جاهد نفسك
بعث رسول الله (صلِ الله عليه وعلى ال بيته) سرية فلما رجعوا قال :
مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر
قيل:يارسول الله ! وما الجهاد الاكبر ؟!
قال : جهاد النفس
ثم قال (ص) " افضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه "
كانت الليلة ليلة أم سلمة فذهب النبي (ص ) الى بيتها ليقضي ليلته هناك وعندما اسدل الظلام سدوله وضرب السكون سرادقة على البيت نهض النبي (ص) من فراشه دون ان تحس به ام سلمة وانتحى زاوية من البيت فلما انتبهت دهشت لعدم وجوده على الفراش فداخلها ما يداخل النساء عادة فهبت تطلبه في جوانب البيت فألقته قائما في زاوية منه يدعو ويبكي ويقول:
"اللهم لاتنزع مني صالح ما اعطيتني ابدا اللهم لاتشمت بي عدوا ولا حاسد ابدا اللهم لاتردني في سوء استنقذتني منه ابدا اللهم ولاتكلني الى نفسي طرفة عين ابدا "
فأثرت فيها حالة الرسول تلك تأثيرا شديدا فانفجرت باكية فانتبه النبي (ص) لبكائها فذهب اليها وسألها :"مايبكيكِ"؟
فأجابت: لمَ لا ابكي ؟
انت بالمكان الذي انت به من الله ومع هذا تسأله ان لايكلك الى نفسك طرفة عين ابدا فكيف بي ؟
فقال (ص) " يا ام سلمة ومايؤمنني وقد وكل الله يونس بن متى الى نفسه طرفة عين وكان منه ماكان "؟
هكذا يعلمنا رسول الله في التعامل مع النفس فلكي لا يكلنا الله الى انفسنا يلزم لنا ان نجاهدها كما لو كانت اعداء بالنسبة لنا
ارأيت الواحد منا كيف يتعامل مع عدو له ويجاهده؟
انه يعد ما استطاع من قوة وارادة ويترصد بالعدو اي ثغرة يحاول النفوذ والهجوم منها ويستخدم الذكاء في الحاق الهزيمة به وهكذا الحال بالنسبه للنفس فهي يجب ان تعامل وتجابه بالقوة والشدة لا باللين والميوعة ومن صور هذا التعامل اجهادها وعدم الرفق بها والرد منها عند الشهوات (العياذ بالله ) وتجنب خدعها وعدم تحقيق لها مايكرهه العقل واختيار اصعب الاعمال لان فضل الاعمال مااكرهت النفس عليه يقول الامام علي (ع) في وصف المتقين "ان استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما هويت "
ومتى ما جاهدنا انفسنا خلقنا الارضية السليمة لان نحقق الفلاح في الدار الاخرة والدار الدنيا وان نكون لبنات صالحة وفعالة في الاجتماع وكان بوسعنا ان نتعامل مع عباد الله بشكل يرضيه تعالى ومن اهم صور مجاهدة النفس نهيها عن هواها.
تعليق