهم) كانت هذه العبارة حبل نجاة بالنسبة لي عندما سمعتها من التلفاز، صرت أفكر فيها كثيراً، بينما كان يشغلني تغير سلوك طفلي الذي صرت أفقد السيطرة عليه. هنا فقط تبينت لي الحقائق.
* * * *
من منا لا يكون حريصاً في حياته؟! ولكن الحرص لو زاد عن حده سيتحول إلى نتائج لا تحمد عقباها كما حصل معي بالضبط. فالشكوى لها عدة أبواب في النفس أحياناً تتكون من الحسد أو الكره أو التذمر أو الملل أو الجزع أو عدم فهم الأمور، أو تجيء من الإهمال وحتى من الحرص إذا بالغنا فيه. فالننتبه أن حرصنا بهذه الطريقة سيأخذ منحنِ سلبياً وينكعس ذلك باكتساب طبائع تخرب الروح وتعيث في صفائك الذهني وعلاقتك مع الله ومع الآخرين. حتى تجد أن حياتك أصبحت مملة وضيقة وأنك في هم وغم لا تعرف ماذا تفعل ولماذا تغيرت أحوالك رأساً على عقب..علينا أن نتابع سلوكنا جيداً حتى لو كان مع طفل، أن نراقب علاقتنا مع أنفسنا، أن نرجع إلى الله ونعالج الاشكاليات كي لا نفقد أنفسنا ونفقد الآخرين.
أعجبني
تعليق