يقول راوي القصّة:
بعد ان انتهينا من واجبات الخدمة الحسينية وتوجه الزوار إلى النوم واطفأت الاضواء يجلس خدمة الحسين عليه السلام يخططون ليوم غد ماذا يقدمون ويتحدثون عن نوادر الصور التي مرت بهم، واردت استثمار الفرصة فسألت الحاج نجاح الزيادي وهو من القدماء في التوجه إلى كربلاء سيرا على الاقدام وسألته اخبرني عن امر عجيب ويصح ان يقال عنه معجز سمعته او شهدته؟
فقال لي: حدث امر عجيب جدا مع المرحوم السيد محسن ابو طبيخ وهو من مؤسسي الشهرية.
فقلت: وما هي الشهرية؟
فقال: هناك مجموعة من الناس ملتزمة شهريا تذهب سيرا على الاقدام لزيارة الامام الحسين عليهم السلام والمرحوم السيد محسن ابو طبيخ يعد من مؤسسي هذا الامر وهو من الشخصيات المعروفة في النجف الاشرف بهذا الامر ومن القدماء ويعد كما يصطلح عليه باللجهة العامية (من اهل الله).
فقلت وما هي قصته؟
قال: اخبرت قصته للمرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم بعد سقوط الصنم فقال لي السيد المرجع اريد ان تاتيني بالسيد محسن ابو طبيخ لكي اسمعها منه شخصيا.
وبالفعل جلبت السيد محسن ابو طبيخ إلى سماحة المرجع الحكيم (دام ظله).
فقال له سماحة المرجع الحكيم: اخبرني بقصة العنب
فقال السيد محسن ابو طبيخ: سيدنا مو نجاح سولفه الك
فقال المرجع الحكيم: لا اريد اسمع القصة منك شخصيا
فقال السيد محسن ابو طبيخ: فد يوم انطلقت للزيارة سيرا على الاقدام انا ومعي عبد الرضا سياب الشكرجي (شاعر معروف) بعد ان بتنا في خان النص (نقطة تمثل منتصف الطريق بين النجف وكربلاء المقدسة) وانطلقنا من خان النص بعد ان افطرنا وسرنا مسافة شعرت باني اعاني من الحمى الشديدة بحيث ما عدت اقوى على السير فقلت لعبد الرضا اجلس ووضعت راسي في حجره وتمددت على جانب الطريق بين النجف وكربلاء (وكان حينها احادي الجانب) والحمى اخذت مني مأخذها والحاج عبد الرضا يظلل علي بشمسية.
وفي هذه الحالة قال لي عبد الرضا: سيد محسن شنو تشتهي؟..( من الواضح ان الحاج عبد الرضا رحمه الله اراد ان يشغل المرحوم السيد محسن ابو طبيخ عن ألم الحمى بالحوار والمزاح معه)
فقال: مشتهي عنب
فقال عبد الرضا: واحد يشتهي فد شيء موجود (اشارة الى انتهاء موسم العنب)
فقال سيد محسن: انت سألتني ماذا تشتهي ولم اقل لك اجلب لي عنب
وبعد مسافة من الزمن وقف باص لنقل المسافرين قادم من كربلاء على جانب الطريق ونزل منها رجل دين معمم ويؤشر للحاج عبد الرضا سياب الشكرجي بالقدوم إليه.
فقال الحاج عبد الرضا: سيد محسن هذا واحد معمم نزل من الامانة (باص نقل الركاب) يؤشر لي بان اتوجه له
فقال السيد محسن: اي روح شوف شنو يريد منك
فتوجه اليه الحاج عبد الرضا فاعطاه المعمم سلة فيها عنب فاستغرب الامر خصوصا انه ليس موسم تواجد العنب.
فقال الحاج عبد الرضا الشكرجي للمعمم: تعال عمي هاي شنو السلة مالت العنب؟
فقال المعمم: والله ما ادري انا كنت جالس في الامانة فجاء شيخ معمم وقال لي انت ذاهب إلى النجف؟ فاجبته نعم فقال: خذ سلة العنب هذه معك.
فقلت له ولمن اعطيها؟ فقال اعطيها في الطريق لزوار والعلامة سوف تجد شخصين واحد نائم والثاني يحمل شمسية فوق رأسه.
والان قدمت ولم اجد في الطريق غيركما شخص نائم وانت تحمل الشمسية له.
فجاء الحاج محمد رضا الشكرجي إلى السيد محسن ابو طبيخ بالعنب فقال السيد محسن: سولف لي شنو قصة العنب هذا؟
فاخبره الحاج عبد الرضا بالقصة فبادر السيد محسن ابو طبيخ بالبكاء وقال: هل تعرف من اين هذا العنب؟ انه من الحسين عليه السلام ارسله بيد حبيب واعطاه بيد هذه المعمم ليوصله لنا.
فباشرت باكل العنب انا والحاج عبد الرضا وسيدنا ما ان انتهيت من العنب قمت من مكاني سالم معافى واكملت المسير إلى كربلاء.
ويكمل لي الحاج نجاح الزيادي القصة قائلا: عندما انتهى السيد محسن ابو طبيخ من سرد القصة لسماحة المرجع الحكيم واراد وداعه هم لتقبيل يد المرجع فابى المرجع الحكيم (دام ظله) وقال للسيد محسن ابو طبيخ: انت اكلت العنب وانا لم آكل منه.
واقول يلوموننا في عشق الحسين عليه السلام فانظروا لمن نعشق بعين الحقيقة وحينها ربما تدركون شيئا وتفهمون اجوبة لاسئلة كثيرة تطرح.
اسئلة عجزت القواميس وابيات الشعر ان تجيب عنها...
تعليق